نافذة على السياسة

الأحد - 13 يونيو 2021 - الساعة 09:00 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


دخلت الحرب، التي شنها التحالف العربي لاستعادة الشرعية اليمنية، عامها السابع دون تحقيق أي انفراجة، بل إن الطرف الانقلابي المتمثل بجماعة الحوثي بات هو الطرف المبادر عسكرياً من خلال استهداف مارب في ظل جمود بقية الجبهات.

كما أن الطرف الانقلابي بات هو صاحب الكلمة الأعلى على طاولة السياسة من خلال فرض شروطه والتمسك بها في التحركات السياسية الهادفة لإنهاء الحرب والشروع في التسوية السياسية التي بموجبها سيتم استئناف العملية السياسية في البلاد، حيث تجسدت قوة الحوثي السياسية من خلال نجاحه في فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بدون شروط.

وهذه النجاحات التي يحققها الحوثيون لم تكن نتاجاً لقوة الحوثي عسكرياً، أو نتيجة حنكة وعبقرية سياسية يمتاز بها، بل إن السبب الأبرز يعود إلى استفادته من ضعف الشرعية الهشة والممزقة والمخترقة من قبل أطراف خارجية تفرض عليها أجندتها، وهو ما استفاد منه الحوثيون في الإبقاء على مشروعهم الانقلابي المدعوم إيرانياً.

في هذا التقرير التحليلي، سنحاول أن نتطرق للأسباب التي أطالت من أمد الانقلاب، وجعلته يمتلك زمام المبادرة في الجوانب العسكرية والسياسية، واستطاع أن يجني الكثير من المكاسب السياسية بدون أن يقدم أي تنازلات تذكر.

ويلاحظ أن التدخل العسكري للتحالف العربي لاستعادة الشرعية والذي بدأ نهاية مارس 2015 قد جاء في ظل عدم وجود دولة على الأرض اليمنية، حيث لا قيادة سياسية ولا عسكرية متواجدة في الميدان، ما جعل التحالف العربي يدخل حرب اليمن دون وجود رؤية واضحة لهدف وآليات ووسائل هذا التدخل الذي تم بطلب من الرئيس عبدربه منصور هادي.

ولعل غياب هذه الرؤية وغياب القيادات العسكرية في الميدان قد جعل التحالف يقوم بدعم شخصيات وكيانات حزبية، استطاعت تقديم نفسها إعلامياً باعتبارها قيادات ميدانية تقاتل ضد الانقلاب وتهدف لاستعادة مؤسسات الدولة، ولعل الشيخ الإخواني حمود سعيد المخلافي يمثل أنموذجاً بارزاً لذلك.

بعد تقديم التحالف للدعم اللا محدود مالياً وعسكرياً لهذه الشخصيات والكيانات، اكتشف أنها تعمل لصالح أجندة شخصية وتنظيمية بعيدة عن الشعارات التي قدمت بها نفسها للتحالف العربي، وهو ما ساهم بتحويل الأموال الطائلة التي قدمها التحالف إلى بنوك خارجية في حسابات تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين وقياداته، ويكفي أن نبرز أنموذجاً لذلك، اتهام رئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح للشيخ حمود سعيد المخلافي بنهب مبلغ 300 مليون ريال سعودي قدمها التحالف كدعم لمعركة تحرير تعز.

بالتزامن مع ذلك، فإن معظم الدعم العسكري الذي قدمه التحالف إلى الشخصيات والكيانات التي قدمت نفسها باسم المقاومة الشعبية، قد تحول لصالح ميليشيا مسلحة أنشأتها جماعة الإخوان المسلمين التي قامت بتخزين معظم الأسلحة في مخازن خاصة تابعة لها، وقامت باستخدام بعض هذه الأسلحة في معاركها الخاصة، تماماً كما فعلت ميليشيا الإخوان في تعز في حروبها العبثية ضد كتائب أبو العباس واللواء 35 مدرع، كما تم تسخير هذه الأسلحة في تسليح الميليشيا التي أنشأها الإخوان تحت اسم ”الحشد الشعبي” و“لواء حمد” وغيرها.

