نافذة على السياسة

الخميس - 15 يوليه 2021 - الساعة 09:11 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


يبرز حزب المؤتمر الشعبي العام بين قائمة الأحزاب السياسية اليمنية باعتباره الحزب الأكبر من حيث عدد الأعضاء والتأثير في الحياة السياسية اليمنية، ويستند في ذلك إلى عدد من المميزات التي جعلته الأوسع انتشاراً، فبالإضافة لإيمانه بمبدأ الوسطية فإن تحرر الحزب من الأيديولوجيا قد جعلته الأكثر قبولاً لدى أطياف الشعب المختلفة منذ تأسيسه في 24 أغسطس 1982م بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

غير أن الحزب الذي ظل يحكم اليمن طوال فترة حكم صالح، والتي امتدت إلى العام 2012، قد تعرض للعديد من الأزمات السياسية التي أثرت على هيكله التنظيمي، والذي تعرض للعديد من محاولات التمزيق والتفتيت والتي تقف وراءها الميليشيات الدينية المعادية لمنهج الأحزاب المدنية، والتي رأت في المؤتمر الشعبي العام خصمها الأول والمستهدف الأول لها، وهذه الميليشيات هي ميليشيا الحوثي الانقلابية وميليشيا حزب الإصلاح الإخواني.

عقب تنصيب هادي رئيساً للجمهورية بدأت الخلافات التنظيمية داخل المؤتمر بالظهور للسطح، بسبب اللوائح التنظيمية الخاصة بالحزب والتي تنص أن رئيس الجمهورية هو رئيس المؤتمر الشعبي العام، غير أن المؤتمريين كانوا أقدر على تجاوز هذه الخلافات.

في الثاني من ديسمبر 2017 أعلن الرئيس السابق علي عبدالله صالح الانتفاضة ضد جماعة الحوثي الانقلابية، وبعد يومين من إعلان صالح، كانت جماعة الحوثيين تعلن عن قتل رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح، والأمين العام للحزب عارف الزوكا.

بعد انتفاضة ديسمبر بدأت جماعة الحوثي بالاستهداف الممنهج لحزب المؤتمر الشعبي العام عبر فرض الإقامة الجبرية على قيادات الحزب المقيمة في مناطق سيطرتها ومنعهم من السفر، والاستيلاء على ممتلكات الحزب بما فيها مقراته وقناة اليمن اليوم الفضائية، والاستيلاء أيضاً على أموال الحزب.

تتويجاً لهذا الاستهداف عملت جماعة الحوثي على إنشاء قيادة جديدة لحزب المؤتمر التابع لها، وهو ما بات يعرف لاحقاً بقيادة حزب المؤتمر الشعبي العام ”جناح صنعاء”، حيث أوكلت قيادته إلى القيادي المؤتمري صادق أمين أبو راس والذي تم تعيينه على رأس جناح صنعاء في 7 يناير 2018، كما تم تشكيل قيادة تنفيذية مؤلفة من خمسة مسؤولين، وفقاً لقرارات ما تسمى باللجنة العامة للحزب التي عقدت اجتماعها تحت إشراف جماعة الحوثي.

في إطار إحكام سيطرتها على حزب المؤتمر جناح صنعاء، فإن جماعة الحوثي الانقلابية تسعى في الآونة الأخيرة إلى تعيين قيادة جديدة لحزب المؤتمر الشعبي العام الخاضع لسيطرتها، وتنصيب الشيخ حسين حازب على رأس القيادة الجديدة، وهو القيادي المقرب من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.

وما بدأته جماعة الحوثي في تفتيت حزب المؤتمر الشعبي العام استكملته جماعة الإخوان المسلمين عبر شراء الولاءات في إطار قيادة الحزب الموالية للحكومة الشرعية والمتواجدة خارج وداخل اليمن، حيث نجحت جماعة الإخوان في خلق تيار موالٍ وتابع لها داخل قيادة الحزب.

عملت جماعة الإخوان على خلق تيار مؤتمري خاضع لها يقوده القيادي المؤتمري رشاد العليمي والمقرب من الجنرال علي محسن الأحمر، حيث عمل الإخوان على تقديم الوعود لرشاد العليمي بدعم تعيينه في منصب نائب رئيس الجمهورية أو في منصب رئيس مجلس الوزراء مقابل دعم الأخير لسياسات وتوجهات الجماعة.

