ملفات وتقارير

الخميس - 04 يونيو 2020 - الساعة 07:23 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


قبل استشهاد المصور الصحفي نبيل حسن القعيطي مارس ناشطو حزب الإصلاح بحقه ”جريمة التحريض” وبعد استشهاده مارسوا أيضاً ”جريمة التشفي” وما بين الجريمتين كانت الجريمة الأبشع والتي تشير إليهم أصابع الاتهام بارتكابها أيضاً، وهي ”جريمة التصفية الجسدية”.

كان المصور الصحفي ”نبيل حسن” عائداً من محافظة أبين بعد أن قام بتغطية الاشتباكات المسلحة المندلعة هناك بين القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وميليشيا حزب الإصلاح التي تسعى لاجتياح المحافظات الجنوبية، وخلال رحلة العودة إلى مدينة عدن كانت حملات التحريض والتشويه من قبل ناشطي حزب الإصلاح تلاحقه أيضاً، من خلال منشورات وكتابات في مواقع التواصل الاجتماعي تتهمه بالعمالة تمهيداً لعملية اغتياله التي يتم الإعداد لها بدقة.

سياسة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في تصفية الخصوم جسدياً عبر التمهيد لجريمة الاغتيال بحملات إعلامية مكثفة تقوم على التحريض والتشويه بهدف قتل الشخصية المستهدفة معنوياً، هي السياسة التي تم استخدامها مع نبيل حسن أيضاً، حيث قاد ناشطو حزب الإصلاح حملة تحريض ممنهجة ضده، وبلا شك فالتهمة جاهزة سلفاً ”العمالة للإمارات” وهي التهمة التي تم إطلاقها على العميد ركن عدنان الحمادي وغيره قبيل اغتيالهم.

نهار الثلاثاء الماضي أقدم مسلحون على اغتيال المصور الصحفي نبيل حسن البالغ من العمر 34 عاماً، ويعمل مصوراً لوكالة فرانس برس بالقرب من منزله في مديرية دار سعد التابعة لمحافظة عدن، حيث أطلق عليه المسلحون عدداً من الطلقات النارية ليغادر الحياة متأثراً بإصابته في جريمة شنعاء مثلت جرحاً لا يندمل في خاصرة العمل الصحفي في اليمن.

غادر نبيل الحياة مخلفاً وراءه ثلاثة أطفال وزوجة حامل تنتظر المولود الرابع لأب لن يراه أبداً، كما خلف وراءه سجلاً حافلاً بالإنجازات الصحفية وأرشيفا توثيقيا منذ العام 2015 لجميع الأحداث وخاصة العسكرية صنعه مصور صحفي ما زال في ريعان الشباب.

جريمة الاغتيال ألقت بظلالها الحزينة على اليمن وخاصة عدن التي فقدت إعلامياً مميزاً كان بحق يمثل عين الناس على الحقيقة التي يريد البعض إخفاءها، وتريد عدسة كاميرا نبيل حسن غير ذلك، ولم تنحصر أصداء الحزن على المستوى المحلي فحسب بل تعدته إلى المستوى الإقليمي والعالمي من خلال ردود الأفعال التي عبرت عن حجم الخسارة التي خلفها هذا الرحيل المبكر.
السيد فيل تشيتويند مدير الأخبار العالمية لوكالة فرانس برس علق على جريمة اغتيال نبيل بالقول: "لقد صدمنا بالاغتيال غير المبرر لصحفي شجاع يقوم بعمله على الرغم من التهديدات والتخويف، من خلال عمله مع وكالة فرانس برس، على مدى السنوات الخمس الماضية ساعد نبيل في إظهار الجمهور العالمي على الرعب الكامل للصراع في اليمن، وقد تم الاعتراف بجودة عمله على نطاق واسع، يفكر الجميع في وكالة الأنباء الفرنسية في وضع زوجته وأطفاله اليوم".

صحيفة الجارديان البريطانية قالت إن جريمة اغتيال الصحفي نبيل القعيطي بعدن جاءت بعد اتهامات كثيرة وجهت له من أعضاء حزب الإصلاح، وهي كتلة مرتبطة بالإخوان المسلمين في الحكومة اليمنية، بأنه يدعم استقلال الجنوب ويؤيد المجلس الانتقالي الجنوبي، واتهموه أيضًا بتلقي تمويل من الإمارات.

منظمة مراسلون بلا حدود أدانت جريمة اغتيال المصور نبيل حسن والتي وصفتها بالجريمة الشنعاء، كما أعربت المنظمة، في بيان صادر عنها، عن أسفها على تنامي العنف الذي يطال الصحفيين في البلاد، حيث حكم الحوثيون على أربعة فاعلين إعلاميين بالإعدام في الآونة الأخيرة.

صابرين النوي، مسؤولة مكتب الشرق الأوسط في مراسلون بلا حدود قالت "إن اغتيال نبيل حسن أمر غير مقبول بتاتاً ويشكل ضربة أخرى للصحافة في اليمن، حيث بلغ الانقسام والاستقطاب الإعلامي نقطة حرجة، إلى درجة بات معها الصحفيون الهدف الرئيسي للهجمات والانتهاكات، بغض النظر عن المنطقة التي يعملون فيها".

في العام 2015 وهو العام الذي شهد اجتياح القوات التابعة للانقلابيين لمدينة عدن ومن ثم معارك تحرير المدينة، بدأ المصور الصحفي نبيل حسن العمل مع وكالة فرانس برس، كما عمل متعاوناً مع قناتي العربية والحدث، حيث عمل على تغطية الأحداث بشجاعة منقطعة النظير، من خلال اقتحامه لأخطر المناطق وتوثيق أعنف الاشتباكات لينقل ضراوة تلك المعارك للعالم أجمع.

شجاعة ومهنية المصور نبيل حسن جعلته واحداً من أبرز المصورين الصحافيين الذين وثقوا بالصورة جميع الأحداث خلال معركة تحرير عدن ولحج والضالع من ميليشيا الحوثي الانقلابية، ليرافق بعدها العمليات العسكرية ضد ميليشيا الحوثي وضد تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية في محافظات أبين وشبوة وحضرموت ومارب وتعز والحديدة.

في العام 2016 أنجز ريبورتاجا صحفيا عن معارك عدن حصل من خلاله على المركز الثاني في جائزة روري بيك العالمية.

وخلال تغطيته للأحداث في اليمن التي تعيش على صفيح ساخن منذ العام 2015 نجا المصور نبيل حسن من الموت أكثر من مرة، وأبرزها نجاته بأعجوبة من هجوم لطائرة حوثية بدون طيار على قاعدة العند العسكرية بالقرب من عدن مطلع العام الماضي، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل ستة جنود على الأقل.

وتعد جريمة مقتل المصور الصحفي نبيل حسن هي أول عملية قتل مستهدف للعاملين في وسائل الإعلام خلال فترة الحرب التي اندلعت نهاية مارس من العام 2015، على الرغم من مقتل صحفيين في ظروف أخرى خلال الحرب إما في قصف أو تفجيرات أو حوادث أخرى.