مقالات


الأربعاء - 22 يناير 2020 - الساعة 09:38 م

الكاتب: حسين الوادعي - ارشيف الكاتب



هناك ثلاث أسس لبناء الأخلاق: التقاليد، الدين، العقل.

التقاليد تبني الأخلاق على أساس حكمة الأجداد. فكل ما هو قديم ومتوارث مقبول ومحفوظ.
إذا كان حرمان المرأة من الميراث عادة فإنها تتحول الى خلق قويم.

الأخلاق المبنية على التقاليد تحصر تطور المجتمع والفرد في مرحلة قديمة وما تلبث أن تبلى وتعجز عن مواكبة المتغيرات حتى تسقط من تلقاء نفسها.

الدين يبني الأخلاق بناءً على الادعاء الإلهي. كل قيمة أخلاقية أو عادة اجتماعية يؤكدها الدين تصبح مقدسة.

والحقيقة أن الدين والتقاليد يتداخلان فيما يتعلق بالأخلاق.
فقد يأتي الدين في بيئة اجتماعية بدوية أو قبلية فيتبنى بعض عاداتها وأخلاقياتها لكنها تتحول مع الزمن من تقاليد إلى مقدس.

تعدد الزوجات وزواج الصغيرات والغزو (الجهاد) وتحجيب النساء ومنع الاختلاط وقتل الزاني أو الزانية من عادات وأخلاقيات بدوية حولها الدين إلى مقدس!

حافز الالتزام الأخلاقي في التقاليد هو "التقليد"، بينما حافز الالتزام الأخلاقي في الدين هو "الخوف من العقاب".

فالالتزام الأخلاقي في الدين والتقاليد التزام خارجي فيه نسبة عالية من الإجبار.

نأتي للعقل..
العقل يبني الأخلاق بناءً على التجربة.

أثبتت التجربة الإنسانية أن الحرية نظام أفضل من الاستبداد ففضل العقل الحرية.

أثبتت التجربة أن حبس المرأة وتزويجها مبكرا وحرمانها من التعليم مدمر للمرأة والأطفال والزوج والمجتمع فقرر فتح الأبواب والنوافذ للمرأة على مصراعيها.

أثبتت التجربة أن حرية التدين وحرية الكفر شرط لأي مجتمع صحي فقرر العقل الانتقال من مجتمعات النفاق إلى مجتمعات الوضوح الأخلاقي.

يختلف العقل عن التقاليد والدين في أربعة جوانب من الناحية الأخلاقية:

- أخلاق العقل متغيرة ومتطورة بينما أخلاق التقاليد والدين أبدية ومضادة للتغيير.

- أخلاق العقل تقوم على القناعة والالتزام الذاتي بينما تقوم الأخريات على الخوف من النبذ أو الخوف من العقاب.

- الأساس المنطقي لأخلاق العقل واضح. فكل ما تبثت نجاحه وتوافقه مع الإنسان ينتصر.
بينما تبنى أخلاق التقاليد والدين على أساس غامض وقديم وغير قابل للنقاش.

- يعطي العقل حرية اختيار السلوكيات الشخصية ويتشدد في السلوكيات العامة، بينما يراقب الدين والتقاليد كل سلوكيات الفرد الشخصية ولا يتسامح مع مخالفيها. فأخلاق العقل لا تراقب سلوكياتك الشخصية (اللبس، الزي، الشرب، العلاقات الجنسية) لكنها تراقب وتنظم سلوكياتك العامة (الالتزام بالقانون، إيذاء الآخرين، اتباع إشارات المرور، الإخلاص في العمل..)..
قد تتجاور أخلاق التقاليد والدين والعقل معا ولكن بشرط واحد أن يكون العقل مقياس الأخذ والرفض.