نافذة على السياسة

الثلاثاء - 08 يونيو 2021 - الساعة 12:19 ص بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ تقرير خاص:


بعد أن تحولت حركة حماس، في مشهد القتال الأخير في شهر مايو الفائت، ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، إلى مركز استقطاب وتنازع، يتسابق على تظهيرها ضمن أحد المعسكرات بين التحالفات الإخوانية في المنطقة، والتحالفات الإيرانية، الذي انعكس في اليمن، بين مليشيا الحوثي المتمردة وحزب الإصلاح.. قررت حماس في نهاية الأمر الانحياز إلى المعسكر الإيراني، وذهبت إلى صنعاء، لتكريم قيادات مليشيا الحوثي، في مشهد صادم وغير معتاد للشعب اليمني عموماً، ولحزب الإصلاح على وجه الخصوص، الذي يرى حماس جزءاً من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.

وأقدم ممثل الحركة في صنعاء المدعو معاذ أبو شمالة، على تكريم القيادي الحوثي البارز محمد علي الحوثي، تحت مزاعم "دوره في دعم ونصرة القضية الفلسطينية".

كما أن ممثل حماس الإخوانية في تلك المباركة التي كانت بمثابة إحراج لإخوان اليمن، أكد "تثمين الحركة العالي للمبادرات التي أطلقها زعيم جماعة الحوثي"، مشيراً "إلى أن كل المؤشرات تؤكد صوابية المقاومة كطريق صحيح لتحرير فلسطين".


- الإصلاح ينتظر توضيحاً من حماس.. الأمر الذي لن يتم:

صدمة حزب الإصلاح في اليمن، تجلت واضحة في سخط القيادات السياسية والإعلامية، بينما ساد الصمت في الأوساط الرسمية، وفي هذا السياق نشر النائب البرلماني والقيادي في الحزب، شوقي القاضي: "‏ننتظر من حركة ‎حماس توضيحاً كاملاً عن موقفها الصادم لنا كيمنيين".

وتابع النائب القاضي، متسائلاً: "هل ذاك الشخص (في صنعاء) يمثل حماس رسمياً؟ وهل تم ذاك السقوط بإذن قيادتها وبقرارٍ رسمي منها؟ وهل أصبحت حماس مرتهنة لأجندة ‎إيران وفي إطار مليشياتها في المنطقة؟! وبعد ذلك لنا كيمنيين أن نحدد موقفنا من قيادة حماس".

وفيما لا يزال شوقي القاضي ينتظر إجابات رسمية من قيادات حركة حماس في فلسطين، رغم تجاهل الحركة وتجنبها إصدار توضيح، في مراعاة لعلاقتها مع إيران، إلا أن قيادات الإخوان في اليمن ستنتظر الأمر الذي لن يتم، فبحسب وكالة "سبأ" الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، فقد نقل أبو شمالة، تحيات قيادة حركة حماس "للقيادة اليمنية ممثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي".

أما الناشط الفلسطيني، ياسر الزعاترة، والمقرب من توجهات جماعة الإخوان المسلمين، فقد نشر في صفحته الرسمية على تويتر، معاتباً حركة حماس، بالقول: "‏أمس التقى ممثل "حماس" في صنعاء معاذ أبو شمالة مع محمد علي الحوثي، وكرّمه بدرع الحركة، بينما الحوثي يمثل أقلية انقلبت وأشعلت حريقاً مدمّراً".

ويناشد الزعاترة قيادات حركة حماس في غزة، بالتراجع عن الخطوة، وإصدار بيان توضيح، "يا قوم، اتقوا الله في حركتكم وقضيتكم، ولا تفقدوها حاضنة الأمّة، فهي الأهم والأبقى".

