عربي ودولي

الأربعاء - 15 يونيو 2022 - الساعة 05:35 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى برس/ وكالات:


أعلن الديوان الملكي السعودي زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البلاد منتصف الشهر المقبل، وذلك بدعوة رسمية من الملك سلمان بن عبدالعزيز "لبحث أوجه التعاون بين البلدين ومواجهة تحديات المنطقة والعالم".

وكشف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية (واس) عن ملامح برنامج الزيارة الذي قال إنه سيتضمن لقاء الملك وولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى جانب حضور قمة إقليمية دعاها إليها الملك سلمان تضم دول مجلس التعاون الخليجي وأيضاً مصر والعراق والأردن.

وكان البيت الأبيض أعلن، يوم الإثنين، تحديد موعد قريب للزيارة بعد جدل إعلامي واسع، إثر عزم بايدن زيارة الرياض بعد أنباء عن رفض ولي العهد السعودي استقبال مكالمته وسط أزمة الطاقة العالمية جراء حرب أوكرانيا، فيما اعتبر موقفاً حازماً من السعودية يعبر عن استيائها من سياسة البيت الأبيض المتبعة في عهد الرئيس الحالي نحو ملفات عدة في المنطقة، أبرزها الحرب في اليمن والملف النووي الإيراني.

تعزيز الشراكة

إلى ذلك، قال الديوان الملكي إنه "بدعوة كريمة من الملك سلمان بن عبدالعزيز وتعزيزاً للعلاقات الثنائية التاريخية والشراكة الاستراتيجية المميزة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، والرغبة المشتركة في تطويرها في المجالات كافة، يقوم الرئيس جوزيف بايدن رئيس الولايات المتحدة الأميركية الصديقة بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية يومي 16 و17 ذي الحجة 1443هـ، الموافقين 15 و16 يوليو (تموز) 2022، يلتقي خلالها الملك وولي العهد".

وأظهر جدول الزيارة أنها ستكون مطولة قياساً بزيارات المسؤولين الأميركيين، إذ ستستمر يومين، فتبدأ أولاً "ببحث أوجه التعاون بين البلدين الصديقين ومناقشة سبل مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم".

وفي اليوم الثاني من الزيارة بعد الأخذ والرد الذي ساد علاقة البلدين على نحو نادر، يحضر بايدن وفق البيان "قمة مشتركة دعا إليها الملك سلمان قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وملك الأردن ورئيس جمهورية مصر العربية ورئيس مجلس وزراء جمهورية العراق يوم الـ 16 من يوليو 2022"، أي بعد يوم من وصول الرئيس الأميركي وقمته مع الجانب السعودي.
 

هل تجب الزيارة ما قبلها؟

وكان محللون سياسيون رأوا في الزيارة المتوقعة منذ نحو شهر، أنها قد "تجب ما قبلها" من خلافات بين البلدين الصديقين وإن لم تنهها بالكلية، خصوصاً وأن كلا الطرفين لم يرغبا أن يكون اللقاء عابراً، وإنما استبقاه بالتحضير والنقاش لأبرز الملفات التي يُعتقد أن المواقف المتباينة حولها، تقف خلف استياء الطرفين.

ويشير السعوديون على نطاق واسع إلى أن الرياض وإن فتحت أبوابها أخيراً للرئيس الأميركي فإن ذلك لم يكُن بلا ثمن، إذ يأتي بعد سلسلة من المواقف الإيجابية الرامية إلى تصفية الأجواء بين بلدين لطالما وصفا علاقاتهما بـ"التاريخية الراسخة"، قبل أن تظللها غمامة منذ وصول الرئيس الحالي إلى السلطة، أثارت سجالاً ونقاشاً على المستويات كافة.

إلا أن الزعيم الديمقراطي الذي بدأ عهده برسائل مزعجة لحلفاء واشنطن التقليديين تبعاً لسردية اليسار المتطرف، أقنعته المؤشرات الدولية في أشهر مضت، أن حل كثير من معضلاته والعالم، لا بد فيها من الرياض، وإن اختلفت معه في كثير من التفاصيل، التي جعلته يحاول اتخاذها دولة منبوذة، بعدما كانت صاحبة المقام المحمود لعقود في مراكز القرار في الولايات المتحدة والغرب الأكبر.

وكان العد التنازلي للزيارة التي أعلنت رسمياً فقط اليوم، بدأ عندما نقلت "سي إن إن" الأميركية بعد منتصف مايو (أيار) الماضي عن مسؤولين في البيت الأبيض أن "بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قد يجتمعان للمرة الأولى في أقرب وقت، بعد أشهر من البرود الدبلوماسي، ما يمثل تحولاً لرئيس الولايات المتحدة الذي أعلن ذات مرة المملكة العربية السعودية ’منبوذة"، على حد قولها.

وقالت إن ذلك جاء بعد محادثات مضنية لمسؤولين أميركيين مع السعوديين بشأن ترتيب لقاء شخصي محتمل أثناء جولة الرئيس الشرق أوسطية، لكن ذلك يبدو أنه لم يرق للرياض التي ثبتت على موقفها على الرغم من المناورة الأميركية، فجاء بايدن إليها في زيارة مطولة ومستقلة، تطورت إلى قمة إقليمية لم يغب عنها من حلفاء واشنطن غير إسرائيل التي ترفض الرياض حتى الآن إبرام اتفاق سلام معها، وهو ما ترددت أنباء عن ضغط الأميركيين بإثنائها عنه، إلا السعودية دائماً ما علقت ذلك بتطبيق إسرائيل مبادرة السلام العربية.

ولفتت القناة في ذلك الحين إلى أن أي اجتماع من هذا النوع كان سيكون روتينياً بين بلدين حليفين مثل السعودية وأميركا، إلا أنه "يمثل الآن تحولاً كبيراً بسبب التوتر الأخير في العلاقة، ومن المحتمل أيضاً أن يثير ذلك بعض الجدل في الداخل بالنسبة إلى بايدن"، في إشارة إلى انتقاداته السابقة للسعودية على خلفية الحرب في اليمن ومقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وسط تحريض من تيار اليسار في الحزب الديمقراطي، المستحوذ على الغالبية في الكونغرس.

سجال الأمير والرئيس

 لكن السعودية في آخر حوار مع ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، ردت بقسوة على الموقف الأميركي هذا، إذ أجاب الأمير عن سؤال مجلة "ذا أتلانتك" حول ما إذا كان الرئيس جو بايدن أساء فهم شيء ما عنه، فقال "ببساطة لا أهتم. الأمر يرجع له بالتفكير في مصالح أميركا... ليس لدينا الحق في تلقينكم محاضرات في أميركا والعكس ليس لديكم الحق بالتدخل في شؤوننا الداخلية".

ولهذا، تعتقد القناة الأميركية في تحليلها الشهر الماضي بأنه بالنسبة إلى بايدن، فإن "العودة إلى علاقات أفضل مع السعودية تعكس الخيارات غير المريحة في بعض الأحيان التي يجب على القائد اتخاذها عند التنقل في السياسات المعقدة للنفط وحقوق الإنسان وشبكة العلاقات الشرق أوسطية"، على حد قولها، لتشير إلى أن "الحديث عن التقارب مع السعوديين، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، يأتي مع استمرار ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة".

وتلمح إلى أن بايدن في موقف لا يُحسد عليه بسبب مواقفه المتضاربة ضد السعودية وبعض حلفائها، في وقت وجد نفسه فجأة في أمسّ الحاجة إليها، ولا يسعه تجاهلها، إن هو أراد أقصر طريق لحل مشكلات أميركية وعالمية.