فنون

الإثنين - 12 يوليه 2021 - الساعة 07:05 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى الثقافي/ العرب/ طاهر علوان*:


الكائنات العابرة من الفضائيين أو القادمين من كواكب ومجرات بعيدة ومجهولة لطالما كانوا حاضرين في سينما الخيال العلمي، وهم بأشكالهم الغريبة يكونون في الغالب مُصمَّمين لغرض استهداف البشر بطريقة أو بأخرى، وأحيانا كثيرة يتمّ اختطافهم ونقلهم من الأرض إلى مجرة أو كوكب آخر، وهو ما يسرده فيلم “دعنا ندخل” للمخرج كريغ موس.

يطرح فيلم الخيال العلمي “دعنا ندخل” للمخرج كريغ موس ثيمة اقتحام الشخصيات الغريبة الأرض أثناء قيام مجموعة من الأصدقاء الشباب والشابات بالاستمتاع بحفلة صغيرة قرب إحدى الغابات، فيجدون أنفسهم في مواجهة أشخاص بملامح غريبة وعيون مطفأة وفي شكل دائرة سوداء، وهم يطالبون أول شخصين يجدونهما بالسماح لهما بالولوج إلى الداخل، ولم يكن ذلك الطلب الغريب مفهوما، لكنه ينتهي غالبا بالاختطاف.

يُعيدنا الفيلم في أسلوبه ومعالجته إلى أفلام الثمانينات وموجة أفلام الكائنات الغريبة غير المؤذية الزائرة للأرض كفيلم “إي.تي” أو “الحمقى” أو “ساو” وغيرها من الأفلام، لكن الأمر يتطوّر في هذا الفيلم إلى ما هو أبعد، ألا وهو اختطاف العديد من الأطفال والمراهقين والشباب بطريقة غريبة تجعل من الصعب تعقبهم أو العثور عليهم.

تتحوّل ظاهرة الاختفاء المتكرّرة إلى شغل شاغل وتحديا للسلطات التي تُثبت عجزها في إيجاد أي تفسير للظاهرة، فضلا عن عجز في السيطرة عليها، وهو ما يزيد الأمر تعقيدا، لاسيما وأن المختفين لا يجرون أي اتصال ولا يتركون أي أثر يدلّ عليهم.

تشعر إيميلي (الممثلة ماكانزي موس) بالتعاطف بعد اكتشافها اختفاء عدد من زملائها وزميلاتها ممّا يدفعها للبحث عن أصوات مجهولة يمكن من خلالها اقتفاء أثر المُختطفين، وبذلك يتم نسج أحداث الفيلم على أساس تلك الاكتشافات البسيطة التي ستتوصّل إليها إيميلي هي وصديقها الأصغر منها كريستوفر (الممثل أونيل موناهان)، وخاصة بعد أن يزوّدهما الشاهد الوحيد على أحد حوادث الاختطاف السابقة ببرنامج يمكنهما من اقتفاء أثر الأصوات في الفضاء الخارجي.

في واقع الأمر تتّسع المشكلة وتتحوّل إلى قضية رأي عام، فيما الدراما الفيلمية برمّتها ستصمّم على أساس ذلك الفضول البسيط الذي يدفع الأولاد والصبيان إلى إيجاد حل لأصدقائهم المفقودين في وسط هلع العائلات بسبب فقدان أعزائها، بينما الشرطة تقوم بمداهمات لا تنتهي دون جدوى.
ومن هناك تبرز الأحداثُ القدرات الفردية المتميزة لإيميلي، وهي تنبش في المستحيل وتدور في دوامة غير واضحة المعالم لا تسندها سوى معلومات مشوّشة تصلها بين الفينة والأخرى من هنا وهناك، معلومات لا تساعدها كثيرا في الوصول إلى الحقيقة وهو ما يزيد من إصرارها على المضي في المهمة إلى النهاية بشكل أو بآخر.

وأما إذا نظرنا إلى الإطار الاجتماعي الممثل بمحيط الشخصيات، فإننا نستنتج بالفعل أن الشخصيات التي يعوّل عليها في الوصول إلى الحقيقة تتخبّط حائرة في إيجاد أي تفسير ممكن للظاهرة، لاسيما وأن عمليات الاختطاف في حدّ ذاتها لن تكون متبوعة بعمليات جنائية كعمليات القتل أو ما شابه.

في المقابل لاحظنا أن قصة هذا الفيلم إنما يتم بناؤها على أساس الفولكلور الشعبي وما يفترض أن يقع في ليلة الهالوين من عمليات انضمام للأطفال إلى الغرباء القادمين من كوكب آخر أو عالم آخر، وهي خلفية مباشرة ربما أوجدت للمخرج مدخلا لتقديم شخصياتها الهائمة في المجهول، لكنه واقعيا لم يضف الكثير من أجل منح الفيلم أجواء تعبيرية مرتبطة بمغامرات الغرباء القادمين إلى الأرض، وكان جلّ اهتمامه هو التركيز على تداعيات عمليات الاختطاف المجهولة والمقلقة وردود الأفعال إزاءها.

وأما إذا انتقلنا إلى الشخصيات، فقد كانت ميزة الفيلم الأساسية هي التمثيل المتميز الذي أتاح للممثلة ماكانزي موس عبر شخصية إيميلي وصديقها أونيل موناهان الذي جسّد دور كريستوفر أن يقدّما أفضل ما لديها من أداء، جعلنا نستغرق في تلك المغامرة ونحن نتابع تلك المستجدات المرتبطة بالشخصيات المجهولة.

وهو ما أقحمنا خلال ذلك في حالة من الترقب لما ستؤول إليه مهمة إيميلي في إطار من التشويق والطرافة، لاسيما وأنها تمتلك من الذكاء ما مكّنها من الوصول إلى ما عجزت الشرطة نفسها عن بلوغه في محاولاتها اليائسة للإجابة على الأسئلة المرتبطة بذلك النوع من الاختفاء الغريب الذي ليس له من تفسير واضح للوهلة الأولى.

على أننا وجدنا أن الفيلم يدور في دائرة من التبسيط في المعالجة السينمائية، بمعنى أنه اكتفى فعليا بالخلفية الميثولوجية للقصة دون التعمّق أكثر في مجتمع الغرباء والفضائيين، ولماذا مثلا اختطفوا ذلك الشاب في المشاهد الأولى، ومن ثم ما لبثوا أن أطلقوه؟

وهكذا مضت الأحداث في إطار محدود من اقتفاء الأثر والتحرّي بعيدا عن الإثارة التي يمكن أن توفّرها مثل هذه الأفلام عندما تمتزج مغامرة البحث بالمفاجآت غير المتوقعة في هكذا نوع من الدراما التي تحتمل الكثير من التحوّلات الملفتة للنظر، وخاصة بعد أن نكتشف أن الخاطفين ما هم إلاّ ثلة من الذين لا يستطيعون العيش في الضوء ولا يمكنهم سماع الأصوات العالية، ممّا يسهّل عملية تحرير الرهائن منهم بفضل إيميلي وذكائها.

* كاتب عراقي مقيم في لندن