نافذة على السياسة

الإثنين - 26 يوليه 2021 - الساعة 08:12 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ تقرير خاص:


عملية جراحية سياسية لاستئصال الورم الخبيث المسمى حركة النهضة الإخوانية من الجسد التونسي، بدأها الرئيس التونسي قيس سعيد عبر حزمة من القرارات الدستورية التي أصدرها، والهادفة لإنقاذ البلد الذي يعيش أزمة سياسية غير مسبوقة منذ مطلع العام الجاري.

الوضع المتردي الذي وصلت إليه البلاد تتحمل مسؤوليته حركة النهضة بحسب الاتهامات الموجهة لها من جماهير الشعب التونسي التي نزلت إلى شوارع المدن التونسية للمطالبة بإسقاط الحكومة وحل البرلمان، كما قام المحتجون بإحراق عدد من مقرات حركة النهضة الإخوانية والتي تسيطر على أغلبية مقاعد البرلمان وتسخره لخدمة أجندة الجماعة.

إرادة الشعب التونسي في إنقاذ البلاد، كانت الحافز الأكبر للرئيس التونسي قيس سعيد الذي أصدر قراراته التصحيحية بتجميد كل اختصاصات المجلس النيابي، ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي.

حركة النهضة الإخوانية سارعت إلى وصف القرارات الدستورية التي اتخذها رئيس البلاد بأنها ”انقلاب”. وقالت في بيان صادر عنها إن ”ما قام به قيس سعيّد هو انقلاب على الثورة والدستور، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".

جماعة الإخوان المسلمين وجدت نفسها في موقف صعب في مواجهة إرادة التونسيين ورئيسهم المسنود بصلاحياته التي يكفلها دستور البلاد، فلجأت في محاولة بائسة منها إلى استخدام ورقة الفتوى الدينية عبر الاستعانة بما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي قال في بيان صادر عنه إن ما أسماه "الانقلاب" على إرادة التونسيين والمؤسسات المنتخبة واتخاذ إجراءات أحادية "أمر خطير ولا يجوز شرعا ولا أخلاقا ولا عرفا، ونحرم نقض العهد والمساس بالعقد الاجتماعي وإثارة الفتن"، على حد قول البيان.

الحكومات الموالية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين سارعت للتعبير عن استيائها من قرارات الرئيس التونسي التي جاءت تلبية لمطالب الشعب التونسي، حيث وصفت هذه القرارات بالانقلابية، وهي مواقف تكشف حالة القلق الذي تعيشه جماعة الإخوان من مصير مشابه لمصير الجماعة في مصر عقب ثورة 30 يونيو.

رئيس البرلمان التركي مصطفى شنتوب، قال إن "ما يحدث بتونس يبعث بالقلق، وكل قرار يمنع عمل البرلمان والنواب المنتخبين يُعتبر انقلابا على النظام الدستوري، وكل انقلاب عسكري/بيروقراطي فعل غير شرعي، كما هو غير شرعي بتونس، الشعب التونسي سيدافع عن القانون والنظام الدستوري".

وزارة الخارجية القطرية هي الأخرى أعلنت بشكل ضمني عن استيائها من قرارات الرئيس التونسي، حيث أصدرت بيانا دعت فيه أطراف الأزمة التونسية إلى تغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد وإلى انتهاج طريق الحوار لتجاوز الأزمة".

القيادية الإخوانية المقيمة في تركيا توكل كرمان قالت في تغريدة لها إن "قيس سعيد انقلابي خان ناخبيه، ما حدث في تونس مجرد ثورة مضادة تنضم إلى مجموعة الثورات المضادة التي قادتها الرياض وأبوظبي للإطاحة بثورات الربيع العربي ومكتسباتها".

وتخشى جماعة الإخوان المسلمين من أن يكون مصيرها في تونس مشابها لمصيرها في مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 والتي أطاحت بحكم الجماعة، والتي جاءت لتحقيق مطالب الشعب المصري بحماية الدولة من الانهيار والسعي نحو الديمقراطية وإصلاح الحياة السياسية والتقدم الاقتصادى والتخلص من محاولات تقسيم المجتمع المصري أو إرهابه بجماعات العنف والتطرف.

ونجحت ثورة 30 يونيو في الحفاظ على الدولة المصرية في مواجهة التهديد الذي فرضه الإخوان بأخونتها من خلال تعمد محمد مرسي مخالفة القانون والدستور بإصدار إعلانه الدستوري الذي نصب فيه نفسه ديكتاتوراً، وحصن قراراته كلها من الطعن عليها، وتعمد تحصين مجلس الشورى الباطل واللجنة التأسيسية لوضع الدستور.

وما يزيد حالة التخوف لدى جماعة الإخوان المسلمين هو الوضع الذي وصلت له تونس على يد حركة النهضة والذي يشبه الأوضاع التي عاشتها مصر في ظل حكم الإخوان، وكانت سببا في تفجير ثورة 30 يونيو، وتتمثل هذه الأوضاع في أخونة مؤسسات الدولة، وممارسة الاستبداد السياسي، وغرس الانقسام داخل المجتمع المصري، ودعم الجماعات الإرهابية، وتهديد كيان الدولة من رأس السلطة.

الأوضاع في تونس جاءت بمثابة دق ناقوس الخطر لدى الإخوان في اليمن والذين يواجهون رفضا شعبيا غير مسبوق بسبب سياستهم في إدارة السلطة من خلال سيطرتهم على القرار السياسي والعسكري للسلطة الشرعية، حيث قاموا بتسخير إمكانيات الدولة لصالح الجماعة، كما أن سياستهم الفاشلة قد أوصلت البلاد إلى وضع كارثي، وباتت سياسة الجماعة بمثابة الشريان الذي يمد الانقلابيين الحوثيين بالحياة للعام السابع على انقلابهم على الدولة.

كما أن جماعة الإخوان المسلمين تعيش تهديدا حقيقيا يتمثل في تصنيفها كجماعة إرهابية في بعض الدول العربية، كما أن تجربتها في الحكم قد زادت من تخوفات الشارع العربي الذي بات يرى في الجماعة الدينية تهديداً حقيقياً لكيانات الدول والمجتمعات العربية على حد سواء.