مقالات


الأحد - 31 مايو 2020 - الساعة 07:53 م

الكاتب: د. عبد القادر الجنيد - ارشيف الكاتب



أنت- نعم أنت- مصاب وناقل لعدوى كورونا، حتى لو كنت لا تشعر بشيء

داڤيد كوكس، كتب تقريرا مطولا في صحيفة الأوبزرڤر اللندنية

زوج السيدة نوبور راجي، أصيب في منتصف مارس بكوفيد١٩ وتدهور إلى درجة حرجة.

نوبور راجي، هي دكتورة بارزة وإخصائية معالجة سرطان في مستشفى ماساشوسيتس في بوسطون، ظلت تعتني بزوجها المريض في البيت لمدة أسبوع كامل قبل أن تقوده بسيارتها إلى قسم الإسعاف والطوارئ.

اندهشت الدكتورة نوبور راجي، عندما فحصوها بمسحة الحلق أنفية وإجراء إختبار بي سي آر PCR، وظهرت النتيجة بأنها مصابة بالڤيروس.

قالت نيبور: "انتهى الأمر بزوجي بمرض شديد، وظل في العناية المركزة يومًا كاملًا ، وبقى بعدها في المستشفى لمدة ١٠ أيام. لكن بينما أنا مصابة أيضاً، فلم يكن عندي أي أعراض على الإطلاق. لا توجد عندي أي فكرة لماذا ردينا نحن الإثنان على الڤيروس بطرق مختلفة للغاية."

احتاج زوج نيبور لشهرين كاملين ليتعافى.
الفحوصات المتكررة التي أجروها لهما- كل خمسة أيام- ولنفس المدة، أظهرت أن نيبور ظلت مصابة بالڤيروس طوال الوقت بالرغم من عدم ظهور أي أعراض.

بطريقة ما، الڤيروسى بقى داخل جسمها بدون أن يرد عليه جهازها المناعي بأي صورة.

فعندما أجروا لنيبور ولزوجها فحوصات دم للأجسام المضادة لڤيروس كورونا، في بداية هذا الشهر، كان الزوج بداخله معدلات مرتفعة من الأجسام المضادة، بينما هي لم يكن معها أي أجسام مضادة على الإطلاق، وكان هذا أمرًا مستعصيا على الفهم."

قالت نيبور: "هذا أمر يبلبل الأفكار."
"بعض الناس ممكن أن تمتلئ أجسامهم بمستعمرات الڤيروس ولا تظهر عندهم أي أعراض، بينما آخرون ينتهي بهم الأمر بمرض شديد للغاية. أعتقد أن هذا له علاقة باختلافات في تنظيمات وردود أجهزة المناعة، لكننا لم نكتشف بعد كيف يحدث هذا."

الدراسات الوبائية تكشف الآن أن العديد من الناس الحاملين للڤيروس يمكنهم أن ينقلوا العدوى، مع أنهم لا يعانون من أي أعراض، ولأعداد كبيرة جداً من الناس.

العلماء، يعتقدون بأن هؤلاء الناس لهم دور كبير في نقل العدوى في دور رعاية المسنين وأن لهم دوراً محوريًا في الجدل الدائر حول لبس كمامات الوجه لكل الناس بينما تحاول المجتمعات فتح الاقتصاد وإنهاء الإنعزال.

أمر الناس الذين يحملون البكتيريا والڤيروسات والطفيليات المعدية ولا يعانون من أي أعراض بينما ينقلون العدوى للآخرين، معروف من قبل من الملاريا والتيفوئيد وحتى الإيدز.
الأبحاث ، تبين بأننا كلنا مصابون طوال الوقت بما بين ثمانية إلى ١٢ ڤيروس، بدون أي أعراض مرضية.

يقول الباحث رين هوبين من كلية الطب الوقائي والأمراض الإستوائية في لندن:
"من وجهة نظر الڤيروس هذه شطارة وحرفنة درجة أولى للتطور والبقاء." "لأنه عندما يجعل الڤيروس أو البكتيريا الشخص مُعديا بدون أن يسبب له المرض والأعراض فإنها طريقة ممتازة لنشر وبقاء الجراثيم."

ولكن، عنما تم التعرف على كوڤيد١٩ في بداية هذا العام، فإن خبراء الصحة العامة لم ينتبهوا للتهديد الذي يشكله نقل العدوى بواسطة الحاملينللڤيروس ولكن لا يعانون من أي أعراض. وذلك لأنهم بنوا تصوراتهم على موديلات تعتمد على خبراتهم مع ڤيروس الإنفلونزا الذي يشكل حجم الحاملين للڤيروس بدون أعراض ٥٪؜ فقط.

