نافذة على السياسة

الأربعاء - 01 مارس 2023 - الساعة 09:38 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


مجدداً يعود العميد طارق صالح قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي، الى واجهة الأحداث الدائرة في مسار الأزمة والصراع الدائر في اليمن، ولكن هذه المرة بخطاب مختلف حمل الكثير من الدلالات على مختلف الاصعدة، يحلو لبعض المقربين منه وصفه بــ"خطاب يعنون للمرحلة الراهنة والمستقبلية"، وكما يبدو أنه سيخلق كثير من الجدل في عموم الساحة الوطنية اليمنية وكذلك على مستوى الخارج.

يتضح ان العميد طارق صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي، قد "تعمد بشكل صريح رسم أجندة سياسية وعسكرية للمرحلة القادمة في اليمن عنوانها الأهم (السلام أولاً وليس أخيراً) دون أن يغفل التذكير باستراتيجية ميليشيات الحوثي الهادفة لاستنزاف الوقت والجهد من خلال التفاوض، ودائماً بوصلتنا في الحرب هي مواجهة المشروع الإيراني ووكلائه في اليمن، وما دون ذلك هي معارك جانبية".


كما يرى في خطابه "ليست في حسابات وأهداف المقاومة الوطنية والقوات المشتركة في الساحل الغربي، وكذلك يجب ان لا تكون في حسابات قوات محور تعز التي نرتب معها لتوحيد الجبهة والجهد العسكري من البحر إلى الجبل، والاستعداد للمعركة المقبلة".


- شروط يجب ان تتأسس عليها عملية السلام في اليمن

عملياً تضمنت الكلمة التي القاها العميد طارق، يوم الثلاثاء 28 فبراير 2023 ، أثناء اجتماعه بقيادات ألوية المقاومة الوطنية ومختلف تشكيلات القوات المشتركة في الساحل الغربي، جملة رسائل على مختلف المستويات عسكرياً وسياسياً، وفي توقيت يشهد العديد من المتغيرات محلياً وخارجياً، وما يدور من تصريحات حول عملية السلام في اليمن التي ترعاها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، والتي تتزامن مع الحديث حول نقاشات جانبية وفي القنوات الخلفية، ووساطة عمانية وسعودية بين ميلشيات الحوثي وحكومة الشرعية اليمنية.

وفي هذا السياق حدد العميد طارق صالح، بصورة ضمنية عدة شروط يجب ان تؤخذ في الاعتبار في حال تم المضي في مسار السلام الأممي والإقليمي، قائلاً: "نؤكد اننا على مبادئنا ثابتين من أجل استعادة دولتنا وجمهوريتنا وعاصمتها المحتلة، صنعاء".

واعتبرها ثوابت "لا يمكن الحياد عنها، فهي مغروسة في مواقفنا وأهدافنا التي ضحينا ونضحي في سبيلها، على رأسها استعادة الدولة وتحقيق السلام العادل والشامل والمستدام، وأن يحكم الشعب نفسه بنفسه عبر صناديق الاقتراع وبعيدًا عن خرافة الولاية ومزاعم الحق الإلهي للسلالة".

وهنا يرى العميد طارق "سنكون جاهزين للسلام في حال تحققت تلك المطالب الوطنية"، ويمكن تلخيص هذه الرسالة التي تعمد ان يكاشف بها أمام الجميع، أن "أي سلام لا يحقق ولا يلبي طموحات شعبنا سيكون غير مقبول".



-حتمية الفشل.. تجارب الحوثيين تمنعنا من التفاؤل


في مقابل ذلك أبدا العميد طارق مخاوفه من فشل مسار السلام ومساعي الوساطة الأممية والاقليمية في اقناع ميليشيات الحوثي بالخضوع لوقف شامل لإطلاق النار، مؤكداً "أن الجهود الأممية والدولية المبذولة تسير في طريق مسدود من قِبل مليشيات إرهابية أنشأتها إيران ضمن أجندتها التوسعية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وليس في جعبتها شيء للسلام".

واعتبر ان ذلك بمثابة تحذير مبني على تجارب سابقة، موضحاً "نحن أكثر من يعرف الحوثي منذ الحروب الست، حيث كانت الدولة تصبر وتصبر وكانت هناك أطراف أخرى تعمل على إضعاف مركز الدولة وتنتظر انهيارها للانقضاض عليها ونسيت أن الحوثي يتربص بالوطن بدعم إيراني ضمن أجندة تصدير فكر الخميني".

