الإثنين - 14 يونيو 2021 - الساعة 06:11 م بتوقيت اليمن ،،،
عدن/ مدى برس/ تقرير خاص:
بعملية استخباراتية محكمة ودقيقة، نجحت قوات الحزام الأمني في أبين في ضبط منفذي تفجير إرهابي نفذته عناصر إرهابية ضد قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وأسفر عن مقتل سبعة جنود تابعين للواء الثالث دعم وإسناد وإصابة العشرات.
العناصر الإرهابية استخدمت دراجة نارية لتنفيذ الهجوم الإرهابي، غير أن استخبارات الحزام الأمني بدأت بالتحري والمراقبة والتحقيقات التي قادتها للقبض على أفراد العصابة الإرهابية.
النجاح الاستخباراتي لقوات الحزام الأمني يكتسب أهميته من نجاحه في كسر شوكة ميليشيا حزب الإصلاح الإخواني الذي لجأ إلى تنشيط التيار الجهادي فيها ممثلاً بعناصر القاعدة، واستخدامهم في تنفيذ هجمات إرهابية ضد القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
واللافت في الأمر أن التصعيد العسكري باستخدام العمليات الإرهابية لاستهداف المحافظات الجنوبية، جاء بالتزامن مع محاولات حثيثة لحزب الإصلاح -الذي يستولي على القرار السياسي للشرعية- إلى تعطيل العملية السياسية في البلاد، ونشر الفوضى في المناطق المحررة، عبر تعطيل اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك عبر رفض عودة الحكومة إلى العاصمة عدن، والإبقاء عليها خارج البلاد لتكون كسابقاتها ”حكومة فنادق”.
لجوء ميليشيا حزب الإصلاح الإخواني بقيادة علي محسن الأحمر إلى استخدام ورقة القاعدة التابعة لها يعد مؤشراً على حالة الضعف والعجز التي وصل إليها حزب الإصلاح، وهو يعمل جاهداً على نقل المعركة العسكرية إلى المناطق المحررة عبر مهاجمة المحافظات الجنوبية، بنفس الوسائل التي يستخدمها منذ حرب صيف 94، وتتمثل هذه الوسائل باستخدام الفتوى الدينية واستخدام العناصر الإرهابية المتطرفة التي ترعرعت في أفغانستان والتي تنضوي تحت قيادة القائد العسكري للتنظيمات الإرهابية في اليمن الجنرال علي محسن الأحمر.
وكان حزب الإصلاح الإخواني، الذي دخل في معاهدات واتفاقيات مع جماعة الحوثي الانقلابية وسلم لها معظم الجبهات بعتادها وعدتها، قد قرر أن معركته هي في المحافظات الجنوبية، وأن خصمه يتمثل بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما جعله يعد لمعركته هذه عبر فتح معسكرات للإرهابيين في مأرب وشبوة والبيضاء، وبإشراف مباشر من علي محسن الأحمر، حيث تم الدفع بهذه المجاميع باتجاه محافظتي أبين وشبوة للقتال ضد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويأتي تجنيد حزب الإصلاح للمجاميع الإرهابية والاستفادة من إمكانيات الجيش في دعم وتسليح هذه المجاميع في سياق الإعداد المستمر للتيار الجهادي داخل حزب الإصلاح والذي يضم شيوخ دين تكفيريين ومجاميع إرهابية من الأفغان العرب ومتطرفي التنظيمات الإرهابية مختلفة التسميات كالقاعدة وداعش، وهي مجاميع تعمل تحت إمرة علي محسن الأحمر وتتلقى الدعم منه منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وقد تطورت علاقة علي محسن الأحمر بالتنظيمات الإرهابية في اليمن في حرب صيف 94 التي شنها الإخوان ونظام صنعاء ضد المحافظات الجنوبية، مستندين على فتاوى التكفير ضد الجنوب التي أطلقها شيوخ حزب الإصلاح وفي مقدمتهم عبدالوهاب الديلمي وعبدالمجيد الزنداني، وتم توظيف الدين في هذه الحرب لتحقيق مصالح سياسية تمثلت باجتياح الجنوب ونهب أراضيه وتسريح أبنائه من وظائفهم وتنفيذ حملة اغتيالات بحق قيادات وكوادر الجنوب.
علاقة الجنرال علي محسن الأحمر بالجماعات الإرهابية في اليمن لم تعد خافية على أحد، فقد كشف الباحث الأمريكي بيتر ساليسبري في دراسة نشرها معهد الخليج للدراسات ومقره واشنطن، في يناير 2018، أنّ علي محسن صالح الأحمر يعتبر لاعبًا مؤثرًا في شبكة من الجماعات القبلية والسنّية والإسلامية التي مركز ثقلها هو حزب الإصلاح، كما أنه متهم بالمساعدة في رعاية المجموعات المسلحة التي أصبحت في نهاية المطاف "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية".
