مقالات


الثلاثاء - 30 نوفمبر 2021 - الساعة 07:44 م

الكاتب: صالح البيضاني - ارشيف الكاتب



أساء الحوثيون قراءة التحولات الإقليمية والدولية المرتبطة بالملف اليمني، مدفوعين في ذلك بنوع من الغرور الذي صاحب مسيرة تقدمهم السهلة نسبيا في مناطق الشرعية واقترابهم من مركز محافظة مأرب الاستراتيجية، وكان رهانهم في ذلك يعتمد إلى حد كبير على عاملين أساسيين؛ الأول رهانهم الخاطئ على استمرار سياسة التدليل الدولية وخصوصا الأميركية واعتقادهم المبالغ فيه باستعجال التحالف العربي في مغادرة تعقيدات الحرب اليمنية.

أما العامل الآخر فهو مراهنتهم المبالغ فيها على سلاح المسيرات الذي تعاملوا معه بثقة مفرطة بوصفه سلاحهم للردع والتوازن في مواجهة سلاح الجو السعودي الذي عاد مجددا لاستهداف مناطق العمق الحوثي في ما يبدو أنه نتيجة لحصول التحالف على بنك جديد من الأهداف العسكرية الحوثية، وهو ما تؤكده شهادات العيان من صنعاء عن انفجارات متلاحقة لمخازن أسلحة إثر ضربات التحالف الجوية الأخيرة في مشهد يعيد إلى الأذهان بدايات الحرب في اليمن.

وفي مقابل التصعيد الجوي للتحالف العربي والإعلان صراحة عن مشروعية الهجمات التي تستهدف القدرات العسكرية للحوثيين، تراجعت إلى حد كبير وبشكل لافت فاعلية المسيرات الحوثية التي فشلت رغم كثافتها في إلحاق أضرار مباشرة بالمطارات السعودية ومنشآت النفط التابعة لشركة ارامكو، في مؤشر على إمكانية تحييد سلاح الحوثيين الأقوى نتيجة لتراكم الخبرات حول التصدي لهذا النوع من الطائرات المسيرة التي صدرتها إيران لأذرعها العسكرية، أو ربما يكون تراجع فاعلية تلك المسيرات ناتج عن عملية تحديث غير معلنة لمنظومة الدفاع الجوي السعودية.

وفي مقابل تراجع فاعلية طائراتهم المفخخة، فشل الحوثيون منذ سبع سنوات في تحييد طيران التحالف العربي على الرغم من محاولاتهم التي لم تتوقف يوما لتعويض هذا الفارق الهائل في معادلة القوة، وقد أظهرت مقاطع فيديو حديثة مسربة من مطار صنعاء الدولي، استمرار الحوثيين في اختبار أسلحة للدفاع الجوي، بهدف الخروج من تحت رحمة سلاح الطيران الذي أثبت أنه القوة الفارقة في الحرب اليمنية التي أفشلت حتى الآن سيطرة الحوثيين على مأرب وجعلتهم دائما عرضة للاستهداف العسكري في الزمان والمكان الذي يختاره التحالف كما حدث مؤخرا من خلال قصف معسكرات الحوثيين في دار الرئاسة بصنعاء وتدمير عدد من مخازن السلاح وورش تصنيع الأسلحة في مناطق مختلفة.

وعلى الرغم من حالة التأرجح الملحوظة في مسارات الحرب والسلام اليمنية، بين تقدم سريع للحوثيين حينا وتراجع في أحيان أخرى، لا يبدو أن الحرب اليمنية تقترب من فصلها الأخير وخصوصا مع شطب الجماعة الحوثية السلام العادل من قائمة خياراتها ومراهنتها المطلقة على أنها تخوض حربا مقدسة لا بد أن تكسب فيها، وهو الأمر الذي تكذبه كثير من الشواهد على الأرض تشير جميعها إلى أن قرار الحوثي ليس في السماء ولا يدار وفقا لمنطلقات دينية وعقدية بحتة كما يزعم قادة الجماعة، بقدر ما هو مختطف في طهران التي باتت تلوح بملف الحرب في اليمن إلى جانب ملفات أخرى تسعى من خلالها لتوظيف كل هذا الخراب الهائل في اليمن والعراق وسوريا ولبنان من أجل استعادة الإمبراطورية الفارسية مع فارق وحيد فقط هو استبدال تاج كسرى بعمامة الخميني