السبت - 25 أبريل 2020 - الساعة 09:45 م
متغير رياضي ثم معادلة حسابية ثم منحنى بياني ثم يعرفون متي سيفتك ڤيروس كورونا ومتى سينتهي
استفدت من تقرير Max Fisher ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٠ في النيويورك تايمز في كتابة هذا المقال.
دعونا أولا نفهم أو حتى نحفظ ما هو R0 , أو كما ينطق R- naught، أو R-صفر.
هو متوسط عدد الناس الذين سيعديهم شخص مُعدٍ أثناء ما هو في الطور المعدي.
وهي طريقة سريعة لمعرفة "احتمالات" انتشار المرض في تجمع سكاني ما.
لو R-0 أو R-صفر : أعلى من ١، إذن هذا المرض سيصبح وباء.
لو R-0 : أقل من ١، إذن سينطفئ هذا المرض تدريجيا حتى يختفي.
لو R-0 = ٢,٥، فهذا يعني أن مصاب واحد بالمرض سيعدي ٢,٥ آخرين..
أي أن ١٠٠٠ مصاب، ينقلون العدوى ل ٢٥٠٠ شخص. وهذا هو ما يعتقدونه الآن بالنسبة لڤيروس كورونا).
سنتجول بين ما نعرفه عن وباء الإنفلونزا ووباء الحصبة اللذين نعرف عنهما أشياء ثم نعود إلى وباء مرض كوفيد١٩.
تخيل لو أن أنفلونزا الشتاء الموسمية معها R-0 = 1.3
أول ١٠٠٠ شخص من المصابين، سينقلون العدوى ل ١٣٠٠ شخص..
ثاني جيل من المصابين، سيعدُون ١٦٩٠ شخص آخر.
وتستمر معدلات هذه الزيادات.
ويصبح الوضع بعد ٣٠ يوما، أي عند الجيل العاشر من المصابين، هو: ٤٢,٦٢١ مصابا قد التقطوا الإنفلونزا.
بعد هذا الشرح، هناك تحذير في كل مرجع بأن هذا مجرد تقدير، وبأنه يتغير من مجتمع معين لمجتمع آخر، ويختلف أيضا من وقت أو فصل في السنة لوقت آخر، وأن تحديد قيمة R-0 لمجتمع معين أو مدينة معين أصيبت بوباء معين يتم بعد انتهاء الوباء وليس قبله.
لأن قيمة R-0 تتغير إذا كان عدد الناس الذي يتقابلون مع غرباء في منطقة ما، كبير.
ويعتمد على إن كان الطقس أو درجة الحرارة تسهل انتقال العدوى.
ويعتمد على درجة تهويل السلطات الصحية والرسمية من خطورة العدوى أو على تهاونها أو تقليلها من شأن الوباء.
أي أن R-0، لا يعتمد على المرض نفسه أو الڤيروس فقط ولكن تعتمد تقدير قيمته أيضا على الزمان والمكان ونوعية الناس ونوعية السلطات الصحية والسياسية.
ولأن رقم قيمة R-0 ، يعتمد على عوامل كثيرة منها حتى التصرفات الفردية للأشخاص، فإنه ليس رقما واحدا حتى بالنسبة لنفس المكان ولنفس الناس وبنفس الزمان، ولكنه مدى أرقام تتراوح بين قيمة صغرى وقيمة عظمى.
مدى R-0 بالنسبة لكوفيد١٩ هو ٢- ٢,٥.
وبالرغم من كل هذه التحذيرات من عدم دقته، فإن استعمال R-0 سيبقى معنا وسيؤثر في حياتنا، ومتابعة تقديراته هي التي ستقرر متى يمكننا أن نخرج من الانعزال والتباعد الاجتماعي والحجر الصحي بالتدريج وحتى يمكننا من معرفة متى سينتهي وباء ڤيروس كورونا بعد التوصل لانتاج اللقاح، وكم يلزم تلقيح لمليارات البشر لنصل للأمان، أو إذا لم نتوصل لإنتاج اللقاح فيمكننا التنبؤ بعدد الوفيات ومتى سنكتسب مناعة القطيع ومتى سينتهي الوباء، أو متى سيعود بحسب نوع المناعة وبحسب عدد المواليد الجدد.
هذا المتغير الرياضي أصلا ابتكر لمعرفة تزايد عدد السكان.
التكاثر = Reproduction
ومن هنا الرمز R
ولا تنحصر الفائدة من استخدام R-0 على معرفة إن كان مرض ما سيصبح وباء أم لا، ولكن يمكن أن نتنبأ منه منه كم يجب أن تكون نسبة الأطفال الملقحين لكي نسيطر على مرض ما- مثل الحصبة- لمنع حدوث وباء.
ونستطيع أن نتنبأ بعواقب امتناع الآباء عن تلقيح أطفالهم للحصبة- مثلا- عند كل نسبة مئوية من الرافضين.
ونستطيع أن نتنبأ كم يجب أن تكون نسبة الأطفال الملقحين لكي نكتسب مناعة القطيع ونمنع حدوث وباء.
قبل تعميم لقاح الحصبة للأطفال كان وباء الحصبة يأتي كل سنتين في مكان ما ويفتك بحياة ٢,٦ مليون طفل في العالم كل سنة.
أجيال الإصابة بڤيروس كورونا وسلسلة العدوى:
أو ما هو متوسط المدة اللازمة لكل سلسلة جديدة من الإصابات.
أي بعد كم من الأيام من وصول شخص معدي إلى مكان ما، سيصبح الأشخاص الذين أصيبوا معديين ويبدؤون بنقل العدوى للآخرين.
معرفة هذه المدة مهمة للغاية لأنها تخبرنا بسرعة انتشار الڤيروس.
