عدن/ مدى برس/ ترجمة خاصة - NewsHour:
قبل ثلاثة أشهر، أنهى الرئيس الأمريكي جو بايدن التورط العسكري الأمريكي في الحرب في اليمن وتراجع عن قرار الرئيس السابق دونالد ترامب، بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
بعد ذلك وبفترة وجيزة، كما ذكرت المراسلة الخاصة جين فيرجسون، شن الحوثيون هجومًا شرسًا شرقي العاصمة صنعاء، على مدينة مأرب، آخر معاقل القوات الحكومية اليمنية المعترف بها دوليًا، والتي تحظى بدعم التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، مساندةً للشرعية.
مرت ثلاثة أشهر حتى اليوم منذُ أن أنهى الرئيس بايدن التدخل العسكري الأمريكي في الحرب في اليمن، حيث كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقدم الدعم اللوجستي للتحالف العربي الذي تقوده السعودية لمواجهة ومقاتلة المتمردين باليمن، المعروفين باسم الحوثيين المتحالفين مع إيران، العدو الإقليمي للسعودية.
قبل مغادرته منصبه صنف الرئيس السابق دونالد ترامب الحوثيين "منظمة إرهابية" بعد ذلك تراجع الرئيس بايدن، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، عن هذه الخطوة بعد أن حذرت وكالات الإغاثة من أنها ستجعل توصيل الطعام للمدنيين في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون أكثر صعوبة.
لكن، كما تخبرنا المراسلة الخاصة "جين فيرجسون" من الخطوط الأمامية، بعد وقت قصير من تحرك بايدن، شن الحوثيون هجومًا إلى الشرق من العاصمة صنعاء، باتجاه مدينة مأرب، آخر معاقل القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية.
تقول "فيرجسون": هذا ما وصلت إليه ست سنوات من الحرب في اليمن، معركة نهائية في الصحراء من أجل مستقبل هذا البلد، خندق صغير يحرسه مقاتلو الحكومة بأكثر قليلاً من بنادق AK-47، حيث يقاتلون المتمردين المتحالفين مع إيران الذين يطلق عليهم "الحوثيين".
تضيف: "قادنا العميد عبد الرحمن ردمان" وهو أحد قادة القوات الحكومية، إلى حيث يحاول رجاله الصمود" هذا الخط هو علامة غامضة ومغبرة في الصحراء"، موضحةً "الحوثيون وراء هذا الحاجز الترابي وتحت تلك الأشجار. جنود الحكومة يقاومونهم".
تتابع "بدأ هجوم كبير جديد من قبل المتمردين للسيطرة على هذه المنطقة"، في إشارة منها إلى مارب، وذلك بعد أيام فقط من إعلان الرئيس بايدن، أنه سيلغي تصنيف ترامب، في اللحظة الأخيرة للحوثيين كمجموعة إرهابية، وهو الأمر الذي معه يعتقد هؤلاء الرجال (قوات الحكومة) أن ذلك شجع عدوهم".
العميد، اللواء عبد الرحمن ردمان، يقول: "عندما رفعت إدارة بايدن الحوثيين من قائمة الإرهاب، أصبحوا أكثر عدوانية، أخذوا الحوثيين من قائمة الإرهابيين بسبب الوضع الإنساني، لكن إذا كانوا يريدون إنقاذ الناس، فإن أفضل شيء هو وضعهم على قائمة الإرهابيين".
تتابع "فيرجسون": ومع ذلك، فإن تصنيف الإرهاب كان سيجعل من الصعب جداً الحصول على المواد الغذائية التجارية للمدنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي (المتمردين) مما يسرّع المجاعة التي تلوح في الأفق.
توضح، في إشارة منها إلى ردمان: "عندما وصل العميد في السيارة المدرعة الوحيدة لأميال، استخدموا المدفع العلوي لتخفيف الضغط، بنيران الرد السريع، يذكرنا مقاتلو الحوثي بوجودهم أيضًا"، مضيفةً "حتى في هذه المساحة الشاسعة، يكون القتال قريبًا جدًا، ولا يحتل سوى شريط رفيع من هذا المنظر الطبيعي".
وتتابع: "يخبرنا الجنود أن الحوثيين خلفنا، على بعد 50 مترًا فقط، إنهم يتبادلون النار معهم، ويتحرك هذا الخط الأمامي طوال الوقت بينما يحاول الحوثيون التقدم نحو مأرب"، مردفةً: "المتمردون يختبرون باستمرار دفاعات القوات الحكومية"، مضيفةً "القتال هنا هو قتال صارم ووحشي عن قرب، وذلك على الرغم من الدعم المالي واللوجستي من قبل تحالف الدول الذي تقوده السعودية، إلا أن الظروف على الجبهة صعبة بالنسبة لقوات الحكومة اليمنية".
تذكر فيرجسون: "سافرنا عبر الصحراء الشمالية الشرقية لليمن إلى حيث وصلت هذه الحرب إلى ذروتها، لم نسمع أي طائرات حربية سعودية تقدم دعمًا جويًا، والأسلحة الثقيلة الوحيدة التي رأيناها كانت نظام إطلاق الصواريخ المتعددة".
مضيفةً: "المحطة الطبية عبارة عن كوخ به عدد قليل من علب الأدوية، والطريقة الوحيدة للوصول إلى المستشفى هي نفس الطريقة التي أتينا بها في مؤخرة الشاحنة". من ثم تضيف متحدثةً: "إنها ساعتان من هنا فوق الصحراء في شاحنات للجنود المصابين القادمين من الجبهة، لا توجد مروحية واحدة في خط المواجهة بأكمله".
