نافذة على السياسة

السبت - 06 يونيو 2020 - الساعة 01:10 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


تدخل قطر العام الرابع من العزلة المفروضة عليها بفعل قرار المقاطعة الذي اتخذته بحقها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في 5 يونيو وتبعتها دول أخرى باتخاذ قرار مشابه، ويدرك النظام القطري جيداً أنه مهما حاول أن يبدو متماسكاً إلا أنه يشعر بالهوان الناتج عن قرار المقاطعة أو ما باتت تُعرف بالأزمة الخليجية، خاصة أن قطر خسرت محيطها العربي -شعوباً وحكومات- ولم تكسب سوى ود النظام الإيراني وأدواته في المنطقة العربية، وهو الود الذي يبدو أنه لن يطول كثيراً.

عزلت قطر نفسها نتيجة سياساتها الخارجية المتمثلة بدعمها اللامحدود للجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية والتكفيرية، وفي مقدمتها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وجماعة الحوثيين وحزب الله وتنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى دعم سياسات وتوجهات النظام الإيراني ضد المحيط العربي وعلى وجه الخصوص دول الخليج التي عمل النظام القطري على زعزعة الأمن فيها عبر دعم الاحتجاجات في هذه الدول ودعم المعارضين لأنظمتها.

كما أن قطر ورغم التحذيرات التي تلقتها من دول مجلس التعاون الخليجي قبيل الأزمة الخليجية قد استمرت في التدخل في شؤون هذه الدول عبر زعزعة الأمن والاستقرار فيها، ودعم الأنشطة الإرهابية للجماعات الموالية لإيران، وممارسة التصعيد والتحريض الإعلامي، وهو ما تسبب بقرار المقاطعة الذي تم اتخاذه في 5 يونيو 2017 ويدخل اليوم عامه الرابع.

ولا شك فإن قطر قد خسرت محيطها العربي من خلال تمردها على المشروع العربي لصالح المشروعين الإيراني والتركي، حيث وصلت حالة الصلافة بأمير قطر تميم بن حمد للتصريح بالقول إن إيران تمثل ثقلاً إقليمياً وإسلامياً لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، مؤكداً أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة، وهو التصريح الذي يعد من أهم الأسباب التي أدت إلى الأزمة الخليجية.

دول المقاطعة كانت قد طالبت قطر رسمياً بخفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق البعثات الدبلوماسية الإيرانية في قطر، بالإضافة إلى طرد عناصر الحرس الثوري الإيراني من قطر وقطع أي تعاون عسكري مشترك مع إيران، ولا يُسمح إلا بالتبادل التجاري مع إيران الذي يمتثل للعقوبات الأمريكية والدولية، بشرط ألا يعرض ذلك أمن دول مجلس التعاون الخليجي للخطر، بالإضافة إلى ضرورة قطع أي تعاون عسكري أو استخباراتي مع إيران" غير أن أمير قطر رفض هذه المطالب، وتحدى محيطه العربي عبر التواصل مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، وإعادة سفيري البلدين.

مع بدء الأزمة الخليجية ارتمت قطر في حضن طهران، وعمل النظام الإيراني على زيادة تغلغله في مفاصل النظام القطري، حيث سارع مسؤولون إيرانيون للإعلان عن استهداف رفع صادرات السلع إلى قطر حتى 900 مليون دولار فى عام 2020، بعد أن كان لا يتخطى الــ70 مليوناً قبل الأزمة الخليجية.

وفي الجانب العسكري بادرت قطر لاستقدام آلاف الجنود والضباط الذين ينتمون للحرس الثوري الإيراني، كما سمحت لإيران بإنشاء قاعدة عسكرية على أراضيها لحمايتها.

ولم تنته العلاقة العسكرية بين قطر وإيران عند هذا الحد بل امتدت إلى زيادة قطر للدعم الذي تقدمه لأدوات إيران في المنطقة العربية، وفي مقدمتها جماعة الحوثي وحزب الله والأحزاب الشيعية في العراق.

ومع خروج قطر من التحالف العربي المساند للشرعية في اليمن، عملت قطر على دعم جماعة الحوثي الانقلابية سياسياً وإعلامياً ومالياً وبشكل علني، حيث عملت قطر على إفشال الشرعية اليمنية التي تسيطر جماعة الإخوان المسلمين على قرارها السياسي والعسكري، حيث أوكلت قطر لقيادات الجيش الموالي لحزب الإصلاح الإخواني الدخول في هدنة غير معلنة مع الانقلابيين، وتوقيع اتفاقيات وتفاهمات لتسليم الجبهات للحوثيين، وهو ما كشف عنه القيادي الحوثي محمد البخيتي.

بالتزامن مع ذلك قامت قطر بدعم وتمويل ميليشيا مسلحة تابعة لحزب الإصلاح لتكون موازية للجيش النظامي، وتعمل على إفشاله عبر تنفيذ أجندة التنظيم الدولي للجماعة، وقد أوكلت هذه المهمة لقيادات إخوانية أبرزها الشيخ حمود سعيد المخلافي المقيم في تركيا والذي يدير ميليشيا ”الحشد الشعبي” و“لواء حمد” والتي تم تشكيلهما مؤخراً في محافظة تعز.

إعلامياً تغيرت السياسة التحريرية لقناة الجزيرة القطرية ولوسائل الإعلام الممولة قطرياً في تناولها للأزمة اليمنية، من خلال التحريض على دول التحالف العربي ومهاجمة الشرعية، بالإضافة إلى دعم الحوثيين عبر تمويل قنوات تلفزيونية تابعة للجماعة، وكذا إنشاء مكتب للتنسيق الإعلامي بين جماعة الحوثي وحزب الإصلاح مقره في صنعاء.

كما أن الدعم القطري للحوثيين امتد إلى الجانب الإغاثي عبر دعم منظمات إغاثية حوثية تعمل في صنعاء، حيث قدمت قطر مساعدات إغاثية لمقاتلي جماعة الحوثي ولأسر قتلى الجماعة عبر ما تسمى بمؤسسة الشهداء والتي تتخذ من صنعاء مقراً رئيسياً لها.

وفي هذا السياق قامت قطر بإنشاء ودعم عدد من المؤسسات والجمعيات التابعة لجماعة الحوثي ولجماعة الإخوان، وتقوم عبرها بضخ الأموال إلى الجماعتين تحت يافطة دعم الأعمال الإغاثية والخيرية، وهو ما يعرف بعملية غسيل الأموال.

وبلاشك فإن دعم قطر لجماعة الحوثي الانقلابية نكاية بالتحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات، يضع قطر في مواجهة مباشرة مع الشعب اليمني الذي يعد الخاسر الأبرز من سياسات قطر التخريبية في اليمن.