مدة سلسلة ڤيروس كورونا، تقدر بما بين ٤ إلى ٤,٥ أيام.
وهذا يعتبر معدل انتشار سريع للغاية لهذا الڤيروس.
وهذا المقياس- مدة السلسلة- مثله مثل مقياس R-0 يؤثر فيه تصرفات الناس أيضا.
ويمكن استعمال هذه المعلومات لتقدير كم يتكاثر الڤيروس في زمن ما في مكان ما.
مثلا؛ في بداية الوباء في الصين كان انتشار الڤيروس R-0 ، هو ٥,٧.
يعني أول ١٠٠٠ مصاب نقلوا العدوى ل ٥,٧٠٠ شخص خلال ٤ أيام.
إذا استمريت بحساب المتوالية الأسية exponentially، فستصل إلى رقم كارثي بعد شهر.
R-0 ألمانيا و
مستشارة ألمانيا إنجيلا ميركل، تنبأت في الفيديو الشهير عن كوفيد١٩ الذي اكتسبت به المزيد من إعجاب العالم، بأنه إذا وصل R-0 إلى ١,١، فستصل الطاقة الاستيعابية للخدمات الصحية في ألمانيا إلى آخر درجة ممكن تحملها، في شهر أكتوبر.
أي أن عدد المرضى سيصبح أكثر من عدد أسرة العناية المركزة مع ارتفاع حاد في عدد الوفيات.
وإذا وصل R-0 إلى ١,٢ فإن ألمانيا ستصل لهذا الوضع في يوليو.
وإذا وصل رقم R-0 إلى ١,٣، ستصل ألمانيا للوضع في يونيو.
عندما يصبح R-0 لكوفيد١٩، أقل من ١
*
سيتناقص عدد المصابين، مع كل جيل جديد من سلسلة العدوى كل ٤ أيام.
ولكن سيظل هناك مصابون جدد ووفيات جديدة.
إيطاليا و R-0 = ٠,٨
*
في إيطاليا التي تنفذ حجرا صحيا صارما وهي التي مرت بإحدى أقسى تجارب كوفيد١٩، رقم R-0 الآن عندهم ٠,٨ ، أعلنوا بأن عدد الإصابات الجديدة خلال ال ٥ أيام الماضية - أي من سلسلة العدوى- هو ١٥,٩١٨.
فإنه بعملية حسابية، سنتنبأ بأن إيطاليا ستمر ب ٢٦,٨ جيل جديد من تكاثر الڤيروسات ليتناقص معدل الإصابات إلى ١٠ إصابات جديدة يوميا، وهو الرقم الذي وصلت إليه كوريا الجنوبية حاليا.
أي أنه إذا كان كل جيل من الڤيروسات يحتاج لأربعة أيام فإنه بعد ١٠٠ يوم أي في بدايات أغسطس ستصل إلى وضع كوريا الجنوبية اليوم، وهذا بشرط أن تستمر في حالة القفل والحجر الصحي الصارم الذي تنتهجه الآن.
ثلاثة شهور ونصف أخرى من الانعزال الاجتماعي والانغلاق الاقتصادي في إيطاليا، سيتسبب بعواقب كبيرة لا أحد يعلم بحجمها ولا مداها ولا نوعها.
ماذا ستفعل حكومات العالم؟
الضغط كبير على الحكومات.
هل تستمر بالعزل الاجتماعي وغلق الاقتصاد بكل ما يتبعه من غرامة وخسارة وفقر؟ أم تسمح بخروج الناس وفتح الأعمال بكل ما يتبعه من زيادة عدد إصابات وأعداد كبيرة من الوفيات؟
المتوقع أن تتابع الحكومات أرقام R-0 وتفتح الأعمال تدريجيا بحسب نزول الرقم عن ١ وتعود إلى الإقفال إذا عاد وارتفع.
هناك دراسة من جامعة هارفارد، تقول بأنه إذا أردنا أن نبقي عدد الإصابات الجديدة في مستوى طاقة المستشفيات، فإننا سنحتاج لتناوب القفل والفتح للاقتصاد حتى منتصف ٢٠٢٢- أي حوالي ٣ سنوات.
العالم و R-0
*
ألمانيا
كان ٠,٧ ثم ارتفع إلى ٠,٩
يفكرون بتخفيف القيود.
وهم في حيرة عما إذا كان يجب القبول بأهون الشرين بفتح الاقتصاد بينما مازال R-0 عند هذا المستوى
فرنسا
كان R-0 مخيفا عند ٣,٣ ولكن تحت واحدة من أقسى القيود والحجر الصحي أنزلوا الرقم إلى ٠,٥ وهذا إنجاز مذهل.
بعد نشر هذا الإنجاز ساء الأمر بتفشي العدوى بين كبار السن في دور العجزة، وهذا يشير إلى تعقيد هذه المسألة وإلى أن R-0 ليس كامل الأوصاف.
الهند
الخدمات الصحية متدنية والعالم يراقبهم.
نقصوا R-0 من ١,٥٥ إلى ١,٣٦
هذا تحسن ولكنه مازال أعلى من ١ بكثير وينتج منه أعداد كبيرة من الإصابات والوفيات وأجيال جديدة من الڤيروسات كل ٤ أيام.
أمريكا
لا يوجد رقم R-0 معين لكل أمريكا، فهي مناطق متناثرة بمعدلات إصابات ووفيات مختلفة.
وكل منطقة قد وصلت إلى طور معين ونقطة معينة مختلفة في منحنى بياني انتشار العدوي وعدد الإصابات الجديدة وعدد الوفيات.
عبد القادر الجنيد
٢٥ ابريل ٢٠٢٠
▪من صفحة الكاتب على الفيس بوك