صحافة

السبت - 08 فبراير 2020 - الساعة 06:32 م بتوقيت اليمن ،،،

حوار / ترجمة خاصة بـ مدى برس:


لم تكن السفيرة الهولندية لدى اليمن، إيرما فان دورين، متواجدة في مقر إقامتها الرسمي في صنعاء منذ عام ونصف، لكنها تمكنت أخيراً في الشهر الماضي من زيارة البلد الذي تُمثل دولتها فيه.

تم إخلاء السفارة منذ خمس سنوات عندما بدأت الحرب. بدأ المتمردون الحوثيون، بدعم من إيران، تمرداً ضد الحكومة التي طلبت مساعدة التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية. واصل تسعة موظفين يمنيين عملهم في السفارة الهولندية منذ ذلك الحين، في حين عاد الموظفون الهولنديون إلى لاهاي.

وتقود السفيرة بنفسها جولة من التجوال. تتواجد السفيرة بشكل رئيس في المنطقة. لديها وفريقها مكتب في وزارة الشؤون الخارجية في لاهاي، حيث تتواجد الآن. لكنها تتواجد بشكل أساس في المنطقة، حيث تتابع الوضع في اليمن عن كثب من الأردن والمملكة العربية السعودية، من بين دول أخرى.

وإلى نص ما جاء في المقابلة:

▪كسفيرة في اليمن، لماذا لا تقيمين في البلد نفسه؟

صنعاء خطيرة جداً. وعلاوة على ذلك، استولى المتمردون الحوثيون على المدينة. وعلى الرغم من أنني أتحدث إلى جميع الأطراف المتحاربة، كسفيرة، فإن الحكومة هي الطرف الرسمي في الحديث، وليست حكومة الأمر الواقع. لذلك أنا مجبر على العمل من أماكن مختلفة، من بينها الرياض في المملكة العربية السعودية، حيث يوجد جزء من الحكومة اليمنية. ولكن لدينا أيضاً مكتب في الأردن، حيث يتواجد مبعوث الأمم المتحدة لليمن هناك، بالإضافة إلى أن معظم منظمات الإغاثة التي لا تزال تعمل في اليمن لديها مكاتب إقليمية في عمان.

وعلاوة على ذلك، فإن زملاءنا اليمنيين في السفارة في صنعاء يطلعوننا بالمستجدات. نعقد اجتماعات مباشرة عبر الـ فيستايم facetime، من ثم نتصل بجميع المكاتب المختلفة. ولو كان الأمر ممكناً، لكنت بالتأكيد أذهب إلى اليمن بنفسي، غير أن الأمر ليس بتلك البساطة، يجب علي أولاً أن أحصل على إذن من جميع الأطراف المعنية.

▪هل حصلت على إذن من الأطراف الشهر الماضي للذهاب إلى اليمن لبضعة أيام؟ وما الذي لفت انتباهك عن المرة السابقة؟

لقد أصبح اليمن أفقر من المرة التي سبقتها، حيث كنت قبل عام ونصف العام هناك. في صنعاء ترى الكثير من الناس يتسولون في الشوارع، هناك نقص في كل شيء، العديد من المرافق تكاد أن تكون غير متيسرة. وفي الوقت نفسه لاحظت أن اقتصاد الحرب قد بدأ يعمل.

▪كيف يعمل (اقتصاد الحرب)؟

لقد توقفت التجارة الرسمية وتوقف تنظيمها إلى حد كبير. وهذا هو السبب وراء بدء عمل الاقتصاد الموازي غير القانوني. ازدادت أسعار السلع الشحيحة مثل البنزين والغاز زيادة هائلة، وبالتالي يمكن لعدد من رجال الأعمال وقادة الميليشيا وغيرهم من كبار المسؤولين الاستفادة من ذلك. ونتيجة لذلك، ترى مراكز تسوق وشققاً جديدة ومنازل فخمة في بعض المدن على الرغم من حالة الحرب. وهناك أناس يقودون في سيارات فارهة جداً، بل إن هناك انقساماً ثنائياً في المجتمع، حيث أصبح فيه بعض الناس أغنياء جداً والكثير من الناس أفقر مما كانوا عليه من قبل. ترى الكثير من الصدمات النفسية والأضرار النفسية والاجتماعية بعد خمس سنوات من الحرب.

