الأربعاء - 18 نوفمبر 2020 - الساعة 06:45 م بتوقيت اليمن ،،،
مدى برس/ فرانس 24:
انتشر الفيلم الوثائقي "هولد آب" بشكل واسع على الإنترنت، وتشاركه عدد من النجوم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه كان محط عدة انتقادات كبيرة من الطبقة السياسية بسبب محتواه. ويزعم الفيلم، المروج لنظرية المؤامرة، أنه يكشف "عصابة" دولية حول فيروس كورونا. فكيف يمكن تفسير شعبية هذا الوثائقي الذي جمع بين الأكاذيب والتشكيك؟
تحول الفيلم الوثائقي "هولد آب"، ومدته ثلاث ساعات تقريبا، إلى ظاهرة يتحدث عنها الجميع في فرنسا، خصصت مشاهده لمهاجمة تدابير إدارة أزمة جائحة كورونا، واستجوب فيه أكثر من 30 شخصا، بدءا من سائق التاكسي إلى الأخصائي في الأمراض المعدية المثير للجدل كريستيان بيرون، بل والوزير السابق فيليب بلازي الذي ندد بالفيلم بعد نشره.
الفيلم يعتبر أنه يكشف "أكاذيب" الحكومة حول فيروس كورونا والمؤامرة العالمية التي تهدف لمراقبة الشعوب. وتمت مشاركته بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ بثه في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني، علما أن تمويله كان عبر حملة من التبرعات على الإنترنت.
وسارع العديد من السياسيين لانتقاد مضامينه، فيما قامت وسائل إعلام كبرى بينها صحيفتا "لوموند" و"ليبيراسيون" بمجموعة من التحريات حوله.
وأمام الجدل الكبير الذي أثاره هذا الفيلم، وهو من توقيع الصحافي السابق بيير بارنيرياس، تم سحبه من العديد من المنصات قبل أن تظهر مئات النسخ منه على يوتيوب خاصة.
ونتيجة للدعم الذي ناله من قبل بعض النجوم على غرار الممثلة صوفي مارسو، تمكن "هولد آب" من تجاوز الدائرة الضيقة للمعتنقين لنظرية المؤامرة، وأصبح مشاهدته متاحة لعامة الناس. ومنذ نشره حتى الآن، حصد أكثر من 2.5 مليون مشاهدة.
ولا تزال مقتطفات منه تروج على مواقع التواصل، ويتم تبادلها على إنستاغرام وحتى سناب شات الذي تقبل عليه فئة المراهقين والشباب.
لماذا نجح الفيلم في الانتشار؟
نجاح الفيلم يعود لإخراج متقن، اعتمد منهجية إنجاز الأفلام الوثائقية الاستقصائية مع موسيقى تبعث على القلق واستجوابه خبراء. يرى سيلفان ديلوفيه، الباحث في علم النفس الاجتماعي بجامعة رين 2، "أنه فيلم في لبوس شريط وثائقي، لكنه ليس فيلما وثائقيا صحفيا. هناك هدف واحد: نقل فكرة أن هناك مؤامرة عالمية واسعة".
وتتجسد قوة الفيلم أيضا في أنه مزج بين الأسئلة المشروعة والإيحاءات الخيالية بلمسات صغيرة. "على عكس فيديوهات أخرى، ستلاحظ أنه يجب الانتظار بعض الوقت قبل أن تنطلق آلة المؤامرة في العمل. أما في بداية الفيديو، تسود نبرة الشك والعقل النقدي".
يبدأ الفيلم بطرح جملة من الأسئلة والانتقادات التي ظهرت في النقاش العام منذ الربيع الماضي حول ارتداء الكمامات، والآثار الضارة المحتملة للحجر الصحي، وأصل الفيروس أو دور جماعات الضغط الصيدلانية. علما أنه "من سمات خطاب المؤامرة خلط الحقيقة مع التفسيرات الخاطئة والأكاذيب".
مثال على ذلك، تقرير لمجلس الشيوخ حول إنفلونزا الخنازير H1N1 الذي نُشر في يوليو 2010. "أعضاء مجلس الشيوخ يذهبون إلى حد التنديد بوباء زائف"، يزعم التعليق الصوتي في الفيلم. في الواقع، تم تحريف هذه الوثيقة باتهام أعضاء مجلس الشيوخ أنهم قالوا عن منظمة الصحة العالمية أنها هي التي اخترعت الوباء. فيما كانت الوثيقة تشير إلى أسوأ الانتقادات التي وجهت لمنظمة الصحة العالمية وقتها.
كيف حاول الفيلم إقناع الجمهور؟
يستخدم "هولد آب" تقنية معروفة، تعتمد على أسلوب "مؤامراتي" يرتكز على مراكمة الحجج لترسيخ انطباع لدى الجمهور أن كل ما يعرضه متماسكا دون أن يترك له مجالا للتفكير.
وتتمثل إحدى نقاط القوة في الفيلم الوثائقي أيضا في تجميع نظريات المؤامرة المختلفة: كمامات عديمة الفائدة، فعالية مؤكدة للهيدروكسي كلوروكين، الصلات مع شبكات الجيل الخامس 5G، وحكومة عالمية لاستعباد الشعوب...
"إنه وعاء فاسد يمكن للجميع أن يجد نفسه فيه، سواء تعلق الأمر بالكمامات، اللقاحات، 5G، الحكومة العالمية، فلا داعي لأن تكون متفقا بنسبة 100٪ مع كل هذا. يمكن إغراء المشاهد بهذه المقاربة أو تلك" ، يؤكد سيلفان ديلوفيه.
"هذا الأمر يوحد الناس حول أسئلة وانتقادات تتجاوز نظريات المؤامرة المعتادة،" حسب آرنو مرسييه، أستاذ علوم المعلومات والاتصالات في جامعة بانثيون-أساس. إنه "يساعد على تجميع فئات مختلفة. والشيء المقلق هو أنه يعرّف أشخاصا على أفكار لم يسبق أن كانوا على صلة بها".
ما العمل؟
لقد ساهم تطبيق واتساب بدوره في الانتشار الواسع للفيلم خارج مواقع التواصل. التطبيق "سمح بخلق مجموعات صغيرة وبالتالي مس بشكل مباشر الأشخاص القريبين منا"، يقول سيلفان ديلوفيه، الذي يقدم كمثال الحملة الانتخابية للرئيس البرازيلي الحالي جايير بولسونارو.
خطاب الفيلم الذي يزعم تقديم إجابات في هذا الظرف الصعب من الوباء، ساعدته طبيعة المرحلة على الانتشار. "الظروف الاستثنائية للمرحلة، وغياب الانسجام في الخطاب الرسمي، يخلق أجواء تساعد على الإقبال على نظريات بديلة"، حسب آرنو ميرسييه.
لكن كيف يمكن التصرف مع الفيلم؟ هل يجب تناوله مع المخاطرة بمنحه المزيد من الدعاية فنتهم بالاشتراك في المؤامرة؟ السؤال معقد، ويطرح نفسه على الصحافيين، رجال التعليم وحتى نساء ورجال السياسية. "الأمر يفرض أن تكون العملية أكثر بيداغوجية وانسجاما"، حسب رأي آرنو ميرسييه.
ويشدد سيلفان ديلوفيه على أنه "يجب التواجد في الميدان..." مما يساعد على قطع الطريق على مروجي نظريات المؤامرة. كما "ينبغي مواصلة تقديم الحجج ووضع أصحابها أمام تناقضاتهم".
غريغوار سوفاج/ بوعلام غبشي