مقالات


السبت - 22 فبراير 2020 - الساعة 10:06 م

الكاتب: حسين الوادعي - ارشيف الكاتب


من خلال تعاملي مع الملحدين من الأصدقاء والمعارف القريبين والبعيدين أستطيع القول إن الإلحاد عندنا لا يزال سرياً في الأغلب وداخل هذا العالم السري لدينا حاليا ثلاثة أنواع رئيسية من الملحدين أغلبهم أتوا من خلفية دينية:

النوع الأول، الملحد السلفي، أو ملحدو الطبقة الأولى: وهذا أشد الأنواع فعالية وصدقا ووضوحا. والإخوة المتدينون لا يخافون شيئا بقدر خوفهم من سلفي يتحول إلى الإلحاد لأنهم تعمقوا في الدين والفقه والمرويات وقادرون على مناقشة ومناظرة المتدينين آية آية وحديثا حديثا ومأثورا مأثورا. وحتى الآن لم تتعاف السلفية من إلحاد عبد الله القصيمي الذي ملأ الساحة الفكرية بآلاف الصفحات في نقض العقيدة منطلقا من معرفته العميقة بالعقيدة نفسها. ومن الملحدين السلفيين اذكر المصري أحمد حرقان، والمغربي سعيد بن جبلي وهما من ملحدي الطبقة الأولى.

النوع الثاني، الملحد الإخواني، أو ملحدو الطبقة الثانية: وهؤلاء جاؤوا نتيجة الانهيارات السريعة في صفوف الإخوان تنظيما وفكرا، ومع انكشاف هشاشة حلم الخلافة الإخواني. والملحد الإخواني عكس السلفي مراوغ في الحاده مثلما كان مراوغا في اخوانيته. فهو لا يعلن إلحاده ولكنه يبدأ في الحديث عن الإصلاح الديني أو عقلنة الدين أو علمنة الإسلام أو ينتمي للشحروريين والقرآنيين إلى غير ذلك من العناوين واللافتات التي يستطيع من خلالها طرح فكر لا ديني من داخل الدين نفسه.

النوع الثالث، الملحد اليساري، أو ملحدو الطبقة الثالثة: وهؤلاء ملحدون خفيفو الوزن والفعالية يبدؤون الحادهم مبكرا بتأثير الايديولوجيا التي يعتنقونها وتأثير الحزب، ومع تراجع اليسار عموما خفت جذوة الالحاد وانبعثت داخلهم جذوة الايمان من جديد. لهذا ينتهي الحال بالملحد اليساري متدروشا ومتدينا ومحافظا على الفرائض والنوافل ولاعنا للإلحاد وسنينه.

والنتيجة التي تؤكد ملاحظاتي المستمرة صدقها أن أغلب الملحدين "الصادقين" كانوا متدينين سابقين. فسبب الإلحاد ليس الفكر العلمي أو الفكر الدراويني أو الفكر الحديث بل سببه تناقضات الفكر الديني نفسه.

عزيزي الملحد المستتر.. في أي طبقة من طبقات المحدين تجد نفسك؟ هداك الله للخير والصراط المستقيم.

*من صفحة الكاتب على الفيس بوك