نافذة على السياسة

السبت - 12 يونيو 2021 - الساعة 08:56 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


تزايدت في الآونة الأخيرة وتيرة التحركات الدبلوماسية الهادفة لوقف الحرب في اليمن، والتي تستند بمجملها على المبادرة الأممية المستندة على أربعة محاور رئيسية تتضمن: وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وفتح مطار صنعاء، وتسهيل تصدير المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، والدعوة للعودة للمشاورات السياسية.

وتمثلت هذه التحركات بالدور الذي يلعبه كل من المبعوث الأممي مارتن غريفث والمبعوث الأمريكي تيموثي ليندر كينغ، حيث اعتمدت هذه التحركات على ممارسة الضغط على أطراف الصراع بضرورة إيقاف الحرب التي دخلت عامها السابع، وكذا الشروع بالدخول في العملية السياسية التي سترسم ملامح المرحلة القادمة في البلاد.

لكن الحدث الأبرز في هذه التحركات الدبلوماسية يتمثل بالدور العماني المتزايد عبر التحرك مع جميع الأطراف للوصول إلى تسوية تنهي الصراع في اليمن، ولعل أهم هذه التحركات تتمثل بالزيارة التي قام بها مؤخراً وفد من المكتب السلطاني العماني -وهو جهاز المخابرات في السلطنة- إلى صنعاء بمعية القيادات الحوثية المقيمة في مسقط، واللقاء بالقيادات الحوثية، وكذا زيارة وزير الخارجية العماني إلى الرياض.

بالإضافة إلى ذلك يمكن الحديث عن بروز الدور الذي تلعبه إيران والتي دخلت على خط الأزمة بشكل مباشر من خلال المباحثات التي تجريها مع السعودية، والتي وصفها مسؤولون إيرانيون بالإيجابية، أو عبر لقاء المبعوث الأممي إلى اليمن مع مسؤولين إيرانيين.

هذه التحركات تشير بمجملها أن المجتمع الدولي والدول الكبرى والمحيط الإقليمي لليمن، بات مجمعاً على ضرورة إيقاف الحرب والشروع في تسوية سياسية تنهي الصراع الذي دخل عامه السابع دون أن يقوم أي طرف بحسمه لصالحه.

بوادر التسوية السياسية زادت من تمسك الحوثيين بمطالبهم، وباتوا يمثلون الطرف الأقوى في المباحثات السياسية، في ظل تمزق وتشتت الطرف الآخر الذي بات يقدم التنازلات تلو التنازلات في جميع المباحثات السابقة والحالية.

فالسعودية التي وجدت أن الشرعية هشة ومغتصَبة من قِبل جماعة الإخوان المسلمين المتحالفة مع قطر وإيران، أدركت مؤخراً أنه لا يمكن المراهنة على هذه الشرعية، ما جعلها تضع أمن المملكة في مقدمة مطالبها من أي تسوية سياسية قادمة، مع القبول بأي حل يتعلق بالداخل اليمني، خاصة وهي ترى أن جهودها في اليمن لم تحقق أي هدف من الأهداف التي قام على أساسها تدخلها العسكري في اليمن والذي بدأ في مارس 2015 ولا يزال مستمراً إلى اليوم، والذي كلفها مئات المليارات من الدولارات.

بالمقابل، فإن الرئيس هادي الذي ظل طوال الفترة الماضية يلعب على لعبة التوازنات بما يضمن بقاءه في منصبه أطول فترة ممكنة، بات اليوم مشغولاً بالتفكير بموقعه في التسوية السياسية الجديدة.

تحركات هادي تأتي في ظل الحديث عن التوجه للتوافق على رئيس جديد، في ظل الحديث على أن الدكتور معين عبدالملك المدعوم من السعودية أبرز المرشحين لتولي منصب رئيس الجمهورية في المرحلة القادمة، وهذه الحسابات تظل في إطار الشرعية والتحالف العربي بعيداً عن حسابات الطرف الآخر المتمثل بجماعة الحوثي والتي سيكون لها رؤيتها الخاصة في أي تسوية تتعلق بالمرحلة القادمة.

حرص الرئيس هادي على الحفاظ على أن يكون له دور في المرحلة القادمة انعكس على بقية المسؤولين في الشرعية والذين بدأوا بممارسة سياسات هادفة لضمان تواجدهم في المرحلة القادمة التالية لاتفاق التسوية، حيث لوحظ خفوت حدة الخطاب الإعلامي للمسؤولين في الشرعية، وخاصة الخطاب المهاجم لجماعة الحوثي الانقلابية والتي ستمثل أحد أطراف التسوية السياسية.

وقد لوحظ غياب التصريحات الإعلامية لعدد من الوزراء والوكلاء الذين كانوا يحرصون خلال المرحلة السابقة على الظهور الإعلامي في القنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية بهدف التلميع الإعلامي، ويقدمون أنفسهم إما بصفاتهم الوظيفية أو كمحللين سياسيين، أو حتى كدكاترة حين يتعلق الأمر بالحديث عن كوفيد 19، غير أن الحديث عن قرب التسوية السياسية قد جعل هؤلاء المسؤولين يلتزمون الصمت بهدف تحسين صورهم لدى الأطراف الأخرى.

كما أن المسؤولين المحسوبين على الشرعية والذين يدلون بتصريحات إعلامية تتعلق بمجريات المفاوضات الممهدة لاتفاق التسوية السياسية قد لوحظ عليهم تقديم خطاب إعلامي هش ومنبطح يجعل الكرة في ملعب الحوثيين الذين بات خطابهم أقوى، وهو ما يزيد من حظوظهم في التفاوضات، وهو ما انعكس عليهم إيجابا من خلال حصد العديد من المنجزات التي توصف بأنها ”مجانية” مثل الحديث عن فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بدون شروط.

جميع هذه المؤشرات جاءت انعكاساً لهشاشة الشرعية التي تشكلت من مجموعة من المنتفعين الذين تخلوا عن مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية، لصالح تفكيرهم بالمنافع الشخصية والبحث عن الامتيازات الوظيفية والاستحقاقات المالية، والتسابق لتحقيق ثروات خاصة على حساب الوطن الذي يكتوي بالحرب للعام السابع على التوالي.