الأربعاء - 25 أغسطس 2021 - الساعة 09:26 م بتوقيت اليمن ،،،
عدن/ مدى برس/ تقرير خاص:
جاءت الذكرى التاسعة والثلاثون لتأسيس المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس في ظل متغيرات سياسية من شأنها تحديد مستقبل الحزب، وهو المستقبل الذي يكتنفه الغموض في ظل العديد من التناقضات في المواقف للحزب ومنه على حد سواء.
فالذكرى التاسعة والثلاثون لتأسيس الحزب، الذي يعد الحزب الأكبر في اليمن، تأتي والحزب يحظى بزخم جماهيري كبير، بما في ذلك من قطاع واسع من أبناء الشعب الذين كانوا حتى الأمس القريب من أشد خصومه يوم كان هو الحزب الحاكم والماسك بزمام السلطة في اليمن.
على أن صعود لاعبين جدد إلى سدة الحكم وتحديداً الجماعات الدينية المتمثلة بجماعة الحوثي الانقلابية وحزب التجمع اليمني للإصلاح، وممارستهم الإقصائية وفشلهم في إدارة الحكم، قد جعلت الشارع اليمني يحن إلى وسطية واعتدال المؤتمر، ومنهجه المدني في إدارة الدولة، بالإضافة إلى الأمن والاستقرار الذي كان العنوان الأبرز لمرحلته.
من وجهة نظر المؤتمريين، فخلال فترة حكمهم والتي امتدت إلى 33 عاماً، تحقق للوطن الكثير من المكاسب والإنجازات وعلى مختلف الأصعدة السياسية والديمقراطية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية وغيرها، وفي مقدمتها إعادة وحدة الوطن والديمقراطية التعددية، وبناء دولة المؤسسات، وضمان الحقوق والحريات للجميع، رجالاً ونساءً، في ظل مشاركة شعبية واسعة في إطار وطني شامل وجامع بعيداً عن كل أشكال التعصب المناطقي والجهوي والحزبي والنزعات المذهبية والسلالية وغيرها من النعرات المقيتة.
كما كان المؤتمر بنهجه الوطني المعتدل ومرونته وتفهمه هو السبيل لإقامة أوثق علاقات الإخاء والود مع أشقائه وجيرانه القائمة على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، وفي ظل هذه السياسة الحكيمة أمكن لليمن أن يمد جسور التعاون مع الجميع وحل كافة المشاكل بنهج الحوار والتفاهم وفي مقدمتها مشاكل الحدود وتعزيز الأمن والسلام الإقليمي والدولي.
حالة من الحنين إلى الماضي يعيشها المؤتمريون الذين غادروا السلطة بعد أكثر من ثلاثة قرون من تفردهم بها، وهو حنين ربما يشاركهم إياه اليمنيون كافة على مختلف انتماءاتهم وهم يرون اليمن تكتوي بنار الحرب للعام السابع على التوالي، وتعاني من حالة من الانقسام السياسي والاجتماعي.
على أن حالة الحنين هذه تزداد أكثر حين يرى أن الانقسام العام الذي يعاني منه وطنهم قد انعكس أيضاً على الوضع الداخلي لحزبهم والذي يشهد انقساماً بين قيادات الحزب التي صارت بعد رحيل مؤسسه تتباين في مواقفها وقناعاتها ومقر إقامتها، وهو الانقسام الذي أسفر عن تشظي الحزب إلى عدة تيارات أبرزها التيار المتواجد في صنعاء برئاسة صادق أمين أبو راس، وتيار الشرعية برئاسة هادي، وتيار في القاهرة وأبوظبي.
حالة الانقسام باتت تمثل إشكالية صعبة لدى قيادات الحزب، عبّر عنها القيادي المؤتمر ونجل مؤسس الحزب، أحمد علي عبدالله صالح الذي دعا وفي خطاب له بذكرى تأسيس الحزب كل قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام إلى مزيد من التلاحم ووحدة الصف وتجاوز أي اجتهادات متباينة في وجهات النظر تفرضها الظروف المحيطة بالمؤتمر وتكويناته في الداخل والخارج، وتفرضها الضغوط والتحديات التي يواجهها المؤتمر من المتربصين به ممن لا يريدون له خيراً ولا يروق لهم أن يضطلع المؤتمر بدوره لخدمة الوطن والشعب وهو ما لم يفلحوا به أبداً، لأن المؤتمر وحدة واحدة متماسكة وكيان واحد غير قابل للتجزئة والانفصام ورقم صعب تجاوزه في أي حسابات آنية أو مستقبلية في المشهد السياسي اليمني وفي الخارطة اليمنية عموماً ولدى المؤتمر رؤيته الوطنية الموضوعية الكفيلة بتجاوز الأوضاع المأساوية الراهنة والمحزنة التي يعيشها الوطن والاضطلاع بدوره مع القوى الوطنية الخيرة من أجل خدمة الوطن ومصالح الشعب.
الكاتب والمحلل السياسي فيصل الصوفي قال لـ"مدى برس"، "صحيح أن المؤتمر الشعبي العام تعرض لهزة سياسية وتنظيمية بتخلي عدد من أعضاء اللجنتين العامة والدائمة عنه في عام 2011، ثم تعرض إبان هذه الحرب إلى انقسام، حيث هناك تيار يقف إلى جانب الرئيس هادي، وتيار مؤيد لأحمد علي عبد الله صالح، والتيار الأكبر الذي يترأسه صادق أبو راس في صنعاء، لكن حسبك –على سبيل المثال- في الذكرى السنوية التاسعة والثلاثين لتأسيس المؤتمر الشعبي، أن ترى حفلاً بالمناسبة يقام في صنعاء، وآخر في مأرب تحدث فيه أحمد عبيد بن دغر بصفته السابقة -نائب رئيس المؤتمر-، وبصفة هادي رئيساً له، بينما احتفل بالمناسبة آخرون في القاهرة وأبو ظبي وعمان كل بطريقته".
ويضيف "الصوفي": "أريد من هذا الإشارة أن الانقسام حالة استثنائية أو طارئة، وأن تمسُّك الجميع بأهداف المؤتمر دليل على الحرص عليه وتأكيد الانتماء إليه.. وهذه الحالة الاستثنائية سوف تنتهي بزوال أسبابها.. هذا إلى جانب أن حنين الناس إلى الفترة التي حكم فيها المؤتمر، هو مؤشر على مكانته في ضمير اليمنيين، ومستقبله ليس معزولاً عن هذا الحنين، بل إن دول الإقليم ترى ضرورة إعادة توحيد المؤتمر، وأن يكون فاعلاً في الحياة السياسية، إدراكاً منها للتجربة التي قدمها أثناء وجوده في السلطة، حيث ظلت السياسة الخارجية لليمن منفتحة ومتوازنة مع مختلف دول العالم، فضلاً عن أن سياساته الداخلية أوجدت استقراراً في المجتمع اليمني، على الرغم من علاقته المضطربة مع أحزاب المعارضة، التي انتفضت عليه، وصارت اليوم تستدعيه، وفي حاجة لدوره".
وما بين عوامل القوة التي يمتلكها الحزب والذي يعد الأكثر قبولاً لدى الداخل والخارج، والأزمة التنظيمية التي تعصف به من الداخل وتهدد كيانه، يبقى أمل المؤتمريين أن يعود حزبهم إلى رياديته باعتباره حزب كل اليمنيين والحزب الممتد على كل خارطة الوطن.