ملفات وتقارير

الإثنين - 01 يونيو 2020 - الساعة 04:32 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ تقرير خاص:


تزداد حالة الوفيات الناتجة عن الحميات المنتشرة والأوبئة المختلفة في اليمن بشكل مخيف، تحوَّلت معها جغرافية العديد من المحافظات إلى مقابر جماعية للموتى.

في شمال اليمن، يزداد عدد السكان الذين يمرضون ويموتون بعد أن شكواهم من صعوبة في التنفس يحتمل بإصابتهم بفيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19"، لكن جماعة الحوثيين المدعومين من إيران التي تسيطر على الشمال اعترفت فقط ببعض منهم.

وفي جنوب اليمن زادت معدلات الوفيات بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي، تؤكد مصادر متطابقة أن ارتفاع معدل الوفيات في الجنوب يأتي نتيجة تفشي الكثير من الأوبئة الغامضة والحميات.

مع هذا الكم الهائل من الوفيات في اليمن شمالاً وجنوباً يبدو أن الفيروس قد انتشر في اليمن بشكل كبير، ولم يعد يحتمل البلد المنهك بالفعل، بفعل ست سنوات من الحرب وتواجد عديد سلطات متنافسة، ونظام الرعاية الصحية في حالة خراب وانتشار الجوع وتفشي الكوليرا والأمراض المعدية الأخرى.

إن إنكار تفشي المرض في الشمال الخاضع لسيطرة الحوثيين، إضافة إلى غياب سلطة الحكومة في الجنوب، بات -بحسب جهات خارجية مهتمة- أمراً واضحاً، أكدت أيضاً أن تخفيض المساعدات لليمن أعاق أي أمل في الحد من انتشار الفيروس، مما جعل العاملين في مجال الرعاية الصحية والمستشفيات غير مجهزين لمواجهة الفيروس، والشعب مشوشاً بسبب قلقهم من درجه الجهود المبذولة لمكافحة الفيروس.

ويواجه اليمن بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم قبل أن يضرب الفيروس هذا البلد، وولد الوباء شائعات بأن المرضى يتم تصفيتهم بما تسمى بإبرة الرحمة في المستشفيات، مما تسبب في عزوف الكثير من اليمنيين عن الذهاب للمستشفيات العلاج وتفضيل الموت في بيوتهم، ومع ذلك، عندما لم يعد بإمكانهم تجنب الذهاب للمستشفيات فإنهم يذهبون ويواجهون مشكلة عدم وجود أسرَّة ومعدات واقية وإمدادات طبية.

وفي ظل انتشار هذه الأوبئة الغامضة والحميات والتي من بينها كورونا، باتت القدرة على منع حشود كبيرة من التجمع في الصلوات أو الجنازات أو الأسواق أو منع السكان من السفر داخل البلاد ضعيفة جداً، يؤكد صلاح محمد، حارس أمن مدرسة في مدينة عدن -بحسب ترجمة خاصة لـ"مدى برس"، نقلاً عن موقع أمريكي: "نعتقد أنه لا يوجد فيروس كورونا، لأننا لا نثق في نظامنا الصحي، يتحدثون عن حظر تجول لمنع انتشار المرض ولكن لماذا يسمحون للناس بالتحرك بحرية في جميع أنحاء البلاد إذا كان هناك حظر تجول؟".

ويأتي هذا الانتشار الواسع للأوبئة والأمراض مع قلة الفحوصات المتاحة وتعرض الحكومة والمستشفيات للفوضى، الأمر الذي تؤكد مصادر مطلعة أنه من الصعب معه قياس الانتشار الحقيقي للفيروس في اليمن.

مصادر طبية استشارية لدى وزارة الصحة أكدت أنه حتى الأسبوع الماضي أكدت الفحوصات وجود أكثر من 500 حالة إصابة بالفيروس في صنعاء -العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون، ومع ذلك اعترفت سلطات الحوثي بأنه يوجد الكثير من الحالات مع التكتم على العدد الحقيقي للحالات في أراضيها.

وتذكر المصادر أن بعض موظفي وزارة الصحة لدى الحوثيين يناشدون كبار المسؤولين لإعلان الأرقام الحقيقية حتى يفهم العاملون الطبيون الوضع ويقيمون حالات الطوارئ وخطورة الموقف.

