كتابات

الأحد - 24 أكتوبر 2021 - الساعة 12:56 ص بتوقيت اليمن ،،،

مدى الثقافي/ متابعات:


«المدعوة غريس» للكاتبة مارجريت آتوود والمترجمة نوف السعيدي هو عمل روائي من أدب الجريمة، استمدت آتوود أحداثه من واقع جريمة قتل وقعت في القرن التاسع عشر وشغلت الرأي العام في كندا، والولايات المتحدة وأوروبا لفترة طويلة.

إذ وصفت الصحافة الجريمة حينئذ بـ «بالانحطاط اليائس في الطبقة الدنيا». حازت آتوود على جائزة «Giller Prize» عن هذه الرواية كما تأهلت إلى القائمة القصيرة لجائزة بوكر في 1996 وتحولت الرواية إلى مسلسل تلفزيوني قصير يُعرض على منصة نتفليكس.

تبدأ الرواية مع العاملة المنزلية غريس ماركس شابة صغيرة غدت من أشهر النساء في كندا والولايات المتحدة والتي أدينت بقضية قتل في عام 1843 عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها؛ إذ تُتهم غريس بقتل سيد المنزل وعشيقته التي كانت تعمل بالمنزل، وذلك بالتعاون مع الخادم الآخر، جيمس مكدرموت. وفي حين يصدر حكم بإعدام شريك غريس في الجُرم، تُتهم غريس بالجنون وتودع في مصحة عقلية وفقاً لادعائها أنها لا تتذكر وقائع الجريمة. وتبدأ غريس في رحلة طويلة مؤلمة متنقلةً بين السجون، والمصحات العقلية وجلسات العلاج النفسي. وتزداد وتيرة الأحداث عندما يوفد الأب فرينجر الطبيب الأمريكي النفسي سايمون جوردان بهدف الاطلاع على سلامة غريس العقلية والنفسية قبل الإفراج عنها تأكيداً على قابليتها للانخراط في المجتمع من جديد.

غريس ماركس: قوة شريرة أم ضحية فقر ويأس؟

تبدأ جلسات غريس للعلاج النفسي مع د. سايمون جوردان وتغوص من خلالها الكاتبة آتوود في مكامن عقل غريس وتعود بنا إلى أحداث ما قبل الجُرم، بل ما قبل تكوّن شخصية غريس كما نعرفها؛ فتحكي غريس عن ولادتها في إيرلندا لعائلة فقيرة تُعاني من الجوع وغياب الحاجات الأساسية؛ والذي يدفع العائلة بالهجرة إلى كندا، وتتوالى بعدها الأحداث عندما تروي غريس تفاصيل عملها كخادمة، وهي لا تكاد تبلغ الثالثة عشرة من عمرها، وكم الأهوال والصعوبات التي تتعرض لها حتى وصلت إلى بيت أ. كينير حيث تلتقي هناك بمدبرة المنزل، نانسي مونتغمري، وهو المنزل التي وقعت فيه جريمة القتل الشهيرة. تثير هذه الجلسات مختلف الأفكار والتخيلات في فكر القارئ وتختلط الحقيقة بالخيال ويَصعُب معرفة ما إذا كانت غريس ماركس هي شخصية شيطانية مذنبة بقتل روحين بدم بارد أم أنها ضحية فقر مدقع وحظ سييء.

مارغريت آتوود: ما وراء الجريمة

لا تكتفي الرواية بقص الجريمة ببعدها السطحي، بل تتعمق فيما وراء الجريمة فتستعين الكاتبة بالسجلات الأصلية للسجن، وبسجلات المصحات النفسية ورسائل الأطباء، وما كُتب في الصحف. كما تدخل في مدارك الشخصيات وتتأمل التناقضات النفسية والعقلية للبشر، وتسلط آتوود الضوء على هذه التناقضات من خلال عدة عناصر في الرواية مثل الأفكار التي تراود كلاً من د. سايمون وغريس وحتى الشخصيات الثانوية، أو القرارات التي تميل لها تلك الشخصيات أو حتى من خلال تصوير أفعالهم وهواياتهم مثل خياطة غريس لأغطية السرائر الملونة؛ وعليه تأتي الرواية في شكل لغز معقد مكون من رموز ومعانِ متشابكة.

قدمت المترجمة نوف السعيدي الرواية بالعربية مستخدمةً لغةً سهلة وبسيطة كما استطاعت نقل العمل إلى العربية دون خسارة عنصر التشويق والإثارة.

من واقع الرواية:

«إذا كنت جيدة وهادئة بما فيه الكفاية، ربما يسمح لي بالرحيل في نهاية الأمر. لكن ليس من السهل أن تكون هادئاً وجيداً، إنه يشبه التعلق بحافة الجسر عند سقوطك. ظاهرياً أنت لا تتحرك، تتدلى فقط، ومع ذلك، فهذا السكون يستنزف قواك»

المصدر:البيان