ملفات وتقارير

الثلاثاء - 08 يونيو 2021 - الساعة 08:23 م بتوقيت اليمن ،،،

تعز/ مدى برس/ خاص:


تستمر الاحتجاجات الشعبية في تعز والمطالبة بإقالة الفاسدين والتحقيق معهم، وهو ما جعل محافظ المحافظة نبيل شمسان، يصدر عدداً من القرارات التي تقضي بتوقيف بعض مديري المكاتب التنفيذية، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي الذي يرفع سقف مطالبه يوماً بعد يوم.

وقد شهدت هذه الاحتجاجات منعطفاً خطيراً حين أقدم مسلحون ينتمون لجماعة الإخوان ومحسوبين على محور تعز يطلقون على أنفسهم اسم ”المرابطون”، أقدموا على إغلاق مقر المحافظة وعدد من المؤسسات والمكاتب التنفيذية بالقوة.

هذه التطورات زادت من حالة الحذر المشوب بالقلق من نجاح حزب الإصلاح الإخواني في الاستحواذ على هذه الاحتجاجات وتغيير مسارها لخدمة أجندته السياسية الخاصة والهادفة لتحقيق حضور في المشاورات السياسية القادمة.

هذا الأمر جعل الكثير من المحتجين ينظرون لسياسة حزب الإصلاح بحذر شديد، خوفاً من السيطرة على الاحتجاجات وتكرار سيناريو سيطرته على ساحات ثورة فبراير التي انضم إليها بعد أن فاضت الميادين والساحات بالثوار، ونجح حزب الإصلاح بسرقة الثورة وتحويلها إلى أزمة سياسية مستفيداً منها في الحصول على المكاسب والمناصب لصالح أفراده، ضارباً بالأهداف التي خرج الشعب من أجلها عرض الحائط.

حسام السامعي، واحد من المشاركين في احتجاجات تعز، قال لــ”مدى برس”: بدأنا بهذه الاحتجاجات بشكل عفوي من مواطنين وصل بهم الفساد في تعز إلى وضع لا يحتمل، فالأسعار تتزايد بشكل يومي، ولا تتوافر فرص عمل، والخدمات معدومة، والأمن ضائع، فنحن نعيش في غابة، كل يوم وهناك حوادث قتل، والمسلحون يملأون المدينة ويقومون بالقتل والسلب والنهب في ظل غياب تام للدولة، لذا خرجنا نطالب بإقالة الفاسدين والتحقيق معهم، ونحن لا نتبع أي جهة، فقط مواطنون متضررون من هذا الوضع.

ويستدرك ”السامعي”، لكن مع بداية اتساع رقعة الاحتجاجات لاحظنا وجود أشخاص جدد بشعارات جديدة يريدون توجيه هذه الاحتجاجات ضد أشخاص معينين فقط، وهؤلاء الأشخاص ينتمون لحزب الإصلاح الذي يعتبر هو المسؤول الأول عن الفساد في تعز، لأنه هو الحاكم الفعلي لتعز، فهو يسيطر على الجيش والأمن ومعظم المكاتب التنفيذية، وحين لاحظت أن الإصلاح يريد احتواء هذه الاحتجاجات توقفت عن المشاركة فيها، لأنه يكفينا أننا قبلنا بالإصلاح في فبراير 2011 وبالأخير تقاسم السلطة وقام بتوزيع المناصب والوظائف العامة على أفراده، وتعامل مع الثورة باعتبارها غنيمة، ولذا لا يمكن أن أشارك في ثورة أو احتجاجات يشارك فيها الإخوان.

سلوكيات حزب الإصلاح التي مارسها في ثورة فبراير 2011 عبر وصايته على ساحاتها وميادينها وخطابها الإعلامي وقرارها السياسي، جعل الشباب اليمني -وخاصة المنتمين فكريا لليسار- يشعر بالإحباط من إمكانية التوافق مع جماعة الإخوان في أي فعل جماهيري أو سياسي، وبالتالي لم يعد هؤلاء الشباب يثقون بأي فعل جماهيري يشارك فيه الإخوان المسلمون.

الكاتب الصحفي والناشط الشبابي أحمد شوقي أحمد، كتب على صفحته بالفيس بوك مقالاً، رصده ”مدى برس”، تحت عنوان ”من ثورجي محبط إلى زملائه” قال فيه:
استمرت استقلالية ثورة فبراير لأسبوعين فقط، بعدها انقلبت الأمور رأساً على عقب، كنا حزبيين بلا حزبية، ومستقلين بلا عقد.. كانت الساحة ممتلئة بالثوار وخالية من الرموز الايديولوجيين.. منعنا رفع صور كل القادة والزعماء لضمان استقلالية الساحة وعدم دخولنا في مهاترات، حتى صورة الحمدي منعنا رفعها في أيام الثورة الأولى، منعنا القادة الحزبيين من صعود المنصة، اعتمدنا على أموالنا ومدخراتنا الشخصية وامكاناتنا الذاتية في تمويل نشاطنا، كنا نتناقش ونتشاور في كل خطوة، وكانت الساحة محلا لتبادل النقاشات والاقتراحات والتعاون في التنفيذ ما امكننا ذلك، حتى أعلنت الأحزاب انضمامها للثورة، فاختلفت الآية تماماً.. وبين يوم وليلة وجدنا أنفسنا مطرودين من الساحة لأننا رفضنا تمجيد الرموز الحزبية”.

ويضيف شوقي ”رفضنا الخطاب الأيديولوجي المتطرف على المنصة، فاتهمنا بالخيانة والتجسس والعمالة، رفضنا الشحاتة باسم الثورة وجمع الأموال بحجة دعمها، رفضنا التحريض وتشويه السمعة، رفضنا التضحية بالأرواح لصناعة بطولات زائفة.. فشنع بنا، قاد الساحات خطاب أهوج أرعن ممتلئ بأحقاد مدعاة وكاذبة، مبالغة وابتذال مفرط.. فيما تكفل الطعام المجاني الموزع في الساحات لإقناع كثير من الذين كانوا معنا للانقلاب ضدنا واتهامنا ونبذنا دون دليل”.

ويؤكد ”شوقي”، لم تعد ثورة، بل صارت كرنفال تمجيد وترديد.. تمجيد لعظمة الحارس الممدد على قارعة طريقها مانعاً إياها من المضي قدماً.. وترديد لما يمليه عليها من شعارات زائفة وتبريرات سخيفة مبتذلة، وأصبح الصدق والإخلاص والجدية والنزاهة صفات للجاسوس والعميل والمرتزق والمندس في صفوف الثورة، فيما الكذب والزيف والتملق والانتهازية والدونية والفذلكة والمزايدة والوصولية والغش والارتزاق والمتاجرة والمذلة صفة الثائر الكبير، البطل الكرتوني التلفزيوني، الذي يمطرنا بادعاءاته واكاذيبه ورعونته وصوته الحاد المزعج الملحون، وتقطيبه المزيف وتنظيراته التآمرية التخوينية وثناءاته على أسفل خلق الله”.

ويرى الشارع التعزي أن تجربة الإخوان المسلمين في 2011 كافية للحذر من أي احتجاجات يشارك فيها الإخوان، الذين يستغلون قدراتهم التنظيمية والمالية للاستحواذ على الفعاليات المجتمعية وتسخيرها لصالح الجماعة، فطالما أن المصلحة الوطنية تغيب في فكر الإخوان فلا يمكن المشاركة في أي فعل يحضر فيه الإخوان ولو بعدد محدود من الأشخاص.

الناشط الشبابي ماهر الحياني قال لــ”مدى برس”، إن التجارب السابقة على مستوى الدول العربية بالكامل تؤكد أن الإخوان خصوم الثورات وسراقها، وأنهم من يقفون وراء فشلها لأنهم ينظرون لها كطريق للوصول للسلطة لا أكثر ولا ينظرون لها بمعناها العام المتمثل بإحداث تغييرات جذرية داخل المجتمع في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي لن توجد ثورة نظيفة إلا إذا كانت خالية من الإخوان المسلمين ومن كل التيارات الدينية والراديكالية التي لا تؤمن بالثورة وتؤمن بمبدأ المرشد أو ولي الأمر أو ولي الفقيه”.

ويضيف ”الحياني”، علينا أن ننظر لمنهج الإخوان المسلمين، فسنجد غياب المصلحة الوطنية لصالح حضور مصلحة الجماعة، وسنجد غياب مفهوم الديمقراطية لصالح حضور التزكية والتعيين، وغياب مفهوم الثورة والتغيير لصالح حضور مصطلح التمكين، وبالتالي لا يمكن لمن لا يؤمن بالثورة أن يصنعها أو يشارك بها، بل إنه بالعكس من ذلك سيعتبرها كفراً ورِدة، ولذا لاحظنا أن أصدق الإخوان في اليمن والذي نختلف معه كثيراً في كثير من القضايا وهو الأخ عبدالله أحمد علي العديني قد وضح هذه القضية بوضوح حين قال "إن موقف الإخوان كان ضد ثورة 26 سبتمبر باعتبارها ردة”.