الإثنين - 17 فبراير 2020 - الساعة 09:50 م بتوقيت اليمن ،،،
مدى برس/ المحرر الثقافي:
في مثل هذا اليوم 17/2 / 1948 قال القردعي وهو يوجه بندقيته في نحر الإمام يحيى حميد الدين:
يا بندقي قولي لهم جمهورية
هذا الصنم يسقط وذا شعبي معي
يسعى إلى دولة نظام دستورية
مل القيود والظلم والحكم الدّعي
والبطش والتنكيل والمأمورية
باسم السماء حكّام تاكل ما معي
والحكم بالشورى دعاية صورية
يا بندقي مدّي ليحيى وازرعي
بين العيون هذي الرصاصة الفورية
ثوري وثوري يا يمن لا تخضعي
ما دام واحكام الإمام جبّورية
والله ما اركع له ولا اترك موقعي
في معركة تاريخية أسطورية
يا نفس من يفدي الوطن با ترفعي
لك في السماء جنة وسبعين حوريّة
ما همّني من بعد قتله مصرعي
أهم شي تحيا اليمن جمهورية.
> لكن من هو القردعي؟
هو الشاعر والواجهة القبلية الكبيرة علي ناصر القردعي وأحد الرموز الثورية التي ساهمت في التخلص من النظام الإمامي الكهنوتي، وهو أحد رجال الثورة الشباطية عام 1948م، يعود هذه الأيام إلى الواجهة باحتفاء استثنائي.
قال عنه الشاعر مطهر الإرياني، بحسب معجم البلدان للمقحفي، إن القردعي، كان شهماً أبياً شجاعاً، قاوم حكم الإمام يحيى، ثم شارك في قتله عام 1948، وله شعر يجمع بين القوة والوطنية والحكمة.
ليس هناك تاريخ محدد على وجه الدقة يحدد تاريخ ميلاد القردعي، وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الغالب أنه ولد في عام 1885، بقرية رحبة التابعة لمنطقة مراد بمحافظة مأرب.
بحسب مقربيه فإنه في شبابه اتسم بالطيش، والمشاكسة والتسرع، لكن بيئته البدوية تركت في شخصيته صفات حميدة منها الشخصية الإيجابية، كالكرم والشجاعة والإقدام والتواضع والحكمة، ونصرة المظلوم.
قال عنه الأديب الشاعرعبد الله البردوني في مؤلف "رحلة في الشعر اليمني": "وآل القردعي، من سكان البادية، وإن كانت لهم بيوت في آخر الأيام، إلا أنهم نشأوا مع مجتمعهم في الخيام وعاشوا في الحل والترحال".
تم تنصيب المناضل علي ناصر القردعي، شيخاً لمشايخ مراد خلفاً لوالده الشيخ ناصر بن مسعد القردعي، بعد وفاته عام 1925، كما أسندت إليه عدد من المناصب الهامة، بحسب كتاب "اليمن في مائة عام".
تميزت علاقة القردعي بالإمام يحيى بغياب الثقة، فهو لم يكن يطمئن للإمام يحيى، ويرفض الحضور بين يديه، وهو ما جعل منه متمرداً في نظر الإمام، الأمر الذي دفع الإمام إلى اعتقال 60 جمالاً من أصحاب القردعي، في خولان وأودعهم السجن.
طلب الإمام يحيى وصول علي ناصر القردعي إليه، مع رهائن ضمان لكي يفرج عن أصحابه الجمالة، فاضطر للقبول، غير أن الإمام ما إن وصل إليه القردعي، فاستغل هذا الأمر لتنفيذ إجراءات لم يكن ليقبل بها صاحب الترجمة لولا أن أصحابه في السجن، علماً بأن القردعي كان يرفض الامتثال لأوامر الإمام في بلاده.
بعد هذه الحادثة، قبل القردعي، بتعيينه عاملاً لحريب، بينما تم تعيين شخص يدعى "الكحلاني" مسؤولاً مالياً في المنطقة، واستمر هذا الحال لمدة 4 سنوات.