وتشير إلى أنه "وبعد سنوات، وصلت حرب اليمن إلى نقطة حاسمة"، مؤكدةً: "سيطر المتمردون الحوثيون المتحالفون مع إيران على العاصمة صنعاء عام 2014 ويقاتلون الحكومة اليمنية وقواتها بدعم من التحالف الذي تقوده السعودية منذ ذلك الحين".
بالعودة إلى مدينة مارب القريبة، يتشارك كل من خاضوا هذه الحرب والنازحون منها في شوارعها، كانت هذه بلدة صحراوية صغيرة، وهي الآن مركز موقف حكومي نهائي ضد تقدم المتمردين الحوثيين.
"جنود الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ورجال القبائل المسلحين المتحالفين معها يستريحون ويلحقون بركب القتال بين نوبات القتال".
وتردف: "أولئك الجرحى في الجبهة، والذين عادوا إلى هنا، يواصلون الكفاح من أجل حياتهم في المستشفى"، مضيفةً: "تمتلك مارب موارد النفط والغاز الرئيسية في البلاد، إذا استولى المتمردون على المدينة، فلن يدفع ذلك الحكومة من آخر معقل رئيسي لها فحسب، بل سيوفر شريان حياة ماليًا حيويًا للحوثيين".
وتؤكد فيرجسون: "يعرف وزير الدفاع اليمني أن هذه معركة لا يستطيع رجاله تحمل خسارتها"، ناقلة عن أحد الأشخاص قوله: "معركة مأرب هي معركة دفاع عن شعبنا وأمتنا وحريتنا، نحن في معركة لإنقاذ مستقبل الجيل القادم".
"ركزت إعادة بناء الجيش اليمني في مارب، بعد الثورة والتمرد والحرب، على إضفاء الطابع الاحترافي على مقاتلي القبائل، وتجنيد من طردهم الحوثيون من ديارهم، ورجال هذه المنطقة اليائسين للدفاع عن المدينة من سيطرة المتمردين".
ويقول آخر: "في بداية الحرب كانت المقاومة فقط مقاتلين وقاتلوا الحوثيين في جميع المحافظات، وقاتل رجال القبائل، لديهم خبرة جيدة في القتال".
تقول: "فيرجسون": تتعرض الرياض لضغوط متزايدة لإنهاء هذه الحرب"، مضيفةً: "أنهت إدارة بايدن الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وعينت مبعوثًا أمريكيًا جديدًا للسلام"، مردفةً "أصبحت هذه الحرب الكارثية مرادفة للمعاناة الإنسانية، وخلقت أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ودفعت الملايين إلى حافة المجاعة، حيث يبدو أن محادثات السلام المحتملة ووقف إطلاق النار بعيدة المنال".
وتابعت: "سيكون إقناع الحوثيين بالجلوس إلى الطاولة قبل أي استيلاء على مارب أمرًا صعبًا، الأمر الذي يجعل السعوديين يقدمون عرضًا واقعيًا لوقف إطلاق النار في نفس القدر". وتضيف: "سافرنا أيضًا إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لمقابلة قائد بارز في الجماعة، لقد مضى أكثر من عامين منذ آخر مرة تحدثنا فيها مع محمد علي الحوثي".
وتتابع: "بينما يتواصل الجدل حول الحرب والسلام، تتحرك العائلات التي تفر من منازلها باستمرار، وتتقارب الصواريخ كل يوم، وغالبًا ما تصطدم نيران البنادق والانفجارات بهذه المخيمات المؤقتة خلف الخطوط الأمامية مباشرة".
وتردف: "عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ينتظرون هنا حتى تنتهي الحرب، بينما تحتدم، خلف التلال، أولئك الذين لا يستطيعون العيش في المدينة أقاموا معسكرًا في الصحراء المتربة التي لا هوادة فيها".
تقول: "اليوم فقط، 1000 عائلة، تشتتوا للتو، كان عليهم أن يغادروا ويتفرقوا أكثر، ويدفعوا إلى الخلف أكثر من خط الجبهة"، مشيرة إلى نازحة بقولها: "لم ترغب هذه المرأة في الكشف عن اسمها، لكنها قالت إنها هنا مع أطفالها الخمسة، سألتها إذا كانت خائفة، قالت لي: "نحن لا ننام أبداً".
وتضيف المرأة النازحة: "نحن خائفون على سلامتنا، نخاف على أطفالنا، هربنا من قرانا، تركنا منازلنا وأرضنا، تركنا كل شيء وراءنا، إنهم يطاردون أزواجنا، ويلقون بأطفالنا في السجن، فخفنا، لذلك أتينا إلى هنا وتبعونا"، متسائلة: "إلى أين نذهب؟ كنا نظن أن الشيء الوحيد الذي لدينا هو الله ومارب، والآن يريدون أخذ مارب منا".
وتضيف: "بعض النساء يجتمعن ليخبرننا عن القتال الذي أعقبهن هنا، سلموني الرصاص والشظايا التي جمعوها من الأوساخ حول خيامهم، وسقطوا على مسافة قريبة من أطفالهم، وناموا تحت قماش رقيق"، مضيفة فيرجسون: "إذا لم تنجح جهود وقف إطلاق النار، ستهرب هذه العائلات مرة أخرى، إنهم ينفذون من الأماكن التي يذهبون إليها".