تفاصيل

الثلاثاء - 11 فبراير 2020 - الساعة 07:19 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى الثقافي / دليل يوسف

في نهاية ابريل / نيسان 2019، حظينا بجولة ماتعه، لأجمل المدن التاريخية إنها مدينه تريم اليمنية، ذات الطابع المعماري المتميز والطقوس النورانية الخاصة.

الطريق من سيئون إلى تريم يشعرك بالأمان وانت تسير صوب رحلة استكشافيه، يشد ناظريك سحر الطبيعة وتناسق العمارة الطينية في مدن ووادي حضرموت.

منطقة "غرف " هي اولى مناطق تريم، حي شعبي يتوفر فيه بعض الخدمات الحضرية، مطعم يقدم الوجبات الحضرمية ومحال متواضعة تبيع احتياجات المسافرين، يليه على الجهة اليسرى من الطريق المؤدية الى تريم "مقام الامام الحداد حاوي الخيرات “معلم تاريخي كبير، الحداد يعد أبرز اعلام الصوفية، وأحد اولياء الله الصالحين كما روي عنه.

المقام فيه مسجد الفتح التابع للإمام حاوي الخيرات، وفي داخله بئر ماء كبيره تحت المسجد مباشره يستخدمه الزائرون للوضوء والشرب بحجة الاستشفاء والتبرك ونظافة المسجد، كما توجد في المقام مدرسة دينية يقصدها طلبه العلوم الدينية من داخل اليمن ومن بلدان العالم كإندونيسيا وشرق آسيا.

أخذنا جولة سريعة في فناء المقام والتقاط الصور التذكارية بمعية الزميل حداد مسعد، غادرنا المكان صوب أروقة المدينة وشوارعها النظيفة والجميلة، يحدثنا عن المعالم التاريخية في تريم مشيرا إلى "مكتبة الأحقاف للمخطوطات ".

أقدم المكتبات العالمية وثاني مكتبه على مستوى اليمن، حيث تأسست من عده مكتبات اهليه، وفيها مخطوطات تعود إلى القرن السادس الهجري مما جعلها ذات اهمية علمية وتاريخية عريقة بين دور النشر والمخطوطات العالمية.

بلا مقدمات نحن في حضرة المكتبة الغنية بمخطوطات وكتب نادره، تحتوي على ارث تاريخي قديم فيها قرابة ستة الآلاف عنوان بلسان القائمين عليها، المخطوطات التي في رفوفها تزيد اعمارها عن 800 عام، والتي لا توجد في أغلب مكتبات العالم.

أهم ما يميز مدينة تريم الحضارية هي المدارس الدينية والمعالم التاريخية القديمة، وشجر النخيل الكثيفة، والسكينة والأمان الذي تجده في عيون اهالي تريم، انتشار المدارس الدينية والمعالم التاريخية جعل منها وجهة لمنظمات الثقافة والعلوم الدولية، وطلاب العلم الذين يتوافدون اليها للتعليم والمعرفة في مدارسها الدينية والعربية، ولعل أهم المدارس مدارس رباط تريم لتدريس العلوم الدينية والعربية.

وفي تريم تجد المباني الأثرية والتاريخية وقصور السلاطين ممن حكموا تريم في بداية العصور الأولى، ف بالقرب من مدرسة رباط تريم يوجد" قصر الرناد “التاريخي، الذي كان بمثابة مقر دائم للسلطان القعيطي، حيث يتميز هذا القصر بجمال أسر واخاذ، كما يعد من أكبر الحصون اليمنية والقلاع التاريخية، وفيه أسرار وخبايا كثيره.

لمح لنا بعض القائمين على قصر الرناد أن فيه سراديب وانفاق متعددة تأخذك من داخله في وسط تريم إلى خارجها ، صنعت هذه الانفاق في القديم من قبل السلطان تحسبا لأي هجوم على مدينه تريم من حرب أو حصار، كطريق أمن للخروج من المدينة ، كما يوجد في القصر مخازن كبيره للحبوب ، ومداخل ضيقه إلى غرف يرجح أنها كانت تستخدم كزنازين سريه ، كما يحتوي على قنوات خاصه لتصريف المياه من أعلى القصر إلى منتهاه ،وحين يصعد الزائر الى أعلى القصر يستطيع رؤية المدينة الجميلة ومشاهده جهاتها الاربع ، لكن قصر "الرناد " أصبح اليوم مبنى ادارة السلطة المحلية بالمدينة ومكاتبها التنفيذية بدلا من كونه قلعة وحصن تاريخي ، يتبع مكتب السياحة والآثار ومنظمات العلوم والثقافة .

يطلق في بعض الكتابات على تريم ب "مدينة المساجد “؛ نتيجة انتشار المساجد الكثيرة في عموم ازقتها حيث قيل انه يوجد فيها قرابة (360) مسجدا ومدرسه دينيه، وأبرز هذه المساجد " جامع المحضار " المعلم التاريخي والمنارة الدينية، صاحب أطول منارة طينية في العالم والذي ارتبط اسمه بتاريخ المدينة التنويرية.

داهمنا الوقت بعد نهاريه رصدت أبرز معالم تريم الأثرية والتاريخية.

شرعنا على الفور لتناول وجبة الغداء الحضرمية، التي لا تختلف كثير عن وجبات مطاعم حضرموت في عموم اليمن، وبعد الانتهاء من وجبه الغداء، رفيقنا حداد الح علينا بالعودة إلى جلسة تريميه، لكنها جلسة خالية من اغصان القات؛ نتيجة ثقافة تريم تجاه القات، فهم لا يتعاطون القات الا ما ندر، لذا جلسات مقيل اهالي تريم تكون لها طقوسها الشعبوية، جلسة مصحوبة بشرب القهوة " الشاهي".

ففي بيوت تريم تجد القهوة متعددة الالوان والنكهات، تقدم بلونها الأحمر والأخضر واللبن والكردية والشوكولا، وأنواع أخرى، بكاسات صغيره بشرط أن تكون دافئة، وفي كل كأس ملعقة صغيره ولجوارهم علبه صغيره من السكر، ويستمر تقديم الشاهي أو القهوة بهذه الطريقة طيلة جلسة المقيل.

تحدثنا لحداد أننا اكتفينا من شرب القهوة، لكنة رد بأن هناك ثمت إشارة تصنع من قبل الزائرين كي يفهمها من يقف على براد القهوة بالداخل.!

في حال اكتفيت من شرب القهوة ، عليك ان تعكس ملعقة السكر في داخل الكأس الفارغ ، لتكون بمثابة رسالة لمن يقف على براد القهوة أن أحدهم اكتفى من القهوة .

ودعنا حداد بعد ان بدأ المساء يشرعن إخفاء ألوان النور والجمال، المميز لمباني وقصور مدينة تريم، باختفاء شمس الغروب خلف منارة جامع المحضار التاريخية ، ليشعرنا بساعة العودة ، ومغادرة تريم ، بقلب مفتون وصورة أسره ، تسجل في الذاكرة رحلة نادره ، عنوانها سحر الطبيعة وتاريخ حضرموت .