فنون

الثلاثاء - 15 يونيو 2021 - الساعة 10:46 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى الثقافي/ طاهر علوان *


لا شك أن أفلام الحركة بصفة عامة وما يوازيها من أفلام الإثارة والعنف والجريمة تتصدر في كل وقت الشاشات وتلقى اهتماما استثنائيا من الجمهور المتعطش للمغامرات من جهة، ولشخصية البطل الشجاع والمتمرس الذي ينتصر في كل مرة وبجرأة ملفتة للنظر بالإضافة إلى عنصري المكر والدهاء.

هذه المواصفات بالإضافة إلى غرس بذرة الصراع وتنميتها وإشعال فتيل المواجهات كانت وما تزال مهمة كتّاب سيناريو متمرسين بهذا النوع الأكثر شعبية من بين الأنواع السينمائية الأخرى.

كل ذلك كرّس صورة نمطية لشخصية البطل الهوليوودي الذي لا يقهر، والذي لم تكتف هوليوود باختياره من مفتولي العضلات بل إنها أدمجتهم بالروبوت مرات عديدة، كما في سلسلة الفاني الشهيرة التي بدأ الجمهور يتفاعل معها بقوة منذ الفيلم الأول من السلسلة الذي يعود إلى العام 1984 وحتى الفيلم الأخير الذي أنتج في العام 2019، وحيث اكتهل أرنولد شوارزنيغر وكذلك اكتهلت ليندا هاميلتون، وقد خصصنا لهذا الفيلم في “العرب” قراءة نقدية في وقت سابق.

وبالطبع سوف يكون الأمر مربكا كثيرا في التجارب اللاحقة لهذا النوع الفيلمي لجهة صعوبة تقديم فيلم إثارة وحركة ومطاردات بلا مواصفات نجومية مميزة تستند بدرجة كبيرة على القدرات الجسدية، مع أن الخروج على هذه القاعدة كان أكثر إمتاعا عندما يندمج الذكاء والدهاء والمكر لدى الشخصية بالقدرة الجسدية، ولهذا لم يبق من رامبو سيلفستر ستالون سوى صوته الأجش وملامحه الجامدة، في مقابل نجم من نجوم أفلام الإثارة والمطاردات ما يزال يمتعنا في أدائه رغم اقترابه من السبعين من العمر ألا وهو الممثل البريطاني الهوليوودي ليام نيسون وفي مقابله روبرت دي نيرو، وهما نموذجان موازيان للتفرد في هذا النوع الفيلمي.

وكنا أشرنا إلى دور كتّاب السيناريو المحترفين في هذا النوع من الأفلام وأستطيع أن أذكر في طليعتهم كاتب السيناريو والروائي البارع ستيفن كينغ، الذي ما يزال يتحفنا بهذا النوع الفيلمي حتى أن مجلة رولينغ ستون صنفت ثلاثين فيلما ترتبط بكينغ سواء بصفته كاتبا للسيناريو أو ما تم إعداده عن رواية من رواياته.

وعالم كينغ شديد الثراء في هذ الباب ويكفي أن تستمع إلى محاضراته فهو سخي في تقديم خلاصات خبراته وتجاربه لمستمعيه، فضلا عن كونه متحدثا لبقا، فهو يفضل هذا النوع من الدراما الفيلمية ويعده النوع الأكثر قوة وقدرة تعبيرية من باقي الأنواع الأخرى، وكذلك أكثر قربا في تجسيد أسس الدراما التي يتعطش لها الجمهور العريض.

وإذا انتقلنا إلى منطقة أخرى لهذا النوع الفيلمي، فهنالك مثال سلسلة ماد ماكس التي صارت مدرسة فيلمية في حد ذاتها، وتتابعت السلسلة منذ ظهور الفيلم الأول في العام 1979 وصولا إلى آخر أفلام السلسة الذي من المؤمل أن يكتمل إنتاجيا ويعرض في العام 2023.

هنا سوف يقع التنوع الملفت ما بين ما هو واقعي وحتى لجهة المكان الواقعي الذي درجت عليه أفلام الحركة والإثارة وحيث الديستوبيا هي العالم البديل المحطّم الذي يتم من خلاله ابتكار المزيد من الشخصيات والمزيد من المغامرات والأحداث والمفاجآت.

وواقعيا تحوّل هذا النوع الفيلمي وما يطرأ عليه من تغييرات إلى ميدان لإطلاق النجوم بالمواصفات التي تحدثنا عنها من قبل لكنها في هذه الحالة سوف تتسم بالغرائبية وبأنها تصول وتجول في عالم مختلف هو ما آلت إليه الحياة بعدما طرأ عليها من خراب.

من جهة أخرى لا شك أن ما أشرنا إليه من عناصر جذب هي واقعيا نتاج تراكم ولم تكن لتأتي اجتهادا آنيا، بل إن ما يظهر على الشاشات اليوم يراعي ما تم إنجازه من قبل وبالإجابة عن سؤال بماذا سوف يختلف هذا الفيلم الجديد وما عناصره الأكثر جذبا للجمهور؟ وهي أسئلة لا بد منها ولا بد من الإجابة عليها أولا.

* كاتب عراقي مقيم في لندن