أنموذج فساد جماعة الإخوان هذا تم بمباركة من قيادة الشرعية التي باركت إنشاء كيانات وهمية باسم المقاومة، ويتم دعمها بمئات الملايين من الدولارات، وأبرز هذه الكيانات ”مقاومة صنعاء” و“مقاومة ذمار” و“مقاومة المحويت” و“مقاومة صعدة” و“مقاومة ريمة” وغيرها من الكيانات الوهمية.

لم يتوقف الأمر عند كيانات المقاومة الوهمية، بل إن اختراق تنظيم جماعة الإخوان المسلمين للشرعية اليمنية وسيطرته على قرارها السياسي والعسكري، خاصة بعد الدفع بالجنرال علي محسن الأحمر لتولي منصب نائب رئيس الجمهورية، نائب القائد العام للقوات المسلحة، قد ساهم في بناء جيش وهمي يبلغ قوامه في الكشوفات ما يقرب من نصف مليون فرد، وتم تسخير إمكانيات الجيش لصالح أفراد الإخوان الذين استولوا على المناصب القيادية للمؤسسة العسكرية والأمنية، وتم توزيع آلاف الرتب العسكرية على أفراد تنظيم الإخوان بطريقة مخالفة للقانون.

ويكفي في هذا السياق أن نستدل بتصريح لوزير الدفاع الموالي للإخوان الفريق الركن محمد علي المقدشي الذي صرح أن 70% من الجيش هي أسماء وهمية.

كان لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين معركته الخاصة في اليمن بعيداً عن المعركة الرئيسية المتمثلة باستعادة مؤسسات الدولة والقضاء على الانقلاب، حيث تمثلت معركة تنظيم الإخوان بالاستيلاء على السلطة التي ينظر إليها باعتبارها غنيمة، ولذا فقد بادر للاستيلاء على مؤسسة الرئاسة -التي تعد المؤسسة الأبرز في البلاد- وتعطيلها من مهامها المتعارف عليها، وبالتالي السيطرة من خلالها على القرار السياسي.

بعد استحواذه على مؤسسة الرئاسة نجح تنظيم الإخوان المسلمين بإصدار مئات من قرارات التعيين في الوزارات والمحافظات لصالح أفراد حزب الإصلاح، والغالبية العظمى من هذه القرارات جاءت بطريقة مخالفة للقانون، ما زاد من تضخم الحكومة ونفقاتها المالية، كما ساهم ذلك في تفشي الفساد بشكل مهول في الهيكل الإداري للدولة، وهو ما انعكس سلباً على الوضع الاقتصادي للشعب، وانعدام الخدمات العامة في المناطق المحررة.

في ظل سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين على القرار السياسي والعسكري للشرعية اليمنية، كانت قرارات الشرعية تضرب بالمصلحة الوطنية عرض الحائط وتعمل لخدمة أجندة قطر وتركيا المتحالفة مع إيران ”الداعم الأبرز للحوثيين”، حيث عملت قيادة الشرعية على الدخول في اتفاق استكهولم في ديسمبر 2018 الذي عمل على توقيف وتعطيل الجبهة العسكرية الأقوى في مواجهة الحوثيين والمتمثلة بجبهة الساحل التي تقودها القوات المشتركة، ما جعل الحوثيين يتفرغون عسكرياً للجبهات الأخرى.

واليوم تشهد الشرعية تصدعات متتالية في الجانب العسكري الذي أوكلت قيادته للقائد العسكري لتنظيم الإخوان المسلمين الجنرال علي محسن الأحمر، كما تشهد تصدعات في الجبهة السياسية الهشة والتي يتحكم بقرارها مجموعة من أدوات قطر الذين يسخرون القرار السياسي لخدمة أجندة دول خارجية، وأجندة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ليجد الشعب اليمني نفسه ضحية تندب نفسها للعام السابع، وهي تقف عاجزة بين سندان الإخوان ومطرقة الحوثي.