ولهذا السبب، فإن البدء بأنظمة وإجراءات الفحوصات التشخيصية لكوڤيد١٩ على نطاق واسع، لم يتم إلا بعد أن ضاع الكثير من الوقت وأصبحنا متأخرون.

يقول بروفيسور علم الرعاية الصحية المناخية البيئية في جامعة ساوثامبتون، بيل كيڤيل: "لقد حذرت في ٢٤ يناير من ضرورة إعتبار الحالات التي بدون أعراض كوسيلة نقل لكوفيد-١٩، ولكن تم تجاهل هذا في ذلك الوقت."

"ومنذ ذلك الوقت، تتابعت تقارير من الكثير من دول العالم عن أن الحالات التي بدون أي أعراض واضحة يكاثرون الڤيروس داخلهم ويخرجونا وينشروها بين الناس ويعدونهم."

يمكنهم نشر كوڤيد-١٩، ليس فقط عن طريق العطس والسعال، ولكن أيضا أثناء الكلام أو حتى نفخ صفارة."

كم يوجد حاملون للڤيروس كورونا من حولنا، بدون أعراض؟

في مدينة ڤو الإيطالية ، عندما فحصوا الناس بال PCR وجدوا أن ٤٣٪؜ من كل الحالات التي نتائجها إيجابية، كانت بدون أعراض.

في حاملة الطائرات الأمريكية تيودور روزفلت كانت نسبة الذين بدون أعراض ٥٨٪؜.

في حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديجول، النسبة ٤٨٪؜ من الحالات التي عددها ١٠٤٦.

في باخرة الرحلات السياحية "أميرة الماس"، كانت النسبة ٤٦٪؜ بدون أعراض من عدد إجمالي مصابين ٧١٢.

يقول العالم رين هوبين:

"يعني تشير الأدلة أن متوسط نسبة الناس المصابين الذين بدون أعراض ولا يعرفون أنهم مصابون وينشرون العدوى بين الناس، تقدر بحوالي ٤٠٪؜ مع إفساح المجال لمدى واسع في الفروقات من مكان لمكان آخر.

وتختلف النسبة بين الأعمار.

تقريبا كل الأطفال المصابين يظلون بدون أعراض، وكذلك صغار السن، والعكس صحيح عند كبار السن الذين يمرضون وتظهر عليهم الأعراض."

"ونعرف من هذه المعلومات لماذا يتبرطع الڤيروس وينتشر في دور المسنين ويهلكهم بسبب صغار السن الذين يقومون برعايتهم وهم مصابون وحاملون للڤيروس ولكن بدون أعراض."
"ولهذا يجب فحص كل هؤلاء الناس في دور الرعاية وكل الأماكن المغلقة مثل دور رعاية المشردين والسجون والمصحات النفسية."

وعندما نقوم بإحتواء كوڤيد-١٩ فإننا لا يجب أن نكتفي بعزل المصابين المرضى فقط، ولكن يجب تتبع وإقتفاء أثر الذين بدون أعراض.

والوضع المثالي، هو أن نجدهم ونفحصهم ونعزلهم.

الأمر الواقعي، هو أنه يجب أن يلبس كل الناس الكمامات في كل مكان خارج البيت: في الطريق وفي محطات الإنتظار وفي الدكاكين وفي الأسواق.

نلبس الكمامة في كل مكان خارج البيت، وهذا يشملك أنت.. نعم أنت الصحيح الفصيح، لأنك أنت الحامل للڤيروس ولكن بدون أن تظهر عليك الأعراض.

الڤيروس، قد استعملك واحتلك واستعمرك ليتكاثر داخلك بدون أن يمرضك لتتحرك وتنشره بين الآخرين.

هل سيفيد ظهور اللقاح؟

تقول الدكتورة نيبور راجي التي حملت الڤيروس وتكاثر داخلها بدون أن تصنع هي ضده أجسام مضادة داخلها وظلت تمارض زوجها بدون أي أعراض بينما مرض هو وتدهور ودخل العناية المركزة والمستشفى وبعدها صنع الأجسام المضادة.

إذا كان الأمر هكذا، فما هي الضمانة بأن نفس الشيئ لن يتكرر مع اللقاح.

يتلقى أشخاص اللقاح، ويصنعون أجساما مضادة بجهاز المناعة، مثل زوجها وآخرون لا ينتجون أجسامًا مضادة، مثلها.

ستستمر المتابعات وتستمر الدراسات وستستمر إتخاذ القرارات والتدخلات الجديدة.

٣١ مايو ٢٠٢٠

*من صفحة الكاتب على الفيس بوك