مقالات


الخميس - 07 مايو 2020 - الساعة 04:33 ص

الكاتب: د. عبد القادر الجنيد - ارشيف الكاتب



ابتدأنا نسمع عن أعداد متزايدة من ضحايا كوفيد19، وعن أنهم يغسلونهم في المساجد ويكفنونهم ويودعونهم قبل الدفن.

ويجب إعطاء هذا الأمر أهمية قصوى لأنه قد يتسبب بمشاكل.


▪الحقيقة الأولى: الموضوع مهم وحساس

قد لا يهتم به البعض، ولكن يتغير الأمر تماماً عندما يصبح الضحية هو الأم أو الأب أو الزوجة أو الزوج أو الابنة أو الابن.

وكلنا نريد أن يتم هذا حسب العقيدة والعادات والتقاليد المتبعة، والحفاظ على الرصانة ووقار ومهابة المناسبة الحزينة.

والمجتمع، يريد ألا يشكل هذا خطراً على بقية أفراد الأسرة أو المجتمع.

ويجب علينا أن نضع القواعد اللازمة لتلبي كل الاعتبارات المذكورة.


▪الحقيقة الثانية: المتوفى ناقل للعدوى


قد تنتقل الإصابة إلى من ينقل المريض من فراش الموت إلى مكان الغسل، أو من يغسله ويحضره ويكفنه، أو لمن يودعه ويلقي النظرة الأخيرة من الأهل والأصدقاء.

المتوفى، نفسه ليس معديا.
الڤيروسات التي قد تكون عالقة على سطح جسمه وملابسه وفراشه والغرفة، معدية.

في البلاد الأخرى، الذي ينقل المتوفى بمرض كوفيد19 من فراش الموت يكون محميا تماما كأنه رجل فضاء، ويلفونه بحيث لا يلامس السطح الخارجي للقماش، ويضعونه في كيس برباط بحيث لا يلامس شيء منه السطح الخارجي، ولا يسمح للأقارب باللمس أو الاقتراب. وهكذا حتى يتم الدفن.

لو حرصنا في اليمن على الغسل والكفن، فسيختفي بعد مدة كل المغسلين والمكفنين والذين يضعون القطن في فتحات الميت ويرشون العطر وينثرون الريحان وهم يؤذنون ويترحمون.


▪الحقيقة الثالثة: قد تنشأ حالة طوارئ


قد تحدث وفيات لأعداد كبيرة من الناس المصابين بڤيروس كورونا، وقد يكون الكثيرون منهم مجهولي الهوية أو أغرابا بعيدين عن الديار.

والمؤكد أنه لن تكون هناك أماكن لحفظ الموتى.

وستكون هناك رغبة بعدم ترك الموتى بدون دفن وبوجوب أن يتم هذا على وجه السرعة.

وقد تأتي لحظات، تكون هناك فيها حاجة لدفن أعداد كبيرة من الناس بدون أن ندري من هم ولا من سيحفر لهم القبور ولا أين يمكن أن يتم دفنهم.

في بلاد كثيرة اضطروا إلى عمل مقابر جماعية وكانت هناك طوابير من الأهالي بعدها بأسابيع أمام المستشفيات وأمام الإدارات الحكومية يسألون عما حدث لأمهاتهم وآبائهم وأزواجهم وأبنائهم.

وهذا أمر يجب أن تتحسب له كل الإدارات وأفرع السلطة المحلية.


▪الحقيقة الرابعة: الضرورات تبيح المحظورات

نحن- في اليمن- قوم حريصون على أن يكون كل شيئ حسب قواعد الدين وخاصة في أمور الولادة والزواج والوراثة والموت، وغيرها من الأشياء.

ومن قواعد الدين بأن "الضرورات تبيح المحظورات" وأن "المصالح المرسلة"، هي الأبقى.

وفي أيام وباء ڤيروس كورونا، يمكن أن نستند إلى هذه القواعد وغيرها للاستغناء عن بعض طقوس التعامل مع تحضير الموتى للدفن، وب"القياس" على التعامل مع القتلى أو الشهداء، ولكن مع الأخذ بالاعتبار بأن الميت في هذه الحالة ناقل للعدوى.


▪الحقيقة الخامسة: نحتاج لوضع قواعد عامة

كل السلطات المحلية، في كل اليمن، يجب أن تحاول أن تضع قواعد عامة واحدة مشتركة لعملية تحضير الموتى من ضحايا ڤيروس كورونا ودفنهم، وألا يتركوا هذا الأمر للاجتهاد الشخصي.

والأمر سهل حيث يمكن الاقتداء بالدول الإسلامية الأخرى، وهم يجمعون بين الحفاظ على كرامة الميت، والحفاظ على الشرع، والحفاظ على هوية الميت، والحفاظ على مشاعر أهل الميت.

عبد القادر الجنيد
٥ مايو ٢٠٢٠

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك