الأربعاء - 08 يوليو 2020 - الساعة 06:08 م
مثلما يبدأ أمن الضالع من محافظة إب، حيث تقاتل قواتنا الجنوبية مليشيات الحوثي بكل قوة وشراسة... فإن أمن عدن يبدأ عملياً من محافظة تعز، وتحديداً من ريفها الجنوبي الغربي المرتبط بالعاصمة جغرافياً وديمغرافياً.
تاريخياً قيل إن "مناطق الحجرية هي ريف عدن"، وهذه المقولة تزداد دقة اليوم مع تحركات المليشيات الإخوانية هناك، والتي تسابق الوقت كي تخنق العاصمة الجنوبية من تخومها الشمالية الغربية، وتعوض خسائرها المريرة في الجبهات الجنوبية الشرقية على امتداد الساحل الأبيني.
خلال الأعوام الماضية لم يستشعر الجنوبيون خطر الإخوان من الجبهات التعزية، رغم ما كانوا يبيتونه من نوايا ومخططات. ويعود الفضل في ذلك إلى اللواء 35 مدرع وقائده البطل عدنان الحمادي الذي مثل حائط الصد الأمامي لجهود قواتنا في مكافحة الإرهاب والانقلاب.. وكان خير حليف وصديق للجنوب، ودفع حياته ثمناً لتوجهه الوطني كقائد للواء 35 مدرع الذي ظل شوكة في حلق مليشيات الإصلاح وتصدى بكل شجاعة لكل عمليات التصعيد ومحاولات السيطرة على ريف عدن المجاور، مدافعاً بكل بسالة عن أمن عاصمتنا.
باغتيال الحمادي شهدت المعادلة العسكرية والسياسية في تعز تغيراً جوهرياً صب في مصلحة المليشيات الإخوانية، ومع ذلك ها هي تركة الشهيد وأبناؤه من المجندين وأبناء الحجرية الأبطال ينافحون بصلابة للحفاظ على مكتسباتهم الاستراتيجية ضد رغبة الاستحواذ الإخواني ونزعة الهيمنة الشمالية التي يقودها علي محسن الأحمر ووكلاؤه الجهاديون في تعز.
ويبدو واضحاً أن هذه الخطوات العسكرية التصعيدية هدفها إفشال اتفاق الرياض من البوابة التعزية بعد أن عجزوا عن إفشاله عبر بوابة أبين. والأكيد أن نزوع الإصلاح الاستحواذي لن يتوقف عند حدود التربة والحجرية بل سينتقل تدريجياً إلى عمق محافظة لحج وإلى قلب الساحل الغربي لتطويق العاصمة عدن.
هذا الواقع الاستراتيجي يستدعي من قيادة المجلس الانتقالي تحركاً استباقياً، على المستويين السياسي والعسكري، وذلك وفاءً لإرث الحمادي الذي اعتبره الجنوبيون شهيدهم، وحرصاً على سلامة مجالنا الحيوي.
إن تعاطينا مع تطورات الحجرية لا يجب أن يختلف عن مقاربة المجلس الانتقالي للصراع في قعطبة ومريس، حيث التقطنا زمام المبادرة، واستثمرنا حقائق التاريخ والجغرافيا، واعتمدنا على الأواصر الاجتماعية والسياسية التي تربط المحافظات الجنوبية بالمناطق الوسطى لصناعة معادلة جديدة يكون الغلبة فيها لقوى المقاومة في الأطراف على حساب قوى الغلبة والهيمنة بشقيها الحوثي أو الإخواني.