وأكدت وزارة الصحة في صنعاء، في بيان، أن قرارات الدول الأخرى بالإعلان عن حالات الإصابة بالفيروس التاجي "خلقت حالة من الخوف والقلق في البلدان الأخرى كانت أكثر فتكا من المرض نفسه".

وقال يوسف الحاضري، المتحدث باسم الوزارة، في مقابلة "ليس علينا الالتزام بما يريده العالم منا"، وألقى باللوم على منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية "المتخاذلة" وحملها مسؤولية فشلها في التعامل مع تفشي المرض.

ويبقى سبب السرية لدى مليشيا الحوثي الانقلابية غير واضح، ومع ذلك فإن المشكلة الرئيسية ليست الإنكار، ولكن الافتقار إلى الحوكمة ونظام الرعاية الصحية المنهار.

وأظهرت بيانات الدفن في عدن أن 950 شخصًا لقوا حتفهم في المدينة في أول 17 يومًا من هذا الشهر، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف العدد المسجل في شهر مايو 2019، ووفقًا لتحليل أجراه عبد الله بن غوث، أستاذ علم الأوبئة في جامعة حضرموت، الذي يقدم المشورة لوزير الصحة في عدن، يشير الارتفاع الكبير في عدد الوفيات إلى أن العدد الرسمي للوفيات بالفيروس أكثر بكثير.

وقالت المنظمة، إن في مركز العزل الذي أقامته منظمة أطباء بلا حدود في عدن، وهي المنشأة الوحيدة المخصصة لمرضى الفيروس في جنوب اليمن، تم إدخال 173 مريضاً مات منهم أكثر من 68 شخصاً.

إن نظام الرعاية الصحية في اليمن، الذي تجاوز بالفعل تفشي الكوليرا والأمراض الخطيرة الأخرى، بات يلهث وأصبح أكثر تدهوراً، خصوصاً وأن معظم الأطباء والممرضين لم يستلموا رواتبهم منذ سنوات مما دفع الكثيرين إلى الاستقالة، أولئك الذين بقوا الآن يستقبلون مرضى الفيروس دون معدات واقية.

يحيى، 36 سنة، من سكان مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل، قال إنه دفن ثلاثة من أقاربه الذين ماتوا بأعراض تشبه أعراض كورونا، وألقى باللوم جزئيًا على المسؤولين قائلاً: لو كان المسؤولون شفافين بشأن حجم التفشي لكان الناس قد أخذوا الفيروس على محمل الجد.

وكشف أن الأعراض بدأت تظهر عليه هو أيضًا، لكنه قال: إنه رفض الذهاب إلى المستشفى أو مركز الحجر الصحي، مردفاً "لن أذهب إلى أي مكان حتى لو كان موفنبيك"، في إشارة إلى فندق صنعاء ذي الخمسة نجوم الذي أغلق أثناء الحرب وتم تحويله الآن إلى منشأة للحجر الصحي، وأضاف "للأسف لم تعد هناك ثقة".

ويأتي ذلك في وقت أعلن فيع مكتب الأوقاف والإرشاد التابع لمليشيا الحوثي الانقلابية في أمانة العاصمة، إغلاق أكبر وأشهر مقبرة في صنعاء، وسط ارتفاع نسبة الوفيات بفيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19" في صنعاء.

وأعلن أوقاف المليشيا الحوثية، الجمعة 29 مايو / آيار، إغلاق مقبرة خزيمة -أكبر مقبرة في صنعاء- لافتاً إلى أن الإغلاق يأتي بعد أمتلائها ولم تعد فيها مساحة كافية. ودعا المواطنين وأهالي المتوفين للتوجه إلى مقابر أخرى لدفن موتاهم، مشيراً إلى أن هناك مقابر أخرى منها مقبرتا عطان، والأحمر، ما زالتا تتواجد فيهما مساحة كافية من القبور لاستقبال جثث الموتى، حيث يأتي ذلك في ظل ارتفاع نسبة الوفيات بفيروس كورونا المستجد في صنعاء، وسط تكتم السلطات الحوثية عن انتشار الفايروس حتى اليوم.