في الاتجاه الآخر يجد الناشط اليمني، معاذ عبدالفتاح الصوفي، أن هذه الخطوة لا تتعارض مع التوجهات الرئيسية لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، حيث يعتبر أن، "من يأخذ مواقف حركة حماس بمعزل عن حركة الإخوان ككل فهو إما غبي أو يستغبي، فهذا هو توجه الإخوان في كل الوطن العربي حتى إخوان اليمن، ولولا الحياء لما قالوا احتلال بل سيقولون عدوان، كما يقول الحوثي بالحرف".

ويضيف الصوفي، "الآن فهمتم لماذا بقي الحوثي بكل هذه القوة ولماذا تعثرت معركة استعادة الدولة وتحولت بوصلة الشرعية نحو الجنوب واهدرت أربع سنوات بلا فائدة سوى مضاعفة معاناة الشعب ولمستقبل دولته التي يتطلع لها".


- القيم لا تتجزأ.. حماس تخون الشعب اليمني:

وفي ذات السياق، من الواضح ان هذه الخطوة ولّدت غضباً عارماً بين اليمنيين، ويمكن قياسة من الكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استنكر ناشطون يمنيون إقدام حركة حماس الإخوانية على تكريم جماعة الحوثي ممثلة بأحد قياداتها  بعد يوم واحد من ارتكاب المليشيات لمجزرة بشعة راح ضحيتها العشرات في مارب.

فبالنسبة لسفير اليمن في اليونسكو، محمد جميح، كتب على صفحته في تويتر: "‏في الوقت الذي قوبلت جريمة الحوثي بحرق أطفالنا بصاروخ بالستي على مأرب بإدانات واسعة تُكرم حركة حماس مجرم الحرب".

وتساءل: "هل يختلف أطفال غزة عن أطفال مأرب؟! وهل يصح التمييز بين الضحايا بسبب نوعية الصاروخ؟!"، معتبراً نشر صور اللقاء اليوم من قبل مليشيا الحوثي تشتيت التركيز على جريمته، وحماس أعطته الفرصة".
 
ومن جانبه فسر الكاتب همدان العليي، هذه الخطوة بالخيانة، مؤكدا أن "حماس قالت بأنها غادرت سوريا لأنها لا تؤيد جرائم النظام، لكن لماذا لا تسجل نفس الموقف المحترم وتغادر صنعاء؟ هل الدم اليمني رخيص؟!  لدينا بعض "الخضعان" الذين يجاملون على حساب كرامتهم ويبحثون عن المبررات لحماس التي تكرم من يقتلنا ويدمر أوطاننا، تبا لمعشر الرخويات التي تبرر الخيانة".

وأضاف العليي "‏انتظرنا من حركة حماس إصدار بيان يستنكر جريمة إحراق الأطفال في مارب على يد عصابة الحوثي، فذهب ممثل الحركة لتكريم أحد زعماء العصابة التي ارتكبت الجريمة البشعة، هذه خيانة للشعب اليمني الذي لطالما قام بواجبه في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في مواجهة الاحتلال الصهيوني".

أما الناشطة أسوان شاهر، حاولت تشبيه حجم الصدمة من خطوة تكريم حركة حماس لقيادات جماعة الحوثي، بالصدمة التي شعر بها الفلسطينيون، حين نشرت صورة السفير الإماراتي مع الحاخام اليهودي، وطالبت باتخاذ نفس المواقف دون انتقائية، مؤكدة أن "القيم لا تتجزأ وجِه الإرهاب والعنصرية واحد، ذلحين تصف حماس جنب حزب الله والحوثي والحشد والعصائب واللي منتظر من إيران خير يسأل لبنان والعراق وسوريا واليمن".


- الاستقطاب الإقليمي والتداعيات على القضية الفلسطينية:

كما أن التقارب بين حركة حماس وميليشيات الحوثي، كان له تداعيات على الداخل اليمني، وأفرز توتراً في العلاقة بين الشرعية اليمنية التي فسرت الخطوة بمثابة اصطفاف لحركة حماس بجانب الحوثيين، فإن هذه الخطوة ستخلق ارتدادات وتداعيات على المستوى الإقليمي والعربي والقضية الفلسطينية خصوصاً، إذ إن الدول العربية فسرتها كاصطفاف بجانب المحور الإيراني، ضداً من المحور العربي.

