نافذة على السياسة

الأربعاء - 21 يوليه 2021 - الساعة 08:04 م بتوقيت اليمن ،،،

تعز / مدى برس/ خاص:



▪تعاني مدينة تعز من مآسٍ لا تنتهي بفعل الحصار الحوثي وحالة فوضى بسبب الجماعات المسلحة المحسوبة على الجيش والأمن

▪تتفاقم معاناة المدنيين في تعز في ظل الفوضى والانتهاكات والقتل خارج القانون

▪السلطة القائمة بتعز توفر حماية للقتلة من العقاب

▪الوضع الصحي في تعز في ظل سنوات الحرب كارثي بكل ما تعنيه الكلمة

▪نحو 3 ملايين من السكان في تعز يعانون من وضع صحي هش بل ومنعدم

▪الفساد والقصور والفشل في أجهزة ومؤسسات السلطة المحلية في تعز راكم من معاناة الناس

▪نعمل جاهدين على تحصين الاحتجاجات من الاحتواء والاستحواذ من بعض الأطراف السياسية

▪الوضع السياسي في تعز محتقن وغير صحي نتيجة اختلاف الأحزاب السياسية لا سيما الكبيرة في رؤيتها وتصوراتها وتقييمها للأحداث

▪الاحتجاجات الشعبية في تعز ستستمر طالما لم تلب مطالب الناس واستمر التدهور الاقتصادي وانعدام الخدمات

▪التكتل المدني ليس بديلاً للأحزاب السياسية وإنما وعاء يضم الأحزاب والنقابات والفعاليات وكل فئات المجتمع

يرى الدكتور عبدالحليم المجعشي، رئيس التكتل المدني ”تم” بتعز، أن مدينة تعز تعاني من مآسٍ لا تنتهي بفعل الحصار المفروض من ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، وكذا من حالة فوضى بسبب الجماعات المسلحة المحسوبة على الجيش والأمن.

وفي حوار صحفي أجراه معه ”مدى برس” يؤكد الدكتور المجعشي، أن الوضع المعيشي والأمني والخدمي الذي تعانيه تعز، دفع التكتل المدني لتسيير المسيرات الاحتجاجية ضد الاختلالات ومظاهر الفساد في أجهزة ومؤسسات السلطة الشرعية المدنية أو العسكرية أو الأمنية، ناهيك عن الأوضاع المعيشية بالغة السوء وانعدام الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والصحة والطرقات وغيرها.

كما يتطرق الحوار إلى تقييم دور الأحزاب السياسية، وخاصة ذات التوجه المدني، وطبيعة العلاقة التي تجمع هذه الأحزاب بالتكتل المدني.. فإلى الحوار:

▪ما تشخيصكم للوضع في تعز؟

تعز تعاني من ثالوث الحصار والفوضى والأمراض. في تعز مآسٍ لا تنتهي وكوارث تختطف الأرواح وتدمي القلوب، فالعقاب الجماعي منذ ما يزيد عن ست سنوات من قبل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران بحصار خانق لم يسبق له مثيل في تاريخ الحروب، وتتعرض تعز لأكثر من 600 انتهاك في العام بالمقذوفات والقنص، وغالبية الضحايا من المدنيين أطفال ونساء، والتقارير الحقوقية بهذا الخصوص تدمي القلب.

وتعيش تعز حالة من الفوضى في نطاق سيطرة الشرعية، فالحالة الأمنية شبه منعدمة، وتجوب المدينة والريف جماعات مسلحة محسوبة على الجيش والأمن فتنهب الممتلكات العامة والخاصة، وتقتل وتغتال وتمارس كل أنواع الجرائم ولا رادع لها، وتتفاقم معاناة المواطنين المدنيين في تعز في ظل الفوضى والانتهاكات والقتل خارج القانون، والسلطة القائمة توفر حماية للقتلة من العقاب، وهناك إخفاء قسري للمعارضين، وأما الوضع الصحي في تعز في ظل سنوات الحرب فهو وضع كارثي بكل ما تعنيه الكلمة، ففي تعز نحو ثلاثة ملايين من السكان يعانون من وضع صحي هش بل ومنعدم خصوصا في مواجهة الأوبئة المتفشية خلال سنوات الحرب فلا يوجد في محافظة تعز سوى ثلاثة مستشفيات حكومية (الثورة والجمهوري والعسكري) وتعاني من الافتقار للطاقم الطبي المتخصص والمؤهل، فمثلاً مستشفى الثورة العام، وهو أكبر المستشفيات العامة، ليس فيه إلا أخصائي واحد للعظام خلال فترة الحرب هو الدكتور أحمد أنعم رئيس هيئة مستشفى الثورة العام، وتعرض مستشفى الثورة العام والعاملون فيه والمرضى إلى 40 حادثة عنف، من ضمنها حوادث إطلاق نار داخل المستشفى أو قريب منها، ومنها حادثة عدوان بشعة على أخصائي العظام الوحيد ورئيس هيئة مستشفى الثورة العام الدكتور أحمد أنعم، وقد قتل العديد من المرضى الذين كانوا يتلقون الرعاية الطبية والتي بدورها أدت إلى توقف العمل لفترات متقطعة، وهذا ما قلل من فعالية الرعاية الطبية، وقد كان المستشفى يدعم من قبل أطباء بلا حدود التي دعت الأطراف المتنازعة إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني أكثر من مرة.
مما سبق يمكننا القول، إن تعز محافظة غير صالحة للعيش.

