مقالات


الإثنين - 24 أغسطس 2020 - الساعة 05:59 م

الكاتب: د. أيوب الحمادي - ارشيف الكاتب



طلع أمامي كلام هذا الدكتور الفاضل بخصوص بيع آخر ما يملك. وبصراحة هناك الكثير الكثير مثله، وهناك معاناة أكثر من خلف هذه السطور وما وصفه الدكتور بكلمات بسيطة لا يفهمه إلا من يعرف حال الناس ويعاني مثلهم. هولاء هم اهم شريحة في المجتمع؛ والتي كانت غنية أو ميسورة، يستلمون مابين 200 إلى 250 ألف ريال شهرياً بمعنى لديهم ادخارات وأصحاب أسر صغيرة بحكم التعليم الراقي معهم. نفدت ادخارتهم وزادت ديونهم بسبب هذه الحرب وتوقف نشاطهم وعطاؤهم وتواصلهم العلمي أمام العالم وهم ينتظرون تنتهي الحرب ونعقل ويدفع الراتب أو جزء منه من أي طرف. وبدلا من شكرهم أنهم لم يهربوا خارج الوطن ويتركوا الطلاب، لم ينظر إليهم ولا إلى معاناتهم إلى اليوم أي طرف برغم أنهم أهم شريحة تصنع الحاضر والمستقبل؛ فإن كانت هذه الشريحة تعاني فسوف نعاني لعقود؛ فكيف ببقية المجتمع المنهك؟

إلى الحكومة والتحالف وسلطة صنعاء والمجتمع الدولى وكل انسان يمني؛ الحرب أنهكت الشعب اليمني اينما توجهنا. فلو نظرنا للبشر فقد قتل إلى اليوم ليس أقل من 250 ألف يمني في 30 جبهة قتال مختلفة مما يعني ايضا أرامل وايتام وأحزان في 250 ألف أسرة؛ فما هو الانتصار هنا ونحن نسقط مثل أوراق الشجر ونوصل الأحزان والمعاناة لداخل كل بيت والإعداد لا تتوقف. ولو نظرنا للمعاقين والمصابين فلن يقل عن ثلاثين ألف شخص؛ فكيف سوف نعالج هولاء وهم دون عمل ولن ينظر إليهم كما هي ثقافة قادة البلد الذين ساقوهم للحرب؟

ولو نظرنا لسيادة البلد فنحن لا نمتلكها اليوم ولن نخرج من البند السابع دون إيقاف الحرب وتصالح مهما طال الأمر، والأمر هنا محسوم بمعني إيقاف الحرب وتصالح وتوافق وطني لبناء الدولة وبعدها رفع البند السابع ومنع التدخل الخارجي وبقية الامور هنا شكليات.

ولو نظرنا للبنية التحتية فقد تدمرت أينما توجهنا بنظرنا كانت كهرباء أو طرقات أو هياكل إدارية أو تنموية أو خدمية. ففي الصحة 450 مستشفى ومستوصف وعيادة تم تدميرها بشكل كامل أو جزئي وفوق ذلك أيضا تعمل المستشفيات باقل من 60 في المائة من طاقتها. فمعداتها عمرها انتهى والطاقم الطبي المؤهل هاجر والأجانب القليل أيضا رحل. ولو نظرنا للاتصالات فيعرف الكل أنها لا تلائم هذا العصر وان الجيجابيت ب16 دولار عندنا وبينما في الصومال باقل من 10 سنت من الدولار بمعنى حتى خرم الإبرة لتعليم المجتمع مكلف جدا لا يستطيع الإنسان اليمني أن يستغله في تأهيل ذاته أو مراسلة أو التواصل مع الخارج ليجد عمل.

ولو نظرنا للطرق والسدود والأراضي الزراعية فقد تكفلت الامطار ب الباقي. ولو نظرنا إلى المجتمع فسوف نجد 3 مليون و 500 ألف نازح بمعنى اطفال دون مدارس و85 في المائة من السكان يحتاج مساعدة عاجلة ولو نظرنا لمساعدة الغير لنا فالدعم الدولي اقل من احتياج اليمن بفارق 3 مليارات و700 مليون دولار. ومعنا اهم شريحة في البلد من دكاترة وموظفين لا يستلمون مرتبات ومليشيات تتمدد وتقتل خارج القانون وبسط على الأراضي.

ولو نظرنا للعملة فهناك تضخم جعل الريال يخسر 200 في المائة من قيمته في 5 سنوات وسوف يستمر حرب العملة الجديدة والقديمة مما يعقد حياة الناس وهناك ارتفاع أسعار وايجارات. وحتى إيرادات الدولة لا تورد بشكل طبيعي ويتم البسط عليها بحجج مختلفة؛ وهناك الشروع ببناء عشوائي بدائي بأموال الدولة وحتى القطاع الخاص يعاني اليوم بمعنى شركات الأسماك تجد أن السوق المحلية للاسماك سوف ينهار لعدم قدرة المواطن على شراء ذلك. ولا أنسى أن أقول لكم أن المغترب اليمني أيضا يعاني ولذا هناك انخفاض في التحويلات هذه السنة بمعدل 60 إلى 70 في المائة عن قبل سنة وجاءت كورونا والأمطار وكملوا على الباقي وأيضا حتى أراضي الدولة يتم العبث بها بتخطيط قروي في مدينة كانت ثالث ميناء في العالم بمعنى خلق واقع جديد يصعب التعامل معه مستقبلا وكل يوم حرب بكلفنا شهور إصلاح نتائجه أمام مليشيات وجماعات لا تدرك معنى مؤسسات دولة.

أيضا الجامعات الخاصة مهددة بالاغلاق والتي فيها مابين 35 ألف إلى 40 ألف طالب. وبما أننا تحدثنا هنا عن الطلاب فنحن نستقبل كل سنة 390 ألف شخص إلى أسواق العمل الراكدة من الجامعات والمعاهد اليمنية. بشر لا يجدون أي فرصة في أسواق اليمن ولا المنطقة كون مخرجات التعليم غير ملائمة والبلد في حرب واقتصاد حرب فقط ولذا لا يجدون الا العسكرة مع أي طرف كعمل.

أليس ما ورد أسباب مهمة نعقل ونتحرك جميعا بموجبها لوقف هذه الحرب العبثية ونتجه للمصالحة ولبناء بلدنا وإصلاح حالنا وننطلق مثل بقية البشر لمشاريع بناء بدل مشاريع قتل وبسط وهدم وتمزيق وامتهان وبلطجة وعسكرة. افغانستان كان كل طرف فيها مقتنع انه على حق إلى أن هدموا بلدهم وصاروا في الشتات وموزعين كمشردين بين الجبال والجوار ولايمتلكون من بلدهم الا الاسم ولا يهتم بهم العالم الذي حشر نفسه لمصالحه بينهم وكذلك الحال في الصومال وإثيوبيا وانتهى الحال أن الحوار الجاد وتقديم تنازل من أجل المجتمع هو نهاية الخط.

نخاطب هنا الجميع أن مجتمع موحد متماسك وقوى يفيد اليمن واستقرار المنطقة؛ يفيد الحاضر والمستقبل؛ يفيد أبنائنا وبناتنا اليوم وغدا. يمن مستقر يفتح افق وتطلع ويجعلنا بين البشر بدل من صراعات لا تتوقف والتي تصيبنا كل كم سنة فتسحبنا إلى نفس الحفرة وتضيع أعمارنا فقط بإطفاء الحرائق دون تعليم واقتصاد وتنمية وغيرنا في المقابل ينمو ويتطور ويزدهر.

▪من صفحة الكاتب على الفيس بوك