نافذة على السياسة

الخميس - 17 يونيو 2021 - الساعة 03:31 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


بالإضافة إلى سلطنة عمان، باتت دولة قطر هي الدولة الخليجية الثانية التي تدعم جماعة الحوثيين الانقلابية في مواجهة الشرعية والتحالف العربي.

وقد بلغت العلاقة بين الحوثيين وقطر -وهي علاقة قديمة منذ تشكيل الجماعة- إلى الحد الذي باتت قطر هي الخيار الذي يطرحه الحوثيون لاستئناف الحوار.

وكانت جماعة الحوثيين قد قالت إنها تنتظر رداً من التحالف العربي بقيادة السعودية، على عرض زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي الذي حمله الوفد العماني إلى السلطان هيثم بن طارق، بهذا الخصوص، في وقت سابق من الأسبوع.

وقال القيادي في الجماعة الانقلابية محمد الحوثي، "إذا ردت دول العدوان بردود إيجابية، فلا أعتقد أن لدينا ما يمنع من الجلوس لاستكمال الحوار في دولة قطر، إذا أحبت قيادة دول العدوان ذلك"، حد تعبيره.

العرض الحوثي باستئناف الحوار في قطر يشير - بحسب مراقبين - إلى الدعم اللا محدود الذي باتت تتلقاه الجماعة الانقلابية من قطر في مختلف المجالات السياسية والمالية والاعلامية واللوجستية، وأن هذا الدعم مستمر منذ تأسيس الجماعة، وأنه أصبح شبه رسمي وعلني منذ الأزمة الخليجية التي تم بموجبها مقاطعة قطر في منتصف 2017، وهي الأزمة التي ردت عليها قطر بتقوية التحالف مع ايران ومع الجماعات التابعة لها في المنطقة العربية وفي مقدمتها جماعة الحوثي وحزب الله والميليشيات الشيعية في العراق.

الناشط السياسي نجيب الشعيبي قال لــ”مدى برس”، إن اختيار الحوثيين لدولة قطر لاستئناف الحوار يمثل خيارا استراتيجيا للجماعة الانقلابية، كونها تدرك تأثير قطر في القرار السياسي للشرعية والذي بات بيد جماعة الاخوان المسلمين، ما يعني أن الحوار في قطر سيكون بمثابة حوار بين جماعتين دينيتين مرتبطتين بقطر وبمشروعها في المنطقة، بعيدا عن تمثيل المشروع الوطني”.

وأضاف الشعيبي، إن اختيار الحوثيين لقطر هو اعتراف ضمني بالدعم الذي تتلقاه الجماعة من قطر، تريد من خلاله جماعة الحوثي ارسال رسائل سياسية مفادها أنها تحقق نجاحات سياسية ودبلوماسية من خلال زيادة الحلفاء السياسيين في المنطقة، فبالإضافة لايران وسوريا وسلطنة عمان والعراق باتت قطر هي الحليف السياسي الرسمي للحوثيين، في ظل الحديث عن امكانية ارسال الحوثيين لسفير لهم في قطر على غرار سوريا وايران”.

والمتتبع لتاريخ العلاقة بين قطر وجماعة الحوثيين، سيكتشف أن دويلة قطر كان لها دور بارز في تأسيس الجماعة عبر الدعم الذي قدمته لها عبر جهاز المخابرات القطرية في عام 2000 حين تم تأسيس الجماعة كامتداد لتنظيم الشباب المؤمن.

فقد قامت المخابرات القطرية بفتح علاقة مباشرة مع حسين بدر الدين الحوثي خلال تلقيه تدريبات عسكرية في لبنان، حيث تم تقديم الدعم له نكاية بالمملكة العربية السعودية، واستمر هذا الدعم عبر سفارة قطر في صنعاء والتي كانت تدعم المعهد الديني للحوثي ذي التوجه الشيعي بمبلغ 50 ألف دولار أمريكي شهريا، ليرتفع بعد ذلك إلى 100 ألف دولار، وليأخذ الدعم القطري بعد ذلك أشكالا متعددة وفي جوانب مختلفة.

ولعل الحروب التي شنتها جماعة الحوثيين ضد الدولة منذ العام 2004 كانت البوابة التي فتحت الدعم القطري السخي للجماعة، حيث عمدت قطر إلى استغلال باب الوساطات السياسية كبوابة لتقديم الدعم المباشر للجماعة، وهو الباب الذي تم فتحه مع أول وساطة قادتها قطر للتوسط بين الجماعة والنظام في العام 2007، وهي الوساطة التي قدمت للحوثيين دعما سياسيا واستراتيجيا بالاضافة إلى الدعم المالي المهول.

