نافذة على السياسة

الأحد - 06 سبتمبر 2020 - الساعة 09:24 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


اختار المجلس الانتقالي الجنوبي منذ الوهلة الأولى لإنشائه، خط سير واضح المعالم، حظي بالتفاف شعبي واسع، أكسب الصاعد الجنوبي الجديد في الساحة السياسية شعبية ضخمة، حولته من مكونٍ حديث النشأة إلى قطب القضية الجنوبية ومحور ارتكازها في المعترك السياسي داخلياً وخارجياً.

لم يخفِ المجلس الانتقالي الجنوبي في لحظة ما أنه يواجه تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في اليمن والمليشيا الحوثية معاً، بعكس التيارات السياسية الأخرى التي ما زالت تهادن هذا التنظيم الذي يمثله حزب الإصلاح اليمني، كان الانتقالي حاسماً في هذه النقطة، وأكد مراراً أنه لن يسمح بأن تكون المحافظات الجنوبية مسرحاً لمخططات الإخوان والمليشيا الحوثية.

الشفافية في الخطاب السياسي والوضوح في الأهداف بما يلبي التطلعات في الشارع الجنوبي التزم بها المجلس الانتقالي، وسار يحقق أهدافه التي أعلنها ويواكب تطلعات الجماهير الملتفة من حواله، وفي غضون ثلاث سنوات بات المجلس الانتقالي قوة كاسحة على الأرض الملتهبة وطاولة المفاوضات السياسية.

في الحرب أثبت الانتقالي جدارته أولاً في مواجهة مليشيا الحوثي في محافظة الضالع، هنالك حيث بدأت تجارب القتال للمكون الجنوبي الجديد وأخذت تتطور بنجاح باهر، ثم تأكد الدور القتالي الفاعل للمجلس الانتقالي في معارك أبين مع مليشيات حزب الإصلاح الإخواني التي خسرت جولات الحرب رغم ترسانتها التسليحية وتعدادها البشري الذي يفوق ما لدى الانتقالي، لكن عاملي الخبرة والصمود وكذلك الإيمان بالقضية، كما يقول مسؤولو الانتقالي، كانت لصالح مقاتلي المجلس.

ما يجعل القاعدة الشعبية الجنوبية تركن على المجلس الانتقالي، هو جدراته في المواجهة، وتحويله الفعل إلى قول على الدوام، كما فعل في طرد الإخوان وتثبيت الأمن في سقطرى، وتكريس فعل الإدارة الذاتية رغم الضغوط، والظروف المحيطة.

مر عامٌ كاملٌ على محاولة اجتياح عدن من قبل الإخوان، وبطول تلك الفترة وما تخللها من محاولات تقدم مستميتة، من قبل حزب الإصلاح، إلا أن المجلس الانتقالي أظهر حالة فريدة من الصمود الأسطوري في مسرح المواجهات بمحافظة أبين، مستفيداً من خبرات ضباط جنوبيين كبار التفوا حوله، مثل جواس، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة، وكثيرين أعادوا بناء مجدهم في قتال أبين المحتدم.

عندما رأى حزب الإصلاح أن مسألة اجتياح عدن أصبحت مستحيلة وفقد محافظة سقطرى التي سيطر عليها الانتقالي وأنهى نفوذ الإخوان كلياً منها، راح يبحث عن مخرج سياسي "اتفاق الرياض"، الذي خذله الإخوان تباعاً عندما وُعدوا بالحصول على دعم تركي لاستئناف الاجتياح، لكنهم فشلوا للمرة الثانية، وبدأت مناطق نفوذهم تتناقص لصالح المليشيا الحوثية.

يفاوض الانتقالي في الرياض من موقف قوة، واستطاع حصد ثمرة تسريع اتفاق الرياض الأولى لصالحه، عندما عين الرئيس هادي محافظاً لعدن محسوباً على الانتقالي، وقبل ذلك حجم الانتقالي دور الإخوان في الحكومة القادمة، بعد أن كان الإصلاح يسيطر على قرار الحكومة والرئاسة معاً.

لم يقتصر دور الانتقالي في إضعاف نفوذ الإصلاح على الجنوب فحسب، بل حتى شمالاً سيخسر الإخوان من خلال شكل الحكومة المرتقب إعلانها والتي تنتهي معها فترة طويلة من السيطرة والاستحواذ الإخواني، كذلك باتت الأطراف السياسية اليمنية تنظر للانتقالي عاملاً جديراً بتغيير المعادلة وسحب البساط من تحت حزب الإصلاح.

في المُجمل لم يخرج كاسباً من هذه الأحداث سوى المجلس الانتقالي، تأكدت أهدافه التي أعلنها قبل أعوام والتي كان الخصوم ينظرون إليها بحالة من التهكم والسخرية، لكن مضي المجلس الانتقالي بعزيمة، جعله يصل إلى المبتغى الذي أعلنه في البداية، ويكبح أطماع الإخوان الذين كانوا ينظرون للمرحلة بأنها المناسبة للصعود، فتحولت وبالاً عليهم في نهاية المطاف.