نافذة على السياسة

الإثنين - 30 أغسطس 2021 - الساعة 08:59 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ تقرير خاص:


على نار هادئة يجري الإعداد لملامح المرحلة السياسية القادمة في اليمن، حيث تستمر المشاورات السياسية بين الأطراف الدولية المسؤولة عن الملف اليمني لإعداد مسوَّدة الحل السياسي للأزمة اليمنية والذي سيتم بموجبه إنهاء الحرب والشروع في عملية السلام، وهو الحل الذي سيتم بموجبه طي صفحة الرئيس هادي ونائبه علي محسن الأحمر.

وبحسب التسريبات الصحفية شبه المؤكدة، فإن حالة إجماع لدى المجتمع الدولي واللاعبين الدوليين والإقليميين في الملف اليمني على طي صفحة هادي، والشروع في مرحلة انتقالية جديدة على غرار تلك التي أوصلت هادي بموجبها إلى سدة الحكم وفق نصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، حيث يجري الحديث عن صيغة توافقية تتمثل بالتوافق على نائب رئيس جديد بين جميع الأطراف السياسية تشير بعض المصادر الخاصة بـ"مدى برس" أنه سيكون من خارج القوى السياسية ومن التكنوقراط والذي يحظى بتوافق جميع الأطراف، حيث سيتم نقل صلاحيات الرئيس إليه ليصبح رئيساً توافقياً للمرحلة القادمة.

مصادر خاصة بـ"مدى برس" قالت إن الرئيس التوافقي الجديد سيكون من مهامه الرئيسية إنقاذ اقتصاد البلد، ولذا فقد تم الحرص على اختياره من خارج الملعب السياسي. وأشارت مصادر "مدى برس" أن رجل الأعمال شوقي أحمد هائل هو الأوفر حظاً ليكون رئيساً توافقياً لليمن خلال المرحلة القادمة التي قد تطول فترتها لتكون خمس سنوات.

المصادر أشارت إلى أنه يجري الحديث عن صيغة توافقية أخرى تتمثل بتشكيل مجلس رئاسي يتكون من عدة شخصيات تمثل القوى السياسية الفاعلة في البلد بمن فيها جماعة الحوثي، حيث سيتكون المجلس الرئاسي من عدد فردي من الأعضاء قد يكون 5 أو 7 بينهم الرئيس التوافقي بينما سيتم تقاسم بقية الأعضاء بالتساوي بين الشمال والجنوب.

وأكدت المصادر أن طرح هذه الصيغة التوافقية يأتي لاستيعاب جميع القوى السياسية وكذا لاستيعاب التمثيل الجغرافي لكل المناطق اليمنية في ظل الخلافات السياسية ذات الطابع الجغرافي بين الشمال والجنوب والتي جاءت انعكاساً للواقع السياسي والعسكري الذي قسم مناطق النفوذ جغرافياً بين القوى المسيطرة على الأرض وأبرزها جماعة الحوثي التي تسيطر على معظم مناطق الشمال، والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على غالبية مناطق الجنوب.

رَسْمُ الواقع السياسي الجديد صار بيد اللاعبين الدوليين والإقليميين، حيث باتت هذه المهمة حكراً على اللاعبين المتحكمين بالمشهد اليمني والمتمثل بالمبعوث الأممي للأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية، بالإضافة للاعبين الإقليميين وأبرزهم المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان التي تعد من الحلفاء الرئيسيين لجماعة الحوثي الانقلابية.

وتكمن أهمية الحل السياسي الجديد للأزمة اليمنية والذي يجري الإعداد له في كونه يستوعب واقعاً جديداً يختلف عن الواقع السياسي الذي عصف بالبلاد عقب أحداث العام 2011 حيث كان الحل السياسي حينها محصوراً في المكونات السياسية المتمثلة بالمؤتمر الشعبي العام من جهة وأحزاب اللقاء المشترك من جهة أخرى، وجاء الحل السياسي المتمثل بالمبادرة الخليجية لاستيعاب المتغيرات التي فرضتها الأزمة السياسية عقب دخول البلاد في فراغ دستوري فرضته الثورة الشبابية الشعبية.

أما متغيرات الأزمة السياسية الحاصلة اليوم فتتمثل بالحرب التي لا تزال مشتعلة منذ اندلاعها في مارس 2015 حيث بات إيقاف الحرب والشروع في استئناف العملية السياسية هو الأساس الذي سيتم البناء عليه في صياغة حل سياسي ينهي الأزمة اليمنية ويستوعب جميع الأطراف الفاعلة في سياقه، خاصة في ظل ظهور قوى سياسية جديدة وفاعلة في المشهد اليمني، ولها مطالبها التي لا يمكن تجاهلها.

ومن أبرز القوى السياسية الجديدة والفاعلة على الساحة اليمنية، المجلس الانتقالي الجنوبي والذي بات الممثل الشرعي للجنوب، حيث يسيطر على معظم مناطق الجنوب بما فيها العاصمة عدن، كما يملك رصيدا جماهيريا وشعبيا كبيرا نتيجة دوره الذي لعبه في تحرير المحافظات الجنوبية من الانقلابيين الحوثيين، وكذا تحمله لمسؤولية الدفاع عن القضية الجنوبية.

هذه المتغيرات جعلت القوى الدولية والإقليمية غير قادرة على تجاوز المطالب الرئيسية للانتقالي الجنوبي والذي يطالب باستعادة دولة الجنوب، ما جعل التسريبات التي تتحدث عن حلول مقترحة للأزمة اليمنية تتضمن الحديث عن خصوصية الجنوب في غالبية بنود الحل السياسي، بالإضافة للحديث عن طرح القضية الجنوبية للاستفتاء الشعبي بإشراف أممي في بداية العام الأخير من المرحلة الانتقالية التي من المتوقع أن تمتد لخمس سنوات.

ولعل الأزمة السياسية الحالية والتي جاءت نتيجة للانقلاب الذي قامت به جماعة الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014 قد تسببت بظهور لاعبين سياسيين جدد على الساحة اليمنية التي باتت ساحة لصراع إقليمي يتمثل بين دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى، وهو ما يعني أن حل الأزمة السياسية اليمنية سيأتي في سياق التفاهمات السياسية بين القوى الإقليمية في ظل وجود قيادة أمريكية جديدة وكذا قيادة إيرانية جديدة، تهدفان لوضع أرضية مشتركة لحل خلافاتهما التي ترتكز في مجملها في الموقف من البرنامج النووي الإيراني والعقوبات الأمريكية على إيران وكذا التدخلات الإيرانية للمنطقة وتهديدها لطرق الملاحة الدولية.