صنعاء/ مدى برس/ تقرير خاص:
أثار تزايد الوفيات في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية حالة من الهلع والذعر بين السكان في ظل تحفظ السلطات الصحية في صنعاء على التعليق حول أسباب حالات الوفاة تلك، التي تغص بها مواقع التواصل الاجتماعي.
وفيما يموت العشرات من اليمنيين يومياً بسبب تفشي فيروس كورونا، وسط عجز المستشفيات عن تقديم الرعاية للآلاف من المصابين، يواصل الحوثيون المراوغة وإخفاء الحقائق المتعلقة بأعداد الضحايا من إصابات ووفيات.
ورغم تزايد أعداد الوفيات اليومية، اكتفت سلطات الانقلابيين بالإعلان عن ثلاث إصابات فقط، منها حالة وفاة لمهاجر صومالي الجنسية عثر عليه ميتًا في أحد فنادق صنعاء، منذ الخامس من مايو.
وفي ظل إصرار الحوثيين على إخفاء الأعداد الحقيقية للمصابين والمتوفين أكد سكان محليون أن سلطات الانقلاب أغلقت خلال اليومين الماضيين عدداً من حواري مدينة صنعاء بعد تفشي الوباء وارتفاع أعداد الوفيات، ما سبب حالة من الرعب بين السكان الذين يشيعون يومياً العشرات من الضحايا بصمت وتكتم.
وحسب ما أفاد السكان "خرجت سيارات تحمل مكبرات للصوت في عدد من الحارات في الدائري الغربي والمحارات الواقعة بين شارعي عشرين وهائل، والحارات الواقعة بين تقاطع شارعي الرقاص وهائل وصولاً إلى الجامعة القديمة، وكانت تنادي على السكان بأنهم ممنوعون من مغادرة منازلهم وأنهم تحت الحجر المنزلي لمدة أسبوع بسبب انتشار فيروس كورونا.
وأكد السكان أن إجراءً مماثلاً اتخذ في منطقة 45 القريبة من دار الرئاسة، حيث أغلقت الميليشيات الحوثية كامل الحواري، وألزمت سكانها البقاء في منازلهم، بعد أن تحولت إلى بؤر لانتشار الفيروس.
وأكد سكان المناطق الممتدة بين الصافية وشارع تعز أن عناصر الحوثيين انتشروا مع سيارات تبلغهم بحظر التجول لمدة أربعة أيام بعد وفاة مؤذن جامع الحارة بفيروس كورونا.
وبحسب شهادات السكان وتسجيلات مصورة لأهالي وأصدقاء ضحايا أصيبوا بالمرض، تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الفيروس انتشر بشكل سريع وحصد مئات الوفيات في عدد من المحافظات خلال الأيام الماضية.
ويوم أمس الجمعة خرجت سلطات الانقلابيين ببيان قالت فيه "إنه لعدم دقة وكفاءة المحاليل والمسحات المرسلة إلينا من قبل منظمة الصحة العالمية أثر ذلك على نتائج الفحوصات المخبرية التي أظهرت إيجابية لعينات غير بشرية وغير متوقعة".
وأثار بيان الانقلابيين سخرية العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما أن البيان وعد بأنه سيكشف عدم كفاءة محاليل الصحة العالمية في مؤتمر صحفي خلال الأيام المقبلة.
وفي السياق، كشفت الأمم المتحدة أن عدد الوفيات في اليمن نتيجة الإصابة بفيروس كورونا يصل إلى 20 في المائة من الحالات، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي،
وفي بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة في اليمن، تلقى "مدى برس" نسخة منه، قالت ليز غراندي منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن "إنه وبعد سبعة أسابيع من الإعلان عن أول حالة، تشير التقارير الأولية من وحدة العناية المركزة إلى أن معدل الوفيات في الحالات يبلغ نحو 20 في المائة مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 7 في المائة".
ولفتت إلى أنه: "قبل عامين، واجه اليمن أسوأ تفشٍ للكوليرا في التاريخ الحديث. وفي العام الماضي، كان اليمن على حافة المجاعة، وهذا العام فقدت عشرات الآلاف من العائلات كل شيء بسبب الفيضانات التي تحدث مرة واحدة في كل جيل، وأن الأمم المتحدة ووكالتها وغيرها من المنظمات عملت معاً، وتمكنت من صد الكوليرا والمجاعة، ولكن إذا لم تحصل على التمويل الذي تحتاجه، وإذا لم يتم عمل المزيد للتصدي لفيروس كورونا، فقد يتفشى أكثر في اليمن"، كما أن من بين 41 برنامجاً رئيسياً للأمم المتحدة في اليمن، سيتم إغلاق 30 برنامجاً في الأسابيع القليلة المقبلة.
وأكدت المسؤولة الأممية أن الفيروس ينتشر في اليمن من دون رادع ولا يخفف منه أي شيء في جميع أنحاء البلاد. وقالت إنه "ومن دون سعة اختبار كافية من المستحيل معرفة عدد الأشخاص المتأثرين بدقة"، وإن "ما نعرفه هو أن المستشفيات تضطر إلى رفض استقبال المرضى وأن هناك نقصاً في كل شيء".
ووفق بيان المنسقة الأممية، فإنه وبعد أسبوع من الإعلان عن أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، اضطرت الوكالات إلى تعليق الحوافز لما يصل إلى 10 آلاف من العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية بسبب نقص التمويل.
وقالت إن 14 ألف متطوع ينتشرون في جميع أنحاء البلاد لتوعية المجتمعات المحلية بالفيروس وكيفية انتقاله وما يمكنهم القيام به لحماية أنفسهم، وإن الشركاء يساعدون في بناء وترقية وتجهيز وتدريب الموظفين في 59 وحدة للعناية المركزة في جميع أنحاء اليمن.
القلق الدولي والتقديرات المرعبة لم تشكل رادعاً أمام ميليشيا الحوثي للاعتراف بالعدد الحقيقي للإصابات والوفيات بهذا الفيروس القاتل الذي يجتاح معظم المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرة الميليشيات.
وأكد أطباء وعاملون في المجال الصحي أن عدم الإفصاح عن انتشار الفيروس منذ بداية ظهوره تسبب في زيادة انتشاره بشكل كبير، موضحين أن السلطات الصحية كانت تعلم بأن الفيروس بدأ بالانتشار في اليمن قبل أكثر من شهرين، وأضافوا إن التكتم من قبل السلطات وعدم الكشف عن انتشار الفيروس جعل حياة الناس تستمر بشكل طبيعي، وهو ما أدى إلى انتشار الفيروس بشكل كبير، مؤكين أنه يموت العشرات يومياً بكورونا ومرض آخر أعراضه تشابه أعراض كورونا مثل الحمى الشديدة والسعال وضيق التنفس، لكنهم لم يستطيعوا معرفة نوعه أو إجراء الفحوصات لهم لعدم توفر الإمكانات.
وأوضحوا أن الإعلان عن الحالات المصابة من قبل السلطات الصحية سيساهم في تهيئة الناس لتقبل العلاج والحجر الصحي أو المنزلي، مشددين على ضرورة الإفصاح عن حقيقة تفشي الفيروس، ومكاشفة المواطنين والرأي العام بالواقع.