فنون

الثلاثاء - 02 مارس 2021 - الساعة 09:45 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى الثقافي/ رانيا الشوكاني*:


الموسيقار عبدالله الدبعي "عازف الكمان" ومدير عام معهد الدراسات الموسيقية ومستشار وزير الثقافة للموسيقى والمسرح. حاصل على درجتين في الموسيقى الغربية والشرقية وعضو الفرقة الوطنية السابقة. شارك في الأسابيع الثقافية الدولية وكرم ثلاث مرات من قبل رئيس الجمهورية.

عبدالله الدبعي، الشخصية الملهمة التي تحدت الحرب بالسلام وحملت الكمان بدلاً عن البندقية، يقضي أوقاته مع نوتات الموسيقى مصاحباً بألحانه زقزقات العصافير وفي بلدنا الذي يعاني غصة الحرب والدمار كان هو شعلة الأمل المضيئة في المركز الثقافي بصنعاء.

يتحدث الدبعي عن بداياته الموسيقية قائلاً: أهوى الموسيقى كثيراً فكل ما حولنا هو موسيقى، من زقزقات العصافير إلى حفيف الشجر من خرير الماء إلى زخات المطر، ومنذ نعومة أظافري شعرت بأني خلقت لأكون عازفاً. كافحت منذ الصغر لأحقق ذلك والتحقت بدراسة الموسيقى. تعلمت أولاً العزف على آلة التشيلو عندما كنت في الثالثة عشرة ولكني وجدت نفسي في آلة الكمان، الآلة التي أسرتني لأدرس بعدها العزف عليها لسبع سنوات متتالية. خمس سنوات تعلمت فيها العزف بالدوزان الغربي على يد الخبراء الكوريين، وسنتين تعلمت فيها العزف بالدوزان الشرقي على يد الموسيقيين المصريين.

كنت أدرس الموسيقى صباحاً وألتحق بصفوف الدراسة مساء وأعمل في محل الخياطة لتوفير رسوم دراستي ليلاً. كان الأمر صعباً قليلاً لكني لم أيأس إلى أن كونا أنا وزملائي الفرقة الوطنية التي تأسست عام 1975 وكان عدد اعضائها حوالي 30 عضواً وعضوة إلا أنها لم تستمر وبحلول العام 1994 لم يتبق منها سوى 6 أعضاء وانتهت للأسف بتفرقنا.

ويطمح الموسيقار عبدالله الدبعي لنشر ثقافة الموسيقى وإعلاء صوتها على صوت الرصاص والحرب، حيث يتوافد العديد من الطلاب إلى المركز الثقافي الذي يقيم فيه دورات مجانية لتعليم الموسيقى منذ العام 2018. بالرغم من ظروفه الصعبة ودخله المحدود الذي يجنيه من تصميم الأزياء وخياطة الملابس. إلا أنه تمكن من تعليم ما يقارب 70 طالباً وطالبة بجهود ذاتية العزف على آلة الكمان والغيتار والعود وتعليمهم قراءة النوتة والقواعد الموسيقية.

يقول الدبعي: ينتسب إلينا العديد من الطلاب والطالبات منهم من يملك الموهبة وينوي احتراف العزف ومنهم من يجدون في تعلم الموسيقى هواية ومتنفس سلام يتناسون فيه أجواء الحرب، وبدوري استقبل الفئتين مرحباً، فأنا أسعى لإحياء الأمل في نفوسهم أولاً.

يواجه الموسيقار عبدالله العديد من الصعوبات، منها ما يتعلق بنقص الآلات الموسيقية، وعدم توفر الدعم الكافي للمعهد، ومنها معارضة بعض الفئات للموسيقى مما يعرضه لبعض المضايقات أحياناً. رغم ذلك، أسس الدبعي الآن فرقة وطنية شبابية مكونة من 21 عازفا وعازفة تقودها ابنته ريام الدبعي.

وتتحدث ريام عن تجربتها كقائد فرقة قائلةً: في البداية واجهت العديد من المضايقات كوني أول شابة تقود فرقة موسيقية في اليمن وبحكم العادات، هذا شيء غير مألوف لدى الكثير، إلا أنني وبمرور الوقت استطعت تجاوزها والمضي قدماً فيما أصبو إليه أنا وأبي وزملائي، اعضاء الفرقة التي اسميناها الآن "الفرقة الذهبية" ونطمح إلى إيصال إرثنا الموسيقي الشعبي وألحاننا داخل الوطن وخارجه، ونحافظ على تراثنا فتراثنا غني وجميل ومتنوع وأتمنى أن نلقى من يشد على أيادينا لتحقيق ذلك.

يشيد طلاب الدبعي بكرم معلمهم كونه لا يتلقى أي مبلغ مالي مقابل تعليمهم بل ويصل به الأمر أن يتفقد أحوالهم في منازلهم وفي ما إن كانوا يملكون أجرة مواصلاتهم أو ثمن وجباتهم. تقول أحلام جعوان إحدى طالباته: الأستاذ عبدالله ليس أستاذاً فقط وإنما أباً روحياً لنا. استقبل العديد منا دون أن نملك آلات موسيقية للعزف بل وأعطانا بعضا من آلاته الخاصة كي نتعلم عليها، وتلقينا منه الدعم المعنوي في أحلك أوقاتنا.

ويعبر الدبعي عن سعادته كونه تمكن من بذل خبرته الفنية ووقته لطلابه قائلاً: طلابي هم جزء كبير من يومي وأبذل كل ما استطيع من أجل أن أراهم يوماً ما عازفين محترفين يمثلون وطنهم في الداخل والخارج، ويسعدني أن البعض من طلابي قد أصبحوا معلمي موسيقى في معهد الدراسات الموسيقية والبعض الآخر بدأوا بشق طريقهم الفني، وبالرغم أنهم ما زالوا في بداياتهم إلا أنني مؤمن بهم وستتفتح لهم أبواب الفرص مستقبلاً وسأقف إلى جانبهم دائماً إلى أن يحققوا نجاحهم فنجاحهم هو نجاحنا ونجاح وطننا وأتمنى أن يعلوا صوت السلام في يمننا وتشدو الألحان من حولنا لاغية أصوات الرصاص.

هذا هو الموسيقار عبدالله الدبعي، من يخاطب الكون بلغته، لغة الألحان، لغة السلام هذا هو عازف الأمل.

*بمدى الثقافي - ومجلة ال مقه