بعد ذلك هاجم القردعي ورجاله بيحان، الأمر الذي أغضب الإمام، وقام باستدعائه، وما إن وصل إليه حتى زج به في السجن، متهماً إياه بالخيانة العظمى، بحجة أن ذلك الهجوم يؤثر على اتفاق الإمام مع الانجليز، ثم قام بتعيين الكحلاني، عاملاً على حريب، غير أن آل القردعي، قاموا بقتل الكحلاني، وفي بعض الروايات "الغيلاني"، أثناء تواجده في السجن.
بعد ذلك أرسل الإمام حملة عسكرية على القرادعة، قامت بإحراق خيامهم، وبيوتهم، وحصونهم، كما أخذوا منهم قرابة 120 شيخاً وعاقلاً وسجنوهم في أحد سجون حريب، وفي بعض الروايات ورد أنه ربط كل خمسة بسلسلة وقام بنقلهم إلى سجن رداع، خوفاً من أن يفروا.
استمر القردعي في السجن أربع سنوات، وكان الإمام يرفض خروجه قائلاً: "لن يخرج القردعي من السجن إلا إلى خزيمة"، وقد حاول الفرار من القلعة، عن طريق القفز من على أسوارها، ما أدى إلى إصابته خلال إحدى المحاولات، حيث أصيب بكسر، لكنه تم القبض عليه بعد أن عجز عن المشي، وتمت إعادته إلى السجن.
وفي المرة الثانية نجح في الفرار بصحبة الشيخ علي الحميقاني، واتجها إلى بيحان حيث يتواجد أخوه أحمد عند آل العريف، وحينما شاهد الجبال المطلة على بلاده، أنشد زامله الشهير:
يا ذي الشوامخ ذي بديتي
ماشي على الشارد ملامه
قولي ليحيى بن محمد
با نلتقي يوم القياده
ولو شي معي سبعين رامي
لدخل ليحيى في مقامه
مكث صاحب الترجمة في بيحان –بحسب بعض الروايات– خمس سنوات، إلى أن نجح الإمام في إقناعه عبر وسطاء بالعودة مقابل الأمان، وفعلاً التقى به وحاول الإمام مصالحته ومنحه بندق جرمل.
ذهب القردعي بأمر من الإمام للقتال ضد الانجليز في شبوة، ولما اشتدت المواجهات طلب مدداً وتعزيزاً من الإمام، إلا أنه لم يقدم أي تعزيزات، فتم التوصل إلى هدنة، ودخل في حوار مع "هاملتون"، الذي طلب منه الانسحاب والتراجع، إلا أن القردعي لم يتراجع، إلا بأمر من الإمام، وكان هذا من أجل إظهار ضعف الإمام أمام القبائل، وأمام الانجليز، ولكي يفضح اتفاق الإمام مع الانجليز، وحينما وافق الإمام قال زامله الشهير:
قدهم على شور من صنعاء إلى لندن
متآمرين كلهم سيد ونصراني
يتقسموا الأرض كل منهم وثن
في أرضنا كدروا عاقل وسلطاني
اتفق مع الأحرار على الثورة ضد الإمام يحيى، وتولى مهمة اغتيال الإمام يحيى، واشترك معه في مهمة الاغتيال آل الحسيني من بني حشيش، وآل أبو راس من برط، وآل هارون من بني الحارث، وآخرون.
وبعد تنفيذ المهمة بنجاح، كلفهم الإمام الجديد (عبدالله الوزير)، بالتواجد لمواجهة أي هجوم مباغت، واستمروا في مهمتهم حتى بدأت بوادر الفشل بالظهور، فاضطر القردعي إلى المغادرة باتجاه خولان، إلى أن نجح عسكر الإمام في تصفيته، بعد أن استمروا محاصرين له قرابة عشرين يوماً، وقد قام الإمام أحمد بتعليق رأسه في باب اليمن لمدة شهرين كنوع من التنكيل.
▪المصدر/ من أعلام اليمن - المائة الأولى – د.عوض محمد يعيش.