▪ما أسباب دعوتكم للاحتجاجات في تعز؟ وما مطالب هذه الاحتجاجات؟

الوضع المعيشي والخدمي والأمني المتردي في تعز دفع بنا وبمعظم النخب والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية والصحفية والإعلامية لتدشين فعاليات نضالية ثورية ممثلة بالوقفات الاحتجاجية، وتسيير المظاهرات احتجاجاً على الاختلالات ومظاهر الفساد في أجهزة ومؤسسات السلطة الشرعية المدنية أو العسكرية أو الأمنية، ناهيك عن الأوضاع المعيشية بالغة السوء وانعدام الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والصحة والطرقات وغيرها.

ومن ثم فمطالب الاحتجاجات هي إصلاح الاختلالات ومظاهر وعوامل الفساد في مؤسسات السلطة المحلية في تعز وتخفيف الآثار الاقتصادية على المواطنين جراء الحصار والحرب عبر توفير خدمات عامة لهم مرتبطة بدرجة أساسية بمعيشتهم كالمياه والتعليم والكهرباء والصحة والطرقات إضافة لاستكمال تحرير تعز من الميليشيات الحوثية وفك الحصار عن المدينة.

▪هل لهذه الاحتجاجات مشروع محدد تنطلق من أجله؟ وهل عملتم على تجاوز أخطاء احتجاجات 2011؟

هذه الاحتجاجات انطلقت عفوية تحت ضغط الفساد والقصور والفشل في أجهزة ومؤسسات السلطة المحلية في تعز الذي راكم من معاناة الناس، فعندما يصل الأمر بأن تكون معيشة الناس في خطر فلم يعد هناك متسع لدى الناس لأن تكون لديهم مشاريع سياسية أو تحقيق مكاسب حزبية، ومن هنا فإن احتجاجات تعز وأخص بالذكر الاحتجاجات التي رعتها وتبنتها التكتلات النقابية ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات المهنية ممثلة بالتكتل المدني "تم" لم يكن مشروعها إلا الاستجابة لمطالب الناس ووضع حلول عاجلة لمشاكلهم بلا التواء أو هروب وتحجج بأعذار ومبررات لم يعد الناس يصدقونها.

ونحن نحرص قدر الإمكان على تجنب أخطاء 2011م عبر الابتعاد عن الخطابات السياسية الحزبية المستغلة لهموم الناس وتجييرها لصالح تسجيل نقاط ضد خصومها، ولذلك حرصنا على أن تكون هموم وحاجات الناس هي الهدف الجامع لكل المحتجين، أيضاً سلكنا طرقاً عديدة في الاحتجاجات منها رفع دعاوى قضائية ضد القرارات غير القانونية والدستورية، وهذا يؤكد حرصنا على ترشيد الاحتجاجات وقطع الطريق على من يريد إفشالها وحرفها عن مسارها الصحيح.

▪هل لديكم القدرة على تحصين هذه الاحتجاجات من الاحتواء أو الاستحواذ من قبل بعض الأطراف السياسية؟

نحن نعمل جاهدين على تحصين الاحتجاجات من الاحتواء والاستحواذ من بعض الأطراف السياسية، لكن دعني أكن أكثر صراحة ووضوحاً، فالوضع السياسي في تعز محتقن وغير صحي نتيجة اختلاف الأحزاب السياسية في تعز لا سيما الكبيرة فيها في رؤيتها وتصوراتها وتقييمها للأحداث، وأيضا رغبتها الجموحة في السيطرة على مفاصل السلطة ومراكز القرار كوسيلة وحيدة لفرض موقفها ووجهات نظرها على الآخرين، بدلاً من الشراكة في السلطة عبر الشراكة السياسية المبنية على الحوار والحجة والمنطق والإقناع، ومن هنا يمكنني القول إن تعدد التكتلات الثورية والمسميات النضالية إضافة للانتقائية في المطالب التي تمارسها بعض الأطراف السياسية التي تدفع بجماهيرها تحت اسم تشكيلات احتجاجية أو ثورية تصحيحية تجعلنا لا نستطيع نفي أن هناك استغلالاً وتوظيفاً للاحتجاجات لتسجيل مواقف ضد من يعدون خصوماً سياسيين.

