نافذة على السياسة

الثلاثاء - 11 مايو 2021 - الساعة 01:16 ص بتوقيت اليمن ،،،

تعز/ مدى برس/ الرصيف:


" الان طارق عفاش يشتي يدخل من جهة الكدحة التربة المسراخ .. طبعنا اليوم احنا سيطرنا على التربة .. عملنا عملية استباقية " ، بهذه الكلمات كان القائد العسكري للإخوان في تعز يلخص الأحداث التي شهدته الحجرية او ريف تعز منتصف العام الماضي.
 
منذ بداية الحرب عام 2015م مثلت مناطق الحجرية هدفاً وحلماً لجماعة الاخوان بالسيطرة عليها، وبدأت الجماعة في تحقيق حلمها بعد فرض سيطرتها على مدينة تعز في ابريل عام 2019م حين اختارت كتائب ابي العباس الخروج من المدينة حقناً للدماء في وجهة إصرار الجماعة على اقصاء من لا يخضع لها.
 
ومن ذاك التاريخ الى أواخر أغسطس 2020م كان مديريات الحجرية مسرحاً لغزوات أخوانية تستهدف فرض سيطرتها باستهداف قوات اللواء 35 مدرع، الذي اغتيل قائده العميد عدنان الحمادي أواخر 2019م على وقع حملة تحريض شعواء شنتها الجماعة ضده.
 
كان وقود الحملة الاخوانية ضد الحمادي وقوات لواءه ومن قبله ابي العباس وافراده وكل خصومها ، تتخلص في العمالة للإمارات العضو في التحالف العربي والقوى المدعومة منها وعلى رأسها المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح بالساحل الغربي ، الذي كان الشماعة المفضلة للإخوان لتبرير محاولات مليشياتها السيطرة على الحجرية والتربة تحديداً.
 
فتواجد عناصر تابعين لطارق عفاش مثل الذريعة الأبرز للاخوان لتبرير اقتحام مليشياتهم الحجرية منتصف العام الماضي ، وباعتراف قائد هذه المليشيات ومستشار قائد المحور العميد عبده فرحان المشهور بسالم في تسجيل مصور تم تسريبه في أغسطس الماضي.
 
سالم قال حرفياً في التسجيل :" اليوم كانوا قالوا التربة فيها عفافيش فيها .. دج ..اقتحموا بعد صلاة الفجر رجال الله .. دخلوا كتيبة وكتيبة اجت من طور الباحة ومشت الأمور" ، ورغم أن "مشت الأمور" بحسب تعبير سالم بالسيطرة على التربة والحجرية استمر تحريض الاخوان ضد قوات الساحل الغربي وضد طارق صالح تحديداً.
 
تحريض لم يصدر عن ناشطين او اشخاص عاديين ، بل صدر بشكل صريح من رأس الهرم العسكري المتمثل في قائد المحور اللواء خالد فاضل الذي دشن عودته الى المنصب أواخر 2019م بتهديد ضد قوات الساحل الغربي ، حيث قال بأنه "لا يمكن تحت أي ظرف إغفال تلك المماحكات التي تحدث في ساحل تعز أو يظن المتصارعون هناك أن المحور يغض الطرف عما يطمحون إليه".
 
اما أخر ما صدر من تحريض لسلطة الاخوان بتعز فكانت دعوة الوكيل عارف جامل منتصف فبراير الماضي بضرورة "قيام قيادات تعز في الداخل والخارج بتحريك ملف ميناء المخاء" ، والواقع تحت سيطرة القوات المشتركة بالساحل الغربي.
 
جامل طالب إعادة تشغيل ميناء المخا وتحصيل موارده لصالح محافظه تعز، مؤكداً "إن ذلك مطلب شعبي لكل مواطن تعزي قبل أن يكون مطلب السلطات المحلية في تعز".
 