وبنبرة ثقة يرى طارق صالح، ان النتيجة الحتمية للمساعي الجارية الفشل، حينما اشار الى انه "يدرك جيدًا أن الجهود الأممية والدولية المبذولة ستذهب سدى، كون مليشيات الحوثي لن تجنح للسلام، لأن إيران تدفعه لاستكمال مخططها الذي بدء في سوريا ولبنان العراق الذي منحها لطهران المجتمع الدولي على طبق من ذهب، والآن الهدف تطويق شبه الجزيرة العربية من خلال السيطرة على اليمن".

لكن هذا المشروع بحسب العميد، "مصيره الفشل، وبالتالي ستكون الحرب قادمة عاجلًا أم آجلًا، في ظل تصعيد مليشيات الحوثي وتعنتها أمام جهود السلام".



- البدائل العسكرية جاهزة في حال فشل السلام


وبعد ان استكمل العميد طارق توضيح الصورة بمختلف أبعادها فيما يتعلق بالعمل السياسي، وضع العديد من البدائل الممكنة في حال وصل مسار السلام لطريق مسدود وفشلت مساعي المجتمع الدولي والوساطة الاقليمية في اقناع الحوثي.

معتبراً أنهم كقوى سياسية وعسكرية في كتلة الشرعية "سنعمل من أجل السلام لكننا في الوقت نفسه نستعد للحرب، وأي حرب قادمة ستكون أشرس من سابقاتها".

في ذات الوقت لم يستبعد بقاء الهدنة التي تخدم الشعب اليمني، خصوصاُ "ونحن الان مقبلين على شهر رمضان الكريم"، وفي الطرف الأخر يكشف انه  "بالنسبة للمقاومة الوطنية والقوات المشتركة في الساحل الغربي، فيعتبر ان أي سلام او هدنة تخدم ميليشيات الحوثي، وتستنزف موقف القوات العسكرية والسياسية، سيكون غير مقبولاً".

وتعهد العميد طارق بعدم عرقلة مسار السلام في حال كان يصب في مصلحة الشعب اليمني، ويمضي في طريقه الصحيحة؛ عندما بين "نحن كمقاومة وطنية وقوات مشتركة في الساحل الغربي نعمل من أجل السلام وهذا صحيح، ولن نتعمد عرقلته، لكن في المقابل سنعمل على الاستعداد للحرب القادمة، مستندين في قوة قيادتنا وموقفنا السياسي على الرجال في الميدان خلال المعارك التي ستتكون الاشرس، لهذا يجب ان يكون عودنا قوي، ولا يمكن كسرة".

ويكرر في كلمته هذه الرسائل التي يقول فيها أنه :"يؤمن بأن المعركة قادمة فميليشيات الحوثي لن تجنح للسلام وتتربص بالجميع لأنهم مشروع إيران ضد السلام في المنطقة، وهذا يتطلب ان نكون على أهبة الاستعداد لمختلف الخيارات، أما هدنة او حرب".

واعتبرها بمثابة " معركة تحقيق السلام المنشود وخيار وقدر الشعب اليمني لاستعادة دولته ودفن خرافة الولاية".

واشار إلى ان " أي معركة قادمة بعد هذه الهُدن الهشة، ستكون أشرس من كل المعارك السابقة ولا بد أن نكون على أهبة الاستعداد، وعلى قدر ثقة الشعب بنا، لأن أي تحرك يأتي بعد هذا الاسترخاء الذي خلقته الهدنة ومساعي السلام وايقاف الحرب، يتطلب استعداد".


- موقف صلب واستعداد عسكري

يستند موقف العميد طارق، فيما يتعلق بتقديره للتطورات المستقبلية بحسب تعبيره، من  "قوة موقفنا ومن ثقتنا برجالنا في الميدان"، مشيرًا إلى "القدرات والإمكانيات التي وصلت إليها المقاومة الوطنية، وبالشكل الذي يجعلها قادرة على خوض المعارك دون حاجتها إلى غطاء جوي".