▪ما مستقبل الاحتجاجات الشعبية بتعز برأيك؟ وهل لا يزال الشارع رقماً صعباً في مضمار التغيير السياسي؟ أم أن العمل المدني فقد قدرته على إحداث التغيير في زمن الميليشيا؟

في تصوري أن الاحتجاجات الشعبية في تعز ستستمر طالما لم تلب مطالب الناس، وطالما استمر التدهور الاقتصادي وانعدام الخدمات وطالما صمَّت الرئاسة والحكومة والسلطة المحلية آذانها عن حل مشاكل الناس والاستماع لهمومهم ومعالجة قضاياهم.

وفيما أظن لم يعد الشارع رقماً صعباً في تغيير المعادلة السياسية، وذلك لأن ظروف الحرب التي تمر بها اليمن أخرجته إلى وضع الكلمة العليا فيه للبندقية، لكن الشارع يمكن أن يشكل ورقة ضغط ليس إلا، فعندما تتملشن حياة الناس يصبح العمل المدني في نظر السلطات نوعاً من الإضرار بمصالحها كما يعرض الناشطين المدنيين للخطر.

▪هل تراهنون على القضاء في محاكمة الفاسدين وإقالتهم؟ أم أن الأحكام القضائية التي صدرت بحق بعض المسؤولين ليست أكثر من مخدر لامتصاص الغضب؟

كنا وما زلنا نراهن على القضاء فهو الملاذ الوحيد والآمن لإنصاف الناس، ونتمنى أن تكون الأحكام القضائية التي صدرت في حق بعض الفاسدين مقدمة لأحكام قضائية أخرى أكثر صرامة تعيد الأموال المنهوبة لخزينة الدولة، ويتطلع الشارع لأن تشمل الأحكام القضائية كل المسؤولين الفاسدين في مختلف مرافق السلطة المحلية.

وللعلم، فإن الحكمين الصادرين ضد مدير عام الكهرباء ومدير عام النقل صدرا بحسب الإحالة في جزئية بسيطة جدا وهي رفض المديرين تسليم المكاتب للمديرين الجديدين، فالحكم في هذه الجنحة ولم يحل أي مدير بقرار اتهام بناءً على تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بخصوص قضايا الفساد، لأن المنظومة التشريعية تستوجب الإحالة بناءً على تقارير محاسبية للجهاز المركزي، ولا بد أن يوافق المحافظ رئيس المجلس المحلي بإحالة التقارير للنيابة العامة ومن ثم مباشرة التحقيق، وهذا لم يحدث حتى الآن، وما زال الفاسدون محصنين من قبل السلطات العليا التي يفترض بها إحالة ملفات الفساد أولاً بأول.

▪ما تقييمكم لدور الأحزاب السياسية في تعز؟ والأحزاب المدنية على وجه التحديد؟

الشارع في تعز غير راض عن دور الأحزاب السياسية لأنها قدمت نموذجاً سيئاً في المشاركة في السلطة، ولم ينتج عن محاصصتها للمناصب غير توسيع رقعة الفساد ومحاصصته وتبادل الاتهامات وزيادة الاستقطاب، الأمر الذي استغله الفاسدون فأوغلوا في الفساد مستندين لدعم أحزابهم، ضاربين بأوجاع الناس عرض الحائط.

▪في هذا السياق.. هل إنشاء التكتل المدني جاء بديلاً للأحزاب المدنية؟ أم أنه وعاء حامل لها؟ وهل لكم تنسيقات مع قيادات الأحزاب المدنية في تعز؟

التكتل المدني ليس بديلاً للأحزاب السياسية، وإنما هو وعاء يضم الأحزاب والنقابات والفعاليات والشباب والمرأة والمستقلين والمهمشين وكل فئات المجتمع وكل الذين يؤمنون بالنضال المدني السلمي، وهناك تنسيق مع الأحزاب المدنية ويسير التكتل وفق أهداف تنسجم مع رؤى وأهداف التكتلات المنضمة للتكتل المدني.