▪كيف وجدت هذا؟       

عندما زرت مركزاً للدعم النفسي الاجتماعي، لقد أدركت جيداً الضرر غير المرئي الذي يمكن أن تسببه الحرب للناس. في الصباح الباكر كانت قاعة ذلك المركز مليئة بعشرات الأشخاص الذين يشكون من حالات مؤلمة، الرجال من جهة، والنساء من الجانب الآخر. كما كانت هناك رسوم للأطفال التي قاموا بها أثناء العلاج الإبداعي: طائرات تلقي القنابل، والناس يطلقون النار على بعضهم البعض.

▪حذر مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث مجلس الأمن الأسبوع الماضي من ارتفاع وتيرة العنف في اليمن. كيف لاحظت مسرح الأحداث هناك؟

عندما كنت هناك وقع هجومان كبيران من كلا الجانبين. بالقرب من مدينة مأرب، قتل المتمردون الحوثيون أكثر من مائة جندي. ووفقاً للحوثيين، كان ذلك انتقاماً لهجوم سابق شنه التحالف. جاءت هذه الهجمات بعد فترة هدوء نسبي تخللتها هجمات جوية أقل من ذي قبل. ومع ذلك، ليس لدي فكرة بأن الأطراف المتحاربة تخطط الآن للسماح بحالة (العنف) أن تتسع فعلاً، لقد فعلوا ذلك لمدة خمس سنوات، ولم يؤد ذلك إلى أي شيء. من الممكن أن يسعى أحد الأطراف من خلال الهجوم إلى تقوية موقفه إلى أحسن حال ممكن قبل إجراء مفاوضات السلام.

 ▪هل تجدين أن ذلك يمكن أن يتحقق على المدى القصير؟

لا أعتقد أن هناك قوة دفع كافية في اليمن لجر جميع الأطراف إلى المفاوضات. على الرغم من أن الكثير من هذا يحدث، فعلى سبيل المثال: جرى الدخول في هدنة في الحديدة، كما تم التوصل إلى اتفاق بشأن المنطقة الجنوبية، إلا أن تنفيذ تلك الاتفاقات بطيء وصعب للغاية.

وفي الوقت نفسه، تقول جميع الأطراف، بما في ذلك الحوثيون، إنها تريد إنهاء الحرب. لقد سئموا من الصراع، ومن الواضح للجميع أنه لا يوجد حل عسكري. ونحن نسعى بالتعاون مع سفراء من مختلف البلدان والأمم المتحدة، لتعزيز الثقة بين الطرفين. فالحوثيون، على سبيل المثال، يريدون فتح المطار مرة أخرى للرحلات الطبية والدولية، وإذا سمحت المملكة العربية السعودية بذلك، فسيكون ذلك علامة على الرغبة بذلك. غير أن المملكة العربية السعودية، بالمقابل، تتطلع أن يتوقف الحوثيون التوقف عن مهاجمة بلادهم. إذا استمر هذا الصراع خارج السيطرة، فإن المنطقة يمكن أن تصبح أكثر اضطراباً مما هي عليه من قبل.

على سبيل المثال، أجد أنه من المقلق أن أجد أن عدداً من الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة قد استفادت من الفراغ بالفعل ووسعت موطئ قدمها بشكل أكثر. وفوق ذلك، إنه لمن غير المرغوب به، وخاصة بالنسبة لليمنيين أنفسهم، أن يضطروا إلى الفرار من بلدهم، علماً بأنه يوجد الآن فعلياً 4 ملايين نازح.

▪هناك نقص في كل شيء في اليمن، وكذلك نقص في الاهتمام. لقد جرى مؤخرا تنظيم قمة دولية كبيرة حول ليبيا في برلين. لماذا لا يحدث ذلك حول اليمن؟

أتمنى أن أرى حملة كبرى تُنظم من أجل اليمن. أعتقد أن عدم الاهتمام يرجع أيضاً إلى حقيقة أنه لم يتهرب أي يمني إلى أوروبا. وهم يهربون أساساً إلى داخل البلد نفسه. ونتيجة لذلك، لم يكن لدينا سوى اتصال ضعيف مع اليمنيين، ليس كما هو الحال بالنسبة للسوريين. كما أنه بات من الصعب جداً الدخول إلى البلاد، وكل ما يصلنا هو عبