مقالات


الجمعة - 10 مارس 2023 - الساعة 10:23 م

الكاتب: عبدالله فرحان - ارشيف الكاتب



الامام علي وولده الحسين يتصالحان مع الخليفة معاوية وولده يزيد في العاصمة الصينية بكين لفتح صفحة جديدة عنوانها التقارب وارساء اسس للعلاقات الودية بين معسكري الطرفين .. !
فهكذا تبدو النهايات ولو مؤقتا لموروث الخلافات والصراعات التاريخية السلالية والعقائدية المذهبية والسياسية التي عصفت بالبلاد العربية والاسلامية طيلة 1400 عام والتي اسقطت مئات الالاف ولربما الملايين من البشر ضحايا قتلى واصابات واعاقات كانت جميعها وقودا لمعارك خرافات موروثاتهم الانتهازية الهادفة الى فرض احقية التسلط والتشريع للحكم السلالي .. !!

اليوم العاصمة الصينية "بكين" الشيوعية الماركسية الملحدة واللادينية اعلنت بكل فخر تحقيق نجاحها التاريخي في انهاء الاقتتال بين فريقي معتقدين اسلاميين :
(فريق المعتقد الشيعي وفريق المعتقد السني )
وليأتي نجاحها هذا لفرض واقع لتغيير اجباري في خارطة المنطقة العربية والاسلامية بعد سنوات وقرون طويلة كانت عمائم شيوخ ديار الافتاء الاسلامية السوداء والخضراء والبيضاء تؤجج فيها الحروب قتلا واقتتالا تحت مسمى السباق نحو الجنة ونيل مقعد صدق بجوار الامام علي والحسين او لدى الغرفة الاخرى في الفردوس الاعلى بمقاعد الجوار بالقرب من الخليفة ابي بكر وعمر ..

الاتفاق السعودي الايراني الذي تم توقيعه اليوم من قبل مستشار الأمن القومي الإيراني ومستشار الأمن القومي السعودي برعاية صينية اتى خلاصة لجولات مفاوضات مكوكية كانت قد اجريت في العاصمة العراقية بغداد والعمانية مسقط وكانت للوساطة العمانية دورا محوري في انجاح المبادرات الصينية .. وبقدر كون هذا الاتفاق نجاحا للقيادة السياسية السعودية والايرانية فهو ايضا تسجيل حضور فاعل للمعسكر الشرقي الصيني في منطقة الخليج النفطي والشرق الاوسط السياسي والاستثماري بل ويمثل نوعا من التمدد الناعم الجيوسياسي للامبراطورية الصينية في عمق السيادة والنفوذ الامريكي البريطاني .. ولكن نجاح هذه المبادرات الصينية في تحقيق التقارب والمصالحة السعودية الايرانية لا تعني مطلقا بانها تحدي للارادة الامريكية والبريطانية وتجاوزا للمعسكر الغربي . او انها تمت دون موافقه امريكية بريطانية واسرائيلية .. بل العكس من ذلك تماما كون الوساطات العمانية والجهود العمانية الدولية منذ اكثر من نصف قرن ليست سوى تنفيذ لدور او مهام الاستخبارات البريطانية بطريقة غير مباشرة كما ان مفاوضات ومشاورات مسقط المتعلقة بالملفات الاقليمية اجمالا ( السعودية . الايرانية . اليمنية . الاسرائيلية والخليجية والمصرية والشرق اوسطية ككل ) كان للسفارات والمبعوثين والوفود الامريكية حضورا ومشاركة فيها واشراف مباشر على كافة خطواتها .. ولعل حقيقة الاهداف الامريكية في مسارات جميع تلك التقاربات مازالت خفية وغير واضحه كون هكذا تقاربات تبدو في ظاهرها سلبية بالنسبة للامريكان ونوع من التقليص لنفوذها السياسي والاقتصادي بل وستسقط ايضا عن الامريكان مبررات تعزيز التواجد العسكري في منطقة الخليج .. وعلى العكس من ذلك بالنسبة للصين التي تجد في وساطاتها هذه فرصة ذهبية لتمدد نفوذها والمزيد من التوسع في المنطقة وعلى حساب النفوذ الامريكي والاوربي .. وهو الامر الذي يؤكد بان هناك سيناريوا جديد سياتي لخلق تحالفات جديدة وتغيير في اللعبة الدولية التي تجعل من الشرق الاوسط ميدان لعبها ومغامراتها ..

عموما فالتقارب السعودي الايراني سليقي بضلاله على معظم دول المنطقة وسينعكس تأثيره سياسيا وعسكريا وامنيا وايضا ثقافيا وفكريا على عدد من بلدان المنطقة العربية وفي مقدمتها اليمن والعراق وسوريا ولبنان والبحرين وفلسطين .. ولعل اليمن تحديدا هي اكثر دول المنطقة تبعية وارتباط مباشر ووثيق الى درجة الانقياد والطاعة العمياء حكومة وقيادة واحزاب ومكونات وشعب خلف التوجه السعودي والتوجه الايراني سلما وحربا .. !!
وعلى الرغم من حجم التعبئة التحريضية المتطرفة المتبادلة داخل اليمن بين الشق السعودي والشق الايراني وما رافقها من فتاوي تكفيرية وجهادية سابقا من قبل كل طرف ضد الاخر ورغم الضحايا والدم والثأر ورغم الحشو الفكري والعقائدي ضد بعضهما داخل اليمن الى سقوف عالية جدا في الاستعداء .. الا ان طرفي الصراع داخل اليمن (السعودي والايراني) والمتمثلان في المعسكر الحوثي ومعسكر الشرعية والاخوان والسلفين ومعهم الاحزاب اليسيارية والمكونات العسكرية المتخندقة ضد الحوثي .. جميعهم سيتناسون في نصف دقيقة فقط كافة الفتاوي والتعبئة السابق التي تم حشوها للعوام من قبل كل طرف ضد الاخر طيلة 9 سنوات بل وسيتناسون فاطمة وعائشة وزينب وعمر وابو بكر ومعاوية والحسن والحسين الرافضة والدعوشة وسيذهب كل طرف فيهم الى تسويق التقارب السعودي الايراني بانه خطوة ايجابية واستجابة لنداء الله ومحبة للرسول .. وبكل سهولة ستصدر عمائم ديار الافتاء السياسي فتاويها للأخوة والتصالح وبقدر سرعة النشر للتعميم اكترونيا سيتحول القطيع الحزبي والعقائدي والسياسي الى خطاب النقيض 90 درجة عما كان عليه سابقا .. !

وبالتالي فان المتوجب قانونا واخلاقيا وشرعا على السعودية وايران هو تقديم الاعتذار للشعب اليمني والعراقي والسوري واللبناني عما حدث لهذه الشعوب من قتل ودمار وخراب وتفرقه وتهجير وتشريد ... وعليهما ايضا السعودية وايران والتحالف الخليجي ان يتحملوا كافة التعويضات المادية والعينية لهذه البلدان التي تدمرت بسبب الصراع السعودي الايراني .. وعلى كل طرف ايضا الاعتذار لتاريخ وسير الصحابة والصحابيات والتابعين الذين تم تشويههم والطعن فيهم بفعل هذا الصراع .. وسيكون كذلك على السعودية فنيا واعلاميا ايقاف مسلسل معاوية التي قيل بان ميزانية الانفاق عليه بلغت نحو 100 مليون .. ?!!

من حائط الكاتب على فيسبوك.