مقالات


الإثنين - 20 يوليه 2020 - الساعة 08:30 م

الكاتب: د. أيوب الحمادي - ارشيف الكاتب



الاختلاف وعدم توحد الهدف في الحاضر لن يجلب إلا التهميش في المستقبل، هذه قاعدة نعيشها من عقود، وخير مثال حول ذلك ما حصل مع تعز في الماضي. فبعد هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى، وقرارهم الانسحاب من اليمن لم تتمكن تعز من الاتفاق على قيادة لها واضطر الأتراك لتسليم تعز والمناطق الوسطى للإمام يحيى حميد الدين، أي اجتمعوا وقتها ولم يخرجوا إلا وكل واحد ينظر لنفسه أنه هو المعني بالقيادة وأن الآخرين تكميلة عدد، وخرجت تعز والمناطق الوسطى كلها إلى يد الإمام، كون هناك قيادة موحدة تعرف ما تريد وبواقعية، وصار المستقبل لتعز بمناطقها المختلفة والمناطق الوسطى محسوما لعقود.

إلى أبناء تعز، هذه الأيام يتم الشحن هنا وهناك، وترتفع الأصوات لطبول حرب في الحجرية والتخوين والاتهام، وأريد أقول لكم طريق إغلاق الحرب يبدأ من أمامك أنت، فلا يمكن أن ننتظر أن تنزل ملائكة من السماء لتوصف لنا الطريق، لذلك نخاطب العقل والحكمة في الابتعاد عن طرق جربها الكثير ولم يحققوا أي هدف غير الدمار. بناء الأوطان يبدأ من البحث عن القواسم المشتركة، غير ذلك سوف يترككم العالم، تقتلون بعضكم بعضا، وتدمرون محافظتكم ومناطقكم، وترفعون عدد المصابين، والمعاقين، وتنتظرون في النهاية سع الأيتام لصدقة.

أنتم في تعز بتصرفكم تجعلون حالكم كشخص جالس في باب ديوان، لا يعرف يرتاح، ولا يسمع ما يدور، ولا يؤثر في الأمور، ولا يأخذ من القسمة شيئا كونه في باب الديوان ليس أكثر. لذا نقول يكفي ونعيد مخاطبة العقل فيكم، فلا نفط معكم ولا غاز ولن يدعمكم الخارج ولن ينظر أحد إليكم، كون الحرب صارت منسية ومملة لليمنيين والمنطقة والعالم. حتى سلات الغذاء سوف يصعب وصولها والعالم يعاني اليوم وتجار تعز أكثر ناس سوف يتركونكم فلن يظل بوجود المليشيات إلا الفقر والجهل والغباء والمناطقية، وهذا طبيعي.

إلى أبناء تعز، تروس الصراع، إذا دارت لن تتوقف بسهولة وسوف تسحب الكل داخلها، لذا فكروا قبل اي خطوة. اليوم ادرك الجميع من ال 5 سنوات حرب ان اليمن سوف تضيق عليكم وعلى اطفالكم ونسائكم كما ضاقت على النازحين اخوانكم من قبل، والخارج لن يدعم فيكم كما لم يدعم الجبهات التي قبلكم. كونوا على ثقة، ان هناك توجها كبيرا لجعل تعز والحجرية مناطق صراع، فلماذا نعطيهم الفرصة؟ ولماذا ندفع في هذا الاتجاه؟ اخواني اعتمدوا على انفسكم بعد الاعتماد على الله وابحثوا عن القواسم المشتركة، وادفعوا في اتجاه الاستقرار وتنافسوا في ذلك.

إلى ابناء تعز، اليوم يجب أن تكون تعز بمناطقها المختلفة ليس بيئة للمليشيات والعصابات والجماعات المتشددة وإنما بيئة للثقافة والمشاريع النبيلة والتنموية والأفكار النيرة، لا مكان فيها للمناطقية أو المذهبية أو الحزبية أو الصرعات العبثية، التي لن تحولها إلا إلى قندهار، مهما كان تبلد الكثير والتبريرات التي نسمعها.

وأخيراً.. الحرب تنتهي فقط، إذا توسعت رقعة الاستقرار وظهرت مؤسسات دولة واختفت المظاهر المسلحة، لذا يجب أن نتنافس وبالذات في هذه المرحلة مع بقية اليمن في السرعة لإغلاق الصراع وللاستقرار والاستقطاب للمال والعقل، وهذا هو الهدف، الذي يجب أن يكون قاسما مشتركا بينكم أقلها.

▪من صفحة الكاتب على الفيس بوك