مقالات


الإثنين - 01 يونيو 2020 - الساعة 01:20 ص

الكاتب: حسين الوادعي - ارشيف الكاتب



جميل هذا الحماس ضد الحادث العنصري في أمريكا وتداعياته.

لكن، بالنسبة لنا نحن العرب بالذات، هل يعكس هذا الاهتمام رفضا حقيقيا للعنصرية؟

ألسنا عنصريين ضد ذوي البشرة الداكنة، تلك العنصرية التي تعرض بسببها جاري ذو البشرة الداكنة للسخرية والتنمر والايذاء طوال حياته؟

تلك العنصرية التي تجعل الفتاة ذات البشرة السمراء تقضي الساعات الطوال في تبييض بشرتها بالمساحيق حتى تتخلص من نظرات السخرية ولا يتجنبها الخطاب!

ألسنا عنصريين ضد المهن البسيطة كالجزارة والحلاقة والنظافة والحمالة واعمال الخدمة في المطاعم؟ ألن نرفض تزويج ابنائنا وبناتنا منهم لأننا نحتقرهم؟

ألسنا نحتقر اتباع الديانات الأخرى ونرفض السلام عليهم او مصاهرتهم او تعيينهم في الوظائف الكبرى للدولة؟ إذا لم تكن هذه عنصرية فمَ تكون؟

ألسنا عنصريين ضد النساء فنحتقرهن ونصادر شخصياتهن ونعطيهن نصف عقل ونصف دين ونصف حقوق وربع احترام؟ اليس اعتبار النساء جنسا ادنى من الرجال عنصرية؟

ألا ينطبق على الإدانات العربية للعنصرية الأمريكية قول المسيح "عجيب أمر مم يرى القشة في عين اخيه ولا يرى الخشبة في عينه"؟!

لا أحد ينكر بقايا العنصرية في أمريكا. لكن لا أحد ينكر قدرة المجتمع الأمريكي على مواجهتها لانها مدانة ومحرمة في القوانين والتشريعات والسياسات والثقافة وكافة الانظمة.

اما نحن فما اعجزنا عن مواجهتها لأن العنصرية ما زالت مقدسة في نصوصنا المقدسة واعرافنا وتقاليدنا قوانيننا ومناهجنا وثقافتنا وخطابنا الإعلامي.

هناك فريق بين مجتمع تشكل العنصرية فيه تيارا فرعيا وبقايا ممارسات بائدة لن تتسامح معها الأغلبية، وبين مجتمع تشكل العنصرية فيه ثقافة الأغلبية.

لا يعني هذا أنني ضد الاهتمام بالحراك ضد العنصرية في أمريكا والغرب عموما، لكني ضد أن يعتبرها العنصري الآخر دليلا على صحة عنصرياته المدفونة والمحمية بركام الجهل والخرافة.

*من صفحة الكاتب على الفيس بوك