وأضاف: ندرك جيدًا ثقة الشعب بالقوات المشتركة وجبهات الساحل الغربي، حيث يأتي ذلك من "أنها قوات يجمعها هدف واحد وعدو واحد.. فنحن لسنا في موقف ضعف والجميع يعرف كيف بدأت المقاومة الوطنية والتهامية وكم أصبح تعدادنا اليوم ، وتساءل "ألسنا اليوم اقوى من الامس".

وللتأكيد على جهوزية القوات المشتركة "نحن في هذه اللحظة قادرون على خوض اشرس المعارك دون غطاء جوي، لهذا لم نعد مجرد قوات شعبية، بل اصبحنا جيش نظامي ويحقق انتصارات وينفذ خطط عسكرية".

وتطرق لحديث الناس وثقتهم في القوات المرابطة في الساحل الغربي والرسائل التي تصل بشكل يومي، عن موقف المقاومة ونشاطها ورغبتها في استئناف المعركة الوطنية، وبناء عليه قال: "يجب ان نشتغل نحن كمقاومة مشتركة بهدف تحرير اراضينا ، في تهامة وفي تعز وصنعاء، لان هذا نهج نرى أنه مغرم وليس مغنم، بان تضحي بأسرتك وبيتك وممتلكاتك".



- وحدة الصف نهج دائم لقيادة المقاومة الوطنية

ولم تغفل رسائل العميد طارق عن التطورات الجارية خصوصاُ الخلافات التي نشبت مؤخراً بين بعض مكونات مجلس القيادة الرئاسي، موضحاً أنه "ليس لدى المقاومة الوطنية معارك جانبية لا في الجنوب ولا في الشرق ولا في أي مكان، فقط عدونا الحوثي، وهدفنا واضح ومحدد منذ الطلقة الأولى".

وكشف عن "وجود محاولات بقدر الامكان لترتيب المشهد مع محور تعز العسكري، حيث كان هناك توافقات واجراءات جيدة تصب في مصلحة جبهات تعز والساحل الغربي، كونها خطوة مهمة لتوحيد الجهود والجبهات العسكرية من البحر إلى الجبل".

وجدد دعوته الى "توحيد الجبهة العسكرية والسياسية ، قائلا: نشد على الاخوة في محور تعز لاستكمال الترتيبات وتوحيد الصفوف والجهود والجبهات ونصبح يداً واحدة ، وللتأكيد على أهميتها ضرب مثل شعبي " لأن ما يحدث في جارك اليوم ، غداً سيكون في دارك".

كما أكد على وحدة الصف في الساحل الغربي حيث "تراجعت وتيرة المشاحنات الى ادنى مستوياتها مقارنه في السابق".

وطالب ان يتفق الجميع على "ان العدو الاوحد هي ميليشيات الحوثي، ولا يوجد أي عدوات مع القوى الشريكة في المشروع الوطني لا جنوباً ولا شمالاً وشرقاً ولا غرباً، بل نحن اخوة في الميدان ونبذل دم مشترك ، ويجب ان نترك المماحكات والحسابات الجانبية التي ليس لها داعي".


- خلق نموذج يعيد ثقة الناس بالدولة


تطرق العميد في كلمته الى ملف التنمية في مناطق الساحل الغربي وتعز، معتبراً "ان تشييد المزارع وحفر الابار  ليست اهداف في ذاتها  غير انها مشاريع  نقوم بها لتعزيز تجربة الدولة في المناطق التي نحرسها، وتعطي نموذج للمناطق الاخرى ان لدينا دولة حقيقية ومشاريع تخدم السكان، وتثبيت الامن والاستقرار".

ولفت إلى أن "الحوثي يسعى إلى تدمير المجتمع اليمني بتهريب المخدرات والأسلحة ونهب الأراضي، واثارة النزاعات الداخلية والقضايا الجانبية لخلق فتنة بين مختلف القوى ، لكن لن نسمح له ولن نسمح بوجود خلافات ، ونحن اخوة وسنبذل دمائنا من اجل بعضنا بعضاً".

مؤكدًا أن "الحوثي ينتهك ويعبث في مناطق سيطرته وينهب الأموال من قوت اليمنيين لصالح خدمة مشروع وأجندة إيران".

وحث العميد طارق صالح قادة الأولوية على تلمس أحوال المواطنين، لا سيما وأن رمضان على الأبواب.. لافتًا إلى أن الخلية الإنسانية ستعمل، بدورها، على إعانة الفقراء والنازحين خلال الشهر الفضيل، بكل ما لديها من إمكانيات.