وكانت صحيفة ”ليبراسيون” الفرنسية في تقرير لها نشرته قبل عام، قد وصفت علي محسن الأحمر بأنه ”أبو تنظيم القاعدة في اليمن”، حيث قالت إن علي محسن، بقي محافظاً على علاقاته مع المتطرفين طوال السنين اللاحقة منذ حرب صيف 94، مدركاً قيمتهم العالية كمقاتلين لتأمين مصالحه ومصالح رأس السلطة والقبيلة والإخوان المسلمين في اليمن.
وأضافت الصحيفة، إن جماعة الإخوان المسلمين، تصنف كما هو معروف، كجماعة إرهابية في عدة دول؛ بينها روسيا والسعودية والإمارات. ظهر الإخوان المسلمون لأول مرة في اليمن في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، عندما قاد عبدالمجيد الزنداني -مؤسس فرع الإخوان في اليمن- مجموعة من رجال الدين لتأسيس نظام تعليمي ديني في شمال اليمن. كانت المدارس التي تتبنى ذلك النظام التعليمي تهدف، إلى جانب أهداف أخرى، لمواجهة موجة العلمانية القادمة من الجنوب العربي الذي يديره الاشتراكيون، وقد كان لذلك المد تأثير كبير داخل اليمن المُحافِظ دينياً.
وأشارت الصحيفة الفرنسية، إنه في الثمانينيات، تطوَّر الدور الإسلامي من المستوى المحلي إلى المستوى الدولي؛ حيث ذهب عبدالمجيد الزنداني وعدد من طلابه إلى أفغانستان؛ للانضمام إلى المجاهدين في قتالهم ضد القوات السوفييتية. أسهم علي محسن الأحمر هو الآخر في تأسيس فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وكذلك تجنيد اليمنيين للقتال في أفغانستان كمجاهدين في تلك الفترة، ويُزعم أنه زار معسكرات التدريب التي يديرها أسامة بن لادن”.
انضواء الجماعات الإرهابية والتكفيرية تحت عباءة حزب الإصلاح باتت تمثل ورقة كاسدة في حسابات الحزب الذي يتبع جماعة الإخوان المسلمين والتي تصنف أنها جماعة إرهابية في عديد من دول الإقليم، غير أن الغباء السياسي لحزب الإصلاح جعله يلجأ لاستخدام المجاميع الإرهابية في معركة الحزب الذي يدرك أنها خاسرة في مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي.
المحلل السياسي مختار الصنوي، قال لــ”مدى برس”، إن الجنوبيين استفادوا جيداً من جولات الصراع السابقة ضد جماعة الإخوان الإرهابية ممثلة بحزب الإصلاح، ونجحوا في دراسة تكوين الحزب وتياراته المتعددة بما فيها التيار الجهادي والتكفيري، وهذا ما ساعدهم في تحقيق إنجازات ميدانية وسياسية في المعركة الحالية، وصولاً إلى تعطيل وإفشال هجمات إرهابية للجماعات التكفيرية تستهدف الجنوب، بالإضافة إلى نجاح الجنوبيين بإفشال ورقة ”فتاوى التكفير” التي لا يزال الإخوان يعيشون أوهامهم باعتبارها ورقة رابحة ضد الجنوب”.
وأضاف الصنوي، إن حزب الإصلاح الإخواني لا يزال يمتلك الكثير من الأوراق التي يعتبرها أوراقاً رابحة مثل سيطرته على القرار السياسي والعسكري للشرعية، لكن ذلك تم مواجهته بحنكة سياسية مشتركة من المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العربي، حيث استطاع المجلس الانتقالي فضح الإخوان أمام التحالف باعتبارهم الطرف المعطل لاتفاق الرياض، وكذا كشف علاقة الإخوان بجماعة الحوثي والتنسيق المشترك بينهما سواء في الجانب السياسي أو العسكري، ولذا فالإخوان شعروا بهزيمتهم المبكرة ولجأوا لاستخدام التكفيريين لتنفيذ هجمات إرهابية تستهدف القوات التابعة للمجلس الانتقالي”.
وتقود جميع المؤشرات أن تسارع مجريات الأحداث ستكشف عورات حزب الإصلاح الإخواني وعلاقته بالتنظيمات والجماعات الإرهابية، وعلاقته وتنسيقه مع الانقلابيين الحوثيين في معركتهم المشتركة الهادفة لاجتياح المحافظات الجنوبية، لكن وحدة الصف الجنوبي وحنكة قيادة التحالف العربي، ستكون حائط الصد الأول في دحر المجاميع الإرهابية واجتثاث الإرهاب من جذوره.