الأحد - 25 يوليه 2021 - الساعة 10:42 م بتوقيت اليمن ،،،
مدى برس/ طاهر علوان:
لا تكاد تنتهي سلسلة مارفيل الأميركية الشهيرة وهي ماضية في إنتاج الأبطال الخارقين، وكنا قد شاهدنا من قبل العديد منهم في أفلام مصنوعة بعناية ومكرّسة للنجاح في شباك التذاكر، وتعتمد على عنصري الحركة والتشويق، فضلا عن قوة الشخصيات الدرامية وقدراتها الجسدية الفائقة ومرونتها في الحركة.
وترقّب جمهور هذا النوع بشغف الممثلة سكارليت جوهانسون في الفيلم الجديد “الأرملة السوداء” للمخرجة كيت شورتلاند بعدما تم تأجيل عرضه لأكثر من مرة بسبب غلق صالات السينما نتيجة تفشي وباء كوفيد – 19، ليتم إطلاقه مؤخرا في صالات العرض العالمية، ويكفي عنصرا للنجاح المسبق وجود جوهانسون التي تقاضت أعلى أجر لممثل على مستوى العالم عن هذا الفيلم زاد على 35 مليون دولار.
وتقوم جوهانسون بدور ناتاشا رومانوف التي بدت على وجهها آثار الزمن وبدت أقل حيوية من أدوارها السابقة، وهي آخر من بقي من الحراس المغامرين في تلك السلسلة الشهيرة لتتمّ ملاحقتها من أجل القضاء عليها، كونها قد خرقت ما تم تدريبها عليه حيث يتم فصلها عن والديها وشقيقتها ولتنطلق رحلتها من الطفولة إلى بدايات سن العشرين.
في الجانب الآخر هناك من بيده سيطرة على ما لا حصر له من الفتيات في ما يسمى بالغرفة الحمراء، و”الأرملة السوداء” ما هو إلاّ أرامل كثيرات من فتيات تم إخضاعهن لعملية تعقيم باستئصال أرحامهنّ، فضلا عن تجنيدهنّ والتحكّم فيهنّ لصالح قاتل سابق في جهاز المخابرات السوفييتية “كي جي بي”، وذلك في ظل عملية تدجين تصل إلى درجة كبيرة من المبالغة، مفادها أن ذلك القاتل السوفييتي يتحكّم في حروب وصراعات وعمليات اغتيال في مختلف مناطق العالم.
تتشعّب الخطوط السردية في هذه الدراما الفيلمية بدءا بالسيطرة على عقول ما لا حصر له من الفتيات، في مقابل محاولة ناتاشا وشقيقتها التمرّد على ذلك الإرث ومقاومته، وصولا إلى الذروة بتحرير أولئك الأرامل من العبودية.
من كوبا إلى المغرب إلى هنغاريا إلى الولايات المتحدة سوف نتنقل مع تلك المغامرة والمطاردات إلى درجة توظيف فريق العمل كاملا لتصوير بضعة مشاهد في المغرب، لم يكن لها من تأثير كبير سوى تأكيد عالمية عميل “كي جي بي” السابق وخارقية ناتاشا، وحيث يتحقّق لقاؤها الأول بشقيقتها إيلينا (الممثلة فلورنس بيو) بعد فراق طويل منذ الطفولة.
سوف نمضي في الخيال العلمي على افتراض أن الأرامل السوداوات يجري التحكم فيهنّ عن بعد ليقمن بأعمال قتل واغتيالات خارقة، وحين تنتهي مهامهنّ يقمن بقتل أنفسهنّ في وقت تمتلك فيه ناتاشا وشقيقتها ذلك الترياق الذي هو في شكل رذاذ أحمر يجعل من يخضعن للسيطرة عن بعد يتمرّدن على تلك السيطرة ويصعب التحكم في عقولهنّ، ولهذا تزداد مطاردة ناتاشا وشقيقتها ضراوة.
وكالعادة في مغامرات جوهانسون، ها هي تنفّذ عملية إنقاذ لوالدها من السجن الذي يقبع فيه، ولنتخيل مساحة اللامنطق واللامعقول أن كل ذلك الرصاص الذي أُطلق على الجميع لم يمنع من إنقاذ السجين، بل والتحليق به بعيدا ليدخل طرفا في الصراع المتواصل والممتد من حول العالم ما بين ناتاشا وشقيقتها ثم يضاف إلى ذلك والدهما.
يحفل الفيلم بمطاردات بأشكال شتى وصراعات فردية وقتال أعزل وعمليات اغتيال وتفجير تنتهي بتسلّل ناتاشا إلى مقر ذلك الروسي المتحكم في الأرامل، وهنا تقع المواجهة الحاسمة معه، لاسيما وأنه يقود عملياته في مختلف مناطق العالم بواسطة كومبيوتر لوحي يضمّ أسراره وقدرته على التحكّم في النسوة في إطار من المطاردات والتشويق.
ولكي نمضي مع تلك الرحلة الغرائبية سوف ننطلق منذ البداية مع تكريس والد ناتاشا نفسه عميلا للروس ومنفّذا لتوجيهاتهم، ولهذا يضطر هو وأسرته للهرب إلى كوبا، لكننا سوف نشهد معركة خاطفة وسريعة عندما تستخدم العائلة طائرة صغيرة، بينما يقاتل الأب الذين يلاحقونه وهو على جناح تلك الطائرة.
هنالك بالطبع مساحة كبيرة للمبالغات التي ترتبط بما هو مستقبلي عندما تخضع البشرية لآخر مستحدثات الذكاء الاصطناعي الذي سوف يصل إلى ذروته بتجنيد النسوة من عدة دول في دائرة مؤامرة واسعة تختفي فيها الحدود بين الدول، بينما تمضي الأطراف المتصارعة في مهمتها إلى النهاية.
ويلاحظ خلال ذلك الإيهام والتمويه بإخفاء شخصيات واستبدالها بأخرى، ومن ذلك نزع وجه أم ناتاشا ليظهر وجهها هي، وهكذا تتنقل الشخصيات بين أطوار متعدّدة في أجواء من الصراعات التي لا تنتهي، والتي تكمل مهمة كابتن أميركا الذي يظهر بشكل كوميدي من خلال والد ناتاشا المعجب أصلا بكابتن أميركا، الأمر الذي يدفعه إلى ارتداء البدلة التي تجعله أو توحي له بتقمّص تلك الشخصية.
والحاصل أن التركيز على مشاهد الحركة والقتال والقدرات الخارقة هو الذي يطغى على أغلب المشاهد الفيلمية التي تقودها جوهانسون في إضافة لأدوارها السابقة التي تختلط فيها القدرات الجسدية الخارقة بالذكاء الاصطناعي، حتى أنها أصبحت رمزا أيقونيا لتلك الشخصية التي تجمع بين ملامح وخواص البشر وبين القدرات الخارقة التي تجسّدها برمجيات ومعالجات بيولوجية بما يمكنها من تحقيق أهدافها بمرونة ملفتة للنظر، وهو ما حفل به هذا الفيلم.
المصدر: صحيفة العرب