مقالات


الثلاثاء - 17 مارس 2020 - الساعة 05:17 م

الكاتب: د. عبد القادر الجنيد - ارشيف الكاتب


المشهد الأول: الوضع الحالي
**

آخر النصائح، ابتعد عن أقرب شخص 6 أقدام أي 2 متر.

وممنوع أي تجمع بشري يزيد على 50 شخصا..

والدنيا كلها قد أغلقت المدارس والجامعات والمطارات ومنعت السفر والتنقل وبعض البلدان عزلت المناطق التي ظهر فيها الڤيروس وأعلنت أحكام عرفية قاسية مثل أيام الحرب.

والناس، قد هاجموا رفوف البقالات والمولات وخزنوا ما يحتاجون وما لا يعرفون أنهم قد يحتاجون أو لا يحتاجون في حالة خوف وفزع وهلع يعتقد الجميع أن العالم لم يعرف ما يشبهه من قبل.

والخسائر الاقتصادية والمالية خلال فترة قصيرة، من أسوأ ما عرفته البشرية.

كمية وأعداد ونوعية الأبحاث الطبية المنشورة هائلة وبالمئات وبطريقة غير مسبوقة، وكل يوم نعرف شيئا جديدا عن ڤيروس كورونا وعن المرض الذي يسببه كوڤيد 19 وعن تصرفاته كوباء.
والاعتمادات المالية للأبحاث بلا حدود، والمعلومات متاحة مجانا على غير المعتاد عبر جوجل والويكيبيديا.

**
المشهد الثاني: متى يصل الوباء إلى قمة
**
الوقت الذي مر من بداية انتشار المرض في الصين حتى وصل إلى قمة الانتشار هو شهران.

في كوريا الجنوبية، كان الوقت الذي استغرقه الوصول إلى القمة نصف شهر فقط.

وكل بلد في العالم، تحاول أن تصل إلى معرفة الوقت الذي يجب أن تعانيه حتى الوصول إلى القمة، لأنه بعدها تبدأ أعداد الوفيات والإصابات بالتناقص وتخف حالة الإجهاد لموارد الوطن الصحية والمادية والبشرية، حتى يصلوا بالتدريج إلى نقطة يتخففوا فيها من القيود المفروضة على الناس ويبدأ إقفال المستشفيات الميدانية.

واضح جدا من رسم المشهد بهذه الصورة، بأن الأمر يحتاج إلى توفر الفحوصات المخبرية بكميات هائلة، واكتشاف الحالات الجديدة، وتتبع المخالطين وفحصهم، وعزل المصابين والمخالطين في بيوتهم، وتوفير الأسرة في المستشفيات للحالات الشديدة، وتدريب وحماية عاملين صحيين بأعداد كبيرة.

لا يمكن معرفة نقطة القمة بدون هذه الجهود وهذه الإمكانيات وتسخيرها للعمل بين الناس أولا بأول ومن وقت مبكر.

وهذا له علاقة بالفهم والانضباط أكثر مما له علاقة بالمال والغنى والتقدم.

فمثلا، أمريكا لم تبدأ العمل في وقت مبكر وفقدت وقتا ثمينا، وما زالت حتى الآن لم توفر الفحوصات المخبرية لمن يجب أن يُفحص، ولا نعرف هل معها مستشفيات مستعدة لاستقبال الحالات الشديدة، ولم تفكر بعد بإنشاء مستشفيات ميدانية.

وأرقام الإصابات تتعاظم داخل ولايات أمريكا، من ساعة إلى ساعة والشعب في حالة خوف كبير.

الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان، كان أداؤهم أفضل من الدولة الأعظم في العالم.

**
المشهد الثالث: كم ستستمر هذه الحالة؟ وماذا سيحدث بعد ذلك؟
**
نحن، لا نعرف أشياء كثيرة عن كوڤيد 19.

لا يمكن أن نقارن هذه الكورونا وهذا المرض الذي اسمه كوڤيد 19 بأي مرض آخر، لنقيس عليه ونبدأ بالتخمين والتنبؤ والتوقعات.

نحن لا نعرف:

1- لا نعرف إن كانت ستشتعل الإصابات من جديد في الأماكن التي قد خمدت فيها الجائحة.

في الصين، ما زالت حالات جديدة تظهر في ووهان وفي الأماكن التي خفت فيها أعداد المصابين.

ولهذا ما زال الصينيون يقيدون حركة الناس ويفحصونهم ويرصدونهم ويقيسون حرارتهم ويتتبعون مخالطيهم، ويمنعون السفر والدخول والخروج.

والعالم كله يراقب الصين، لأن كل مرحلة جديدة يمرون بها ستكون مدرسة وعبرة لهم يتعلمون منها ويعرفون أشياء جديدة عن الڤيروس والمرض في المراحل اللاحقة.

2- لا نعرف حجم المشكلة ولا كيف ستنتهي ولا العواقب.

علماء الوبائيات، يتوقعون بأن 40-70٪؜ من سكان العالم سيصابون بڤيروس كورونا.

وأي لقاح ضد الڤيروس لن يكون جاهزا للاستخدام إلا في فترة بعد 12 إلى 18 شهر.

3- لا نعرف كم سيتحمل الناس هذه القيود ولا كيف ستستمر حياتهم في ظلها، ولا كم سيستمر انضباطهم.

العالم كله، قد جمد كل همومه ومشاكله الكبيرة والصغيرة ولا هم له الآن إلا متابعة والتركيز على جائحة أو فاشية كورونا.

والعلماء والخبراء، محبوسون في مختبراتهم يعملون على مدار الساعة.

وكل يوم بل كل ساعة، سيتغير فهمنا لكورونا ولعواقبه ولتأثيراته على حياة البشرية.

*من صفحة الكاتب على الفيس بوك