استطاع جهاز المخابرات القطرية تقديم جماعة الحوثي كطرف سياسي معترف به من خلال جلوسه مع الحكومة اليمنية ندا لند، وهو ما أكسب الجماعة زخما سياسيا بالاضافة إلى الترسانة العسكرية التي تلقتها من ايران، وكان لقطر دور هام في ايصالها إلى يد الحوثيين، لتتمدد الجماعة المدعومة من ايران وقطر، وصولا إلى استيلائها على السلطة بالانقلاب العسكري الذي نفذته في 21 سبتمبر 2014 والذي فرضت بموجبه سيطرتها على البلاد، ولتصبح صنعاء العاصمة العربية الرابعة المسيطر عليها من قبل النظام الايراني بحسب تصريحات أدلى بها مسؤول كبير في نظام الملالي الايراني.

بالتوازي مع ذلك كانت دويلة قطر تسعى لأن تكون دولة ذات ثقل سياسي كبير في المنطقة مواز للدور المصري والسعودي، فلجأت لتحقيق ذلك إلى دعم الجماعات الدينية والتكفيرية التي تنتهج مبدأ العنف للوصول للسلطة، وكما دعمت جماعة الحوثي ذات التوجه الشيعي، فقد دعمت جماعة الاخوان المسلمين ذات التوجه السني، واستغلت بذلك حجم وقوة التنظيم الدولي للجماعة، والانتشار الواسع الذي تمتاز به من خلال تواجدها في معظم الدول.

قدمت دويلة قطر الدعم المالي والسياسي واللوجستي لقيادة التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين، كما قامت باستضافة العديد من قيادات التنظيم الدولي للجماعة وفي مقدمتهم يوسف القرضاوي، الذي استخدمته كوسيط لايصال دعمها إلى فروع التنظيم الدولي للجماعة في الدول المختلفة.

استطاعت دولة قطر وبالتنسيق مع جهاز المخابرات الأمريكية الاستحواذ والسيطرة على الاحتجاجات الشعبية في المنطقة العربية في العام 2011 والتي باتت تعرف بالربيع العربي، وتم دعم التنظيم الدولي للاخوان ماليا واعلاميا وسياسيا للاستحواذ على هذه الاحتجاجات، وتحويلها كطريق عبور نحو السلطة، حيث تم إدارة اللعبة السياسية عبر مركز دراسات يقوده الفلسطيني المقيم في قطر الدكتور عزمي بشارة، ويتكون من عدد كبير من الأكاديميين والخبراء السياسيين وخبراء إدارة الأزمات.

وبحسب الناشط السياسي سليم حيابك الذي تحدث لــ”مدى برس” فإن قطر تعد الرابح الأكبر في الأزمة السياسية اليمنية نتيجة ارتباطها بجميع الأطراف، فهي وإن دخلت في إطار التحالف العربي الهادف لاستعادة الشرعية بشكل صوري خلال الاعلان عن هذا التحالف، فقد أرسلت رسائل تطمين سياسية للانقلابيين، واتضح ذلك من خلال الدور السلبي لها في إطار التحالف والذي تم اكتشافه خلال ارسال ضباط قطريين معلومات استخباراتية للحوثيين تم بموحبها قصف تجمعات عسكرية لقوات التحالف، وسقط اثرها عشرات الجنود الاماراتيين، واستمر هذا الدور حتى خروجها من التحالف العربي، كما لاحظنا أن الحوثيين لم يهاجموا قطر سياسيا ولا اعلاميا منذ بداية الحرب تقريبا.

ويضيف حيابك، إن قطر التي تدعم جماعة الاخوان المسلمين استطاعت من خلال نفوذها المالي الاستيلاء على قرار الشرعية من خلال الخلية التابعة لها في الرئاسة اليمنية وهي خلية ذات شقين سياسي وعسكري، والتي تعمل لصالح الأجندة القطرية والايرانية، ولذا فإن وجود هذه الخلية في الرئاسة تعد السبب الأبرز لبقاء الحوثيين وصمودهم حتى الان، وبالتالي فإن قطر نجحت في تحويل اليمن إلى لعبة شطرنج وهي وحدها من تتحكم بجميع أطراف اللعبة فيها”.

مجريات الأحداث السياسية والعسكرية تقود إلى أن الصراع في اليمن بات اليوم بين جماعة انقلابية مدعومة من قطر وايران، وبين شرعية مهترئة وهشة قرارها في أيادٍ تابعة لقطر تتمثل بجماعة الاخوان المسلمين، وبينهما التحالف العربي الذي وجد نفسه متورطا في مستنقع اليمن، ما يعني أن أي حوار سياسي تستضيفه قطر سيكون أشبه بالحوار الداخلي بين الجماعات الارهابية المدعومة من جهاز المخابرات القطري، فهل يعي التحالف العربي ذلك؟