ملفات وتقارير

الإثنين - 07 سبتمبر 2020 - الساعة 06:06 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى برس/ تقرير خاص:


كانت المطالبات الشعبية تحث الحكومة للانسحاب من اتفاق ستوكهولم وتدارك فرصة ثمينة في مرحلة حرجة يحشد الحوثيون فيها قواتهم بكثافة نحو مارب، التي باتت تواجه خطرًا داهمًا هو الأشد عليها منذ بدء الحرب في مارس 2015م.

ولعل الحكومة المقيمة في الرياض فاقت من سباتها العميق، وبدأت تنظر إلى اتفاق ستوكهولم بنوع من الجدية، حتى راحت تلوح بورقته في أفق مشحون بغبار الحرب، يبدو أنه لا يعني الأمم المتحدة هذه المرة، التي تظهر في مواقفها دائماً وكأنها سند للحوثيين، كما هي المعطيات على الواقع.

عندما كانت القوات المشتركة -وهي تحالف عسكري يجمع قوى وطنية يمنية تعمل في الحديدة والساحل الغربي- على وشك الوصول إلى ميناء الحديدة الذي كان يظهر في عدسات الإعلام العسكري ككنزٍ ثمين اقترب سقوطه في أيدي هذه القوات، استعجلت الأمم المتحدة وألقت بكل ثقلها بهدف وقف هذا الزحف الذي لم يتوقف من باب المندب حتى وصل إلى مدينة الحديدة.

تقول وزارة الخارجية، في بيان نشرته على موقعها الرسمي في "تويتر"، إن بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، أصبحت مقيدة وتحت رحمة المليشيات الحوثية. وبات أستمرار عملها في ظل هذا الوضع أمراً غير مجد!

وأكدت الوزارة، في البيان الذي ترافق مع التحشيد الحوثي تجاه مأرب، أن المليشيا الحوثية، تستمر في تقويض تنفيذ مقتضيات اتفاق الحديدة وعمل البعثة الأممية وتقييد حريتها وحركتها ورفض إزالة الألغام أو فتح الممرات الإنسانية أو السماح لدوريات الأمم المتحدة بالتحرك داخل المدينة.

بيان الخارجية الذي كان عبارة عن رسالة وجهت إلى المبعوث الأممي نهاية الشهر الماضي، ونشر الليلة الماضية بشكل رسمي، قال إن البعثة لم تتمكن من التحقيق في استهداف الحوثيين لضابط الارتباط الحكومي العقيد محمد الصليحي الذي يفترض أن يحظى بحماية البعثة، حيث رفض الحوثيون التحقيق وقاموا بتفجير نقطة المراقبة التي تم فيها الاستهداف لتقويض أي عملية تحقيق من قبل الأمم المتحدة.

وذكر البيان أن وتيرة خروقات المليشيا الحوثية لوقف إطلاق النار في الحديدة، تصاعدت بشكل كبير، حيث بلغت خلال شهر يوليو 2020 (7378) خرقا نتج عنها خسائر بشرية بلغت 97 شخصا بينهم 14 شهيدا و83 جريحا منهم 3 مدنيين.

وأشارت إلى استمرار الحوثيين باستخدام الحديدة كمنصة لهجمات الطائرات بدون طيار والزوارق المفخخة والمسيرة عن بعد، وكذا استغلال اتفاق الحديدة للتحشيد في محافظتي الجوف ومأرب.

‏في الختام، طالبت الحكومة اليمنية بضرورة: التحقيق الشفاف والشامل في الاستهداف الإجرامي للعقيد الصليحي، ونقل مقر البعثة الأممية إلى مكان محايد في الحديدة، وتأمين عمل البعثة الأممية بما يضمن تنفيذ البعثة لولايتها المحددة بموجب قرار مجلس الأمن 2452.

لكن في نظر مراقبين، فالبيان لا يلبي موقفاً شعبياً ولا رسمياً، وحمل صيغة ركيكة، كان يفترض أن تكون أكثر صرامة إذا كان أمر مأرب يعني الحكومة فعلاً، خاصة وأن الوقت بدأ ينفد لصالح المليشيا الحوثية التي استفادت من اتفاق ستوكهولم وتجميد القتال في الحديدة، في تفعيل جبهات أخرى.

ينظر الحوثيون لمارب، على أنها غنيمة كبيرة، يتوقون إلى نفطها لإنهاء أزمة المشتقات النفطية لديهم، وليس ذلك فحسب، فمارب إذا ما سقطت بأيديها، فإن ذلك يعني مكسباً عسكرياً وسياسياً واستراتيجياً لمليشيا الحوثي التي حضرت لهذا الهجوم منذ أشهر، أي منذ سقوط محافظة الجوف بأيدي مقاتليها.

لقد أصبح الانسحاب من اتفاق ستوكهولم ضرورة ملحة لإنقاذ مارب، فلا يمكن ردع المليشيا في الشرق، إلا بفتح خط المواجهة في الغرب، في الحديدة التي تفوق مارب في أهميتها بالنسبة للحوثيين، كونها سلة الربح الاقتصادي وممر التهريب الإيراني إلى المليشيا؛ لكن كل هذا تحدده الحكومة بموقفها، وهو موقف لا يزال هزيلاً حتى اللحظة.