وهذا ما أدركته الباحثة اليمنية ميساء شجاع الدين، في تعليقها على اللقاء، حينما قالت، إن "‏زيارة حماس لصنعاء وتكريمها لجماعة الحوثي تعد منحى خطيراً في توجه حركة حماس نحو اصطفاف كامل بدون مساحة استقلالية في الاستقطاب الإقليمي الحاصل، هذا لا يضر صورتها في اليمن وغيرها من الدول التي مزقها هذا الاستقطاب بل قد يؤثر سلباً محاولات الصلح الفلسطيني الداخلي، وهذه أكبر هدية لإسرائيل".

ويبدو أن المؤشرات في صورة انتقادات، قد بدأت تطفو على السطح، وتحديداً من الرياض، فهذا الكاتب السعودي، سليمان العقيلي، عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية، في معرض انتقاده، "‏تضامن حماس مع جماعة الحوثي المتطرفة التي تستهدف الديار الإسلامية المقدسة أمر يتخطى التصور، فمهما كانت الخلافات السياسية مع الحركة ذلك لا يبرر لها تضامنها مع إيران وجماعاتها".

ويشرح العقيلي بوضوح الموقف السعودي، "حكومتنا وشعبنا لم يتخلوا عن فلسطين والقدس، ولكن من يزعم أنه يريد تحريرها يتحالف اليوم مع من يستهدفنا!".

وعلى المستوى العربي كتب الصحفي الليبي، الشيخ ولد السالك، تعليقاً على فيديو تصريحات قيادات حماس التي بثتها قنوات تابعة لميليشيات الحوثي: "يفهم من هذا التصريح أن ‎حماس تدعم وتبارك طائرات الحوثي وصواريخه التي تستهدف ‎السعودية بلاد الحرمين الشريفين، حماس أصبحت رسمياً ذراعاً من أذرع إيران في المنطقة مثلها مثل الحشد الشعبي والحوثي وحزب الله".

وأضاف الصحفي الليبي، "‏لا أعتقد أن فلسطينياً منصفاً يمكن أن يطمع في دعم ‎السعودية للقضية الفلسطينية بعد هذا اللقاء، حماس جعلت القضية ورقة سياسية بيد إيران".


- تُكرّم القتلة في صنعاء وتقاوم القتلة في إسرائيل:

يرى الكاتب اليمني، محمد المياحي، تعارضاً حاداً في مواقف حركة حماس، ويقول "إن مواقف الحوثي من فلسطين مشبوهة، فمواقف حماس من الحوثي مشبوهة أيضًا وأكثر من هذا غير مبررة، حماس تفقد اتساقها الأخلاقي، حين تُكرِّم القتلة في صنعاء، وتقاوم القتلة في إسرائيل".

ويتابع المياحي بتوضيح أن "الحوثي يفتقد للاتساق الأخلاقي في مواقفه تجاه الداخل اليمني مقارنة بموقفه تجاه فلسطين مثلًا، فهو يقتل الناس هنا ويدعمهم هناك، وحماس تفعل الشيء المماثل".

وفي أوساط الشارع اليمني يتضح أن مواقف حماس من الحوثي، تضرب صورتها كمقاومة، وهو ما يشير إليه المياحي، بأن على "حماس أن تتذكر أن القضايا العادلة لا تمنح من يمثلها شيكًا مفتوحًا يوزعه على من يريد من القتلة ويجمِّل صورتهم، هو بهذه الصورة يظهر كشخص أناني يهمه الانتصار لنفسه باسم القضية".

ويختتم المياحي تعليقه على الحدث بالتساؤل: "هل الدم اليمني أقل قداسة من الدم الفلسطيني، يا حماس، هل وقفنا معكم في غزة، كي تقفوا مع من يقتلنا في صنعاء؟".