ليتغير المشهد تماماً في الـ 21 من مارس الماضي بتوجيه سلطة الاخوان في تعز دعوة ألوية حراس الجمهورية بقيادة العميد طارق محمد عبدالله صالح والقوات المشتركة بالساحل الغربي للمشاركة في المعارك التي اطلقتها سلطة الإخوان وفشلت في تحقيق تقدم ملموس على الأرض ، ليأتي التغيير الجذري في علاقة الاخوان مع قوات الساحل الغربي يوم امس السبت بزيارة لقيادات تعز المدنية والعسكرية الى مدينة المخا ولقاءها بطارق صالح ، على رأسها المحافظ نبيل شمسان والوكيل عارف جامل وأركان المحور العميد عبدالعزيز المجيدي والقيادي العسكري الاخواني البارز عدنان رزيق قائد اللواء الخامس حماية رئاسية.
 
مشهد بدأ صادماً ومفاجئاً بالنظر الى سياق التحريض والعداء الذي كانت تظهره قيادة الاخوان في تعز ضد قوات الساحل الغربي وطارق صالح تحديداً، وهو ما أثار التساؤلات حول سر الانقلاب الكامل وتهافت الجماعة الى التودد لطارق صالح.
 
ولابد من الإشارة الى ما سبق هذا الانقلاب من قرارات للمحافظ بتكليف مدير عام لمديرية المخا ومديراً لميناءها من العناصر الموالية لجماعة الاخوان ، وهو القرار الذي اعترض عليه وزير النقل عبدالسلام باحميد وأكد للمحافظ برسالة رسمية على بطلان القرار.
 
ورغم اعتراض الوزير لا يزال المحافظ مصراً على تكليفه للمدعو عبدالملك الشرعبي مديراً للميناء ، حيث سارع فور وصوله الى المخا بعقد لقاء مع الرجل "لمناقشة إجراءات ومراحل التشغيل واستقبال السفن في ميناء المخأ الاستراتيجي خلال الايام القادمة" ، بحسب الخبر الرسمي في وكالة "سبأ".
 
المحافظ أكد في اللقاء على أنه "سيعمل على ترتيب الاوضاع المالية والقانونية والادارية وتصحيح الوضع القانوني لإعادة إيرادات ميناء المخا إلى خزينة محافظة تعز" ، وهو ما يرجح ان يكون رغبة الاخوان في تشغيل الميناء والاستحواذ على ايراداته سبباً في توددهم اللافت لطارق صالح. 
 
وفي وقت سابق كشف "الرصيف برس" عن معلومات وخلفيات لقرار المحافظ بتكليف المدعو عبدالملك الشرعبي مديراً لميناء المخاء ، وعلاقة ذلك بصفقة مشبوهة تريد جماعة الإخوان تمريرها من خلاله.
 
حيث يعمل الشرعبي مديراً لشركة "يتكو" وهي شركة استثمارية خاصة مستقلة ماليا وإداريا عن وزارة النفط، الا أنها تحولت الى احد اذرع رجل الأعمال الإخواني أحمد العيسي الذي يشغل منصب نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية.
 
وكشفت وثيقة حصل عليها "الرصيف برس" عن طلب سابق تقدم به الشرعبي الى محافظ تعز بتحديد موقع على الساحل الغربي لإنشاء خزان عائم في البحر للمشتقات النفطية وموقع لإنشاء خزانات على اليابسة لاستيراد المشتقات النفطية.
 
الوثيقة تظهر أن تعيين المحافظ للرجل مديراً لميناء المخا ، هو اشبه بصفقة مشبوهة تحاول جماعة الاخوان ورجل اعمالها المقرب من محسن أحمد العيسي تمريرها من خلال تمكين الشرعبي في هذا المنصب بتحويل ميناء المخا الى أحد موانئ استيراد وتهريب المشتقات النفطية، في صورة مشابهة لما قامت به في شبوة بانشاء مينا "قنا".
 
وسواء صح هذا او لا ، فأن المؤكد ان انقلاب مواقف الاخوان تجاه قوات الساحل الغربي وطارق صالح ، ما هو الا فصلاً من فصول الانتهازية السياسية في تاريخ الجماعة الحافل بها منذ ولادتها وسيبقى سمة من سماتها البارزة.