مقالات


الإثنين - 22 يونيو 2020 - الساعة 07:27 م

الكاتب: محمد عزان - ارشيف الكاتب



2️⃣ ومن جناية التَّمذهب على النص الديني، استماتة بعض المتمذهبين في ترسيخ ثقافة الاستحمار، التي كان بعض الخلفاء والأئمة يتبنونها للسيطرة على الشعوب وشيطنة معارضيهم، مثل تحريف مفهوم طاعة أولي الأمر، وتمطيطه ليشمل طاعة (من لا يهتدون بهدى ولا يستنّون بسنة)، والرضى بجورهم وتعسفهم وسطوهم على ممتلكات الناس وأموالهم. حتى أن بعض المتحمسين اعتبروا ذلك من أصول السنة في دينهم، وأنتجوا في ضوء ذلك روايات عن النبي زعموا أنه قال فيها: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، فإن أدركت ذلك فأسمع وأطع الأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك». هكذا في رواية أوردها مسلم، وفي أخرى أوردها ابن حنبل: «فإن كان لله في الأرض يومئذ خليفة جلد ظهرك وأخذ مالك، فالزمه، وإلا فمت وأنت عاض على جذل شجرة».

وهذا -كما تلاحظون- أقرب إلى مرسوم أصدره سلطان مّا لشرعنة مناصرته حتى وإن كان فاسدًا لا يهتدي بهدى ولا يستن بسنة، وهي رواية مصادمة لصريح: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغفَلنَا قَلبَه عَنْ ذِكرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا} وعشرات الآيات التي تدعو إلى منابذة الجائرين لا مناصرتهم، فضلًا عن الارتباك الواضح في استخدام مصطلحات: (أئمة، خليفة، أمير). ولكن علماء السلطة يُمرّرن هذه المسألة باسم الله والدين، فإذا صاروا في صفوف المعارضة تحدثوا عن الجهاد ووجوب إسقاط عروش الحاكمين.

إنهم بذلك لا يسيئون إلى سنة رسول الله ويفتنون الناس ويدمرون القيم فحسب؛ بل ويخادعون الحكام ويسيئون إليهم أيضًا؛ لأن الحاكم العادل المخلص لشعبه والخادم لأمته يستحق الاحترام والتقدير لذاته، دون إكراه بنص ديني، أو إيهامه بأنه ما استحق المناصرة إلا لأن المشايخ والفقهاء منحوه ذلك بفتوى دينية.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك