مقالات


الإثنين - 02 مارس 2020 - الساعة 07:33 م

الكاتب: خالد سلمان - ارشيف الكاتب


انتكاسة ثانية أو ثالثة أو أننا لم نعد نحصي، لقوات الشرعية في غضون شهر واحد، حيث تسقط حسابات العدة والعدد، التفوق بالسلاح والعتاد النوعي، وعدد الجيوش والألوية، ليحل محل كل هذا العامل الذاتي، والقدرة على الاستخدام الجيد لتقنية السلاح، التأهيل العالي والقيادة الكفؤة، وحسن إدارة المعركة، وإرادة الفرد على القتال.

سقوط الجوف اليوم بيد الحوثي، لم يزل القناع عن جيش فاسد حتى العظم، بل عرّى هذا الجيش تماماً، ووضعه أمام حساب عسير من قِبل الشعب والدول الداعمة، إن كانت جادة.

نحن إزاء جيش غير مؤسس على عقيدة عسكرية محترفة، جيش هو تجمع يغلب عليه اللون السياسي، ومعيار شغل القيادة لا يستند على التأهيل التخصصي العالي، بل على المرتبة الحزبية، والعلاقات الجهوية، ومدى قرب أو بعد المعين من نواة القرار الضيقة.

إن حزباً دينياً يقود الحرب بناءً على الشحن الديني العاطفي، غير المقترن بالأخذ بأسباب العلم والمعرفة العسكرية، هو دون شك جيش جماعة عقائدية ضيقة، وليس جيشَ وطن، جيشاً يمكن فقط أن يعول عليه بخوض معارك تصفيات خصوم سياسيين لا خوض معارك بحجم معركة نهم والجوف، والمعارك القادمة في شبوة ومأرب.

إننا أمام مأزق حقيقي، مأزق الهزائم المهينة، ومأزق عدم دراسة أسباب الخسائر، وتسريح هذا الجيش، وإعادة بناء مؤسسة عسكرية علمية قوية قادرة وحديثة.

هناك ممانعة من رموز سلطة الفساد، في أحدث التغيير الجوهري المنشود والواجب الشروع به، لأسباب ذات صلة بالمحسوبية والولاء الشخصي والتربح والانتفاع والتداخلات القبلية.

ما حدث في الجوف، ليس صدمة ولا هو معطى فجائعي فجائي صادم، بل هو نتيجة منطقية، لمآلات تغول الفساد، وانتعاش تجارة السلاح، واستثمار عطايا وميزانيات دول التحالف الداعمة.

الحل هو أكبر من مجرد حلول ترقيعية، وإجراء مناقلة في الملاك القيادي، بل بالمحاسبة والمحاكمة والإقالات، وبنسف المنظومة كاملة، وإعادة البناء من جديد أفراداً وقيادة.
ما لم فلننتظر الهزيمة التالية، ولنسفك عبثاً المزيد من دماء فقراء البلاد.