عربي ودولي

الأحد - 29 مايو 2022 - الساعة 02:32 ص بتوقيت اليمن ،،،

مدى برس/ متابعات:


قرّر القضاء التونسي الجمعة حظر السفر على 34 متهما في قضية تتعلق باغتيال معارضَين سياسيَين، وشمل الإجراء رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، في خطوة قال مراقبون إنها قد تعيد القضية إلى الواجهة وتضع تساؤلات كبرى حول حركة النهضة ومصداقية ما تطلقه من تصريحات بشأن التزامها طريق التغيير السياسي السلمي.

وقالت المتحدثة باسم محكمة ولاية أريانة فاطمة بوقطاية “أصدر قاضي التحقيق قرارا يقضي بتحجير السفر على جميع المتهمين المشمولين بالتتبع في قضية ما يعرف بالجهاز السري”. وأضافت أنه “يتهم في القضية 34 شخصا من بينهم راشد الغنوشي”.

ويرتبط “الجهاز السري” باختراق مؤسسات الدولة، وخاصة الوزارات السيادية، فضلا عن الاتهامات الموجّهة إليه بالوقوف وراء اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013 وفق ما تقول هيئة الدفاع عنهما، في وقت تنفي حركة النهضة امتلاكها لجهاز سري وأيّ صلة لها بالاغتيالات السياسية.

وترى أوساط سياسية تونسية أنه بقطع النظر عن الظرفية السياسية التي صدر فيها قرار تحجير السفر، والتي تتسم بصراع حاد بين حركة النهضة والرئيس قيس سعيد، فإن وجود اسم شخصية بارزة مثل الغنوشي في ملف حساس مثل هذا يحتاج إلى تحرك قضائي جدي وسريع لإيضاح مختلف الحيثيات، معتبرة أن الأمر ستكون له تداعيات في الداخل والخارج في حال تأكيد التهم أو نفيها.

وتعتقد هذه الأوساط أن تحجير السفر على الغنوشي سيضع حركة النهضة تحت المجهر من جديد، بما في ذلك لدى حلفائها في جبهة “الخلاص الوطني” الذين يلتقون معها في معارضة مسار قيس سعيد، لكنهم يشددون باستمرار على أن هذا التحالف ظرفي ومرتبط بمهمة واضحة، وأنه لا يلغي خلافاتهم معها في خلفيتها الفكرية ومواقفها وأفكارها، وأن المعطى الجديد قد يقود إلى انفراط عقد الجبهة بسرعة، فلا أحد من مكوّناتها يقبل أن يكون مثار شبهات.

وتشير هذه الأوساط إلى أن تحجير السفر على رئيس حركة النهضة سيكون له صدى خارجي أكبر مما هو في الداخل، فهو يحصل دائما على المرتبة الأولى كأكثر شخصية مكروهة لدى التونسيين، لكن في الخارج هناك اهتمام بتجربة حركة إسلامية تقول إنها تتبنى الديمقراطية وتقبل بنتائج صناديق الاقتراع، وإنها اختارت التغيير السلمي ونأت بنفسها عن تجارب حركات أخرى تعتمد على العنف. لكن نتائج التحقيق في هذه القضية ستحدد صورة الحركة كونها حركة سلمية تلجأ إلى وسائل ديمقراطية، أم حركة بجهاز سري لا يتردد عن ممارسة العنف متى ما دعت الحاجة.

وكشفت المتحدثة باسم محكمة ولاية أريانة في تصريحات صحافية أن التهم الموجهة للمعنيين بقضية ”الجهاز السري”، تتمثل في التحصيل بأيّ طريقة كانت على سرّ من أسرار الدفاع الوطني، وإعلام شخص غير ذي صفة بأيّ وجه كان بمناسبة الثورة.

وأضافت في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية إلى التهم السابقة ”تهما أخرى تتعلّق بالقيام بدل الهيئات الحاكمة المكونة بمقتضى القانون واستغلال شخص أو موظف عمومي.. والقبول بنفسه أو بواسطة غيره لعطايا أو وعود بالعطايا أو منافع مهما كانت طبيعتها بدعوى حقوق وامتيازات لفائدة الغير”، إضافة إلى “معالجة المعطيات الشخصية دون ترخيص وتعمد إحالتها بغاية تحقيق منفعة لنفسه أو لغيره بغاية إلحاق ضرر بالمعني بالأمر طبق مقتضيات الفصول 61 ثالثا و73 و87 من المجلة الجزائية وقانون حماية المعطيات الشخصية.”

ويقول متابعون للشأن التونسي إن طرح هذه القضية في الوقت الحالي سيحوّل الغنوشي وحركة النهضة من حالة الهجوم إلى الدفاع، فرئيس حركة النهضة عمل منذ الخامس والعشرين من يوليو الماضي على توسيع دائرة المعارضين لقيس سعيد، وسعى لإقناع دوائر خارجية بمشروعية ما يقوله بوصفه مسار قيس سعيد بالانقلاب، وأن الوضع الآن سينقلب رأسا على عقب إذ سينكفئ الغنوشي على نفسه ويركز كل جهده على تبرئة نفسه وحركته من تهم خطيرة.

وضمن هذا السياق، ظهرت بيانات وتصريحات متناقضة لقياديين في النهضة، بدأت بنفي وجود الأمر القضائي القاضي بتحجير السفر على الغنوشي واعتبار الخبر مجرد تسريب موجه للتغطية على الأزمة السياسية، ثم تغير الخطاب إلى نفي توصّل الغنوشي بأيّ وثيقة قضائية تفيد بتحجير السفر عليه. ولاحقا، بات كلام النهضة وقيادييها وأنصارها على مواقع التواصل يتركز على أن الغنوشي يضع نفسه على ذمة “القضاء العادل والمستقل”، وأنه “لا ينوي السفر إلى الخارج”، وأن المكتب القانوني للحركة “سيتولى التفاعل مع حقائق الأمور”، في اعتراف ضمني بوجود أمر التحجير.

واعتبر بيان لحركة النهضة يحمل توقيع الغنوشي “أن ما يحصل هو عملية ممنهجة لإلهاء الرأي العام وصرفه عن الاهتمام بالمشاغل الحقيقية وواقع الأزمة السياسية والاقتصادية التي تسبب فيها الانقلاب على الدستور وتداعياته على الوضع الاقتصادي المنهار وواقع الاحتقان الاجتماعي”.

وقال ماهر مذيوب المكلف بالإعلام في مكتب رئاسة البرلمان المنحل “إن راشد الغنوشي حر طليق، ولا يخطط حاليا للسفر، إلا بعد سقوط الانقلاب”.

المصدر: العرب اللندنية