على النقيض من التيار المؤتمري الموالي لجماعة الإخوان تشكل تيار مناهض لسياسة الإخوان، ومتمسك بمبادئ الحزب ومدنيته وأفكاره المناوئة للتيارات الدينية، وعرف هذا التيار بخصومته الشديدة مع حزب الإصلاح، وتقاربه مع الأحزاب المدنية وتحديداً الاشتراكي والناصري والبعث، وهذا التيار يقوده الشيخ سلطان البركاني الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس النواب.

استطاع رشاد العليمي الموالي لجماعة الإخوان اختراق مؤتمر الداخل وتسخيره لخدمة التيار المؤتمري الموالي للإخوان عبر عدد من القيادات المؤتمرية، وأبرزها الشيخ عارف جامل الذي يرأس المؤتمر الشعبي العام في محافظة تعز بالإضافة إلى منصبه كوكيل للمحافظة.

تعامل الإخوان المسلمون مع الشيخ عارف جامل بسياسة الابتزاز تارة، وبسياسة العصا والجزرة تارة أخرى، وكانت المواقف هي من تحدد أي الأسلوبين -الترغيب أو الترهيب- سيستخدمه الإخوان لإخضاع جامل وتحويله إلى مجرد تابع للجماعة.

تم توريط الشيخ عارف جامل بالعديد من صفقات الفساد من خلال تعيينه مشرفاً على المكاتب الإيرادية في المحافظة، ليتم ابتزازه بعد ذلك بالاحتجاجات التي تنظمها مجاميع الإخوان بين الحين والآخر والتي تطالب بإقالة جامل، ليتواصل خضوع الأخير للجماعة وصولاً للتسليم الكامل لها.
وصل الحال بجماعة الإخوان في تعز إلى توريط القيادي المؤتمري عارف جامل لمشاركة الجماعة في البيان الانقلابي على الشرعية والذي تم إعلانه كنتاج لاجتماع ضم قيادة المحور مع الشيخ جامل، وخرج بعدد من القرارات المخالفة للقانون والتي تتضمن إنشاء جمرك وإضافة رسوم مالية وتوريدها إلى حساب باسم قيادة محور تعز لدى البنك المركزي اليمني.

جامل لم يكتف بتوريط المؤتمر الشعبي العام في المشاركة بالخطوة الانقلابية، بل ساهم أيضاً بالتوقيع باسم المؤتمر على بيان صحفي أصدره الإصلاح للدفاع عن الخطوات الانقلابية.

الناشط محمد عبدالدائم الصلاحي قال لــ”مدى برس”، إن الاستهداف الذي يتعرض له حزب المؤتمر من قبل جماعة الإخوان يعد أخطر من الاستهداف الذي يتعرض له الحزب من قبل الحوثي، فالمؤتمر في مناطق الانقلاب يدار تحت تهديد السلاح، وبالتالي فمواقف الحزب المعلنة لا تعبر عن قناعات قيادات الحزب وأعضائه في هذه المناطق، والإشكالية التنظيمية في مناطق الانقلاب ستنتهي بسقوط الانقلاب، لكن الخطر الحقيقي هو في تفتيت المؤتمر عبر شراء الولاءات في مناطق سيطرة الشرعية، وهذا ما لمسناه من خلال القيادات التي حجّمت الحزب بتاريخه النضالي ليتحول في بعض المناطق مثل تعز إلى مجرد ورقة سياسية في يد قيادة حزب الإصلاح.

ويرى مراقبون، أن قيادات المؤتمر الشعبي العام أمام تحد حقيقي اليوم في اتخاذ قرارات تنظيمية بحق كل من يستخدم الحزب ونضالاته لتحقيق مصالح شخصية، واستخدام الحزب في مزاد البيع والشراء، خاصة أن الشارع اليمني اليوم يراهن على حزب المؤتمر للدفاع عن الجمهورية واستعادة الدولة واستعادة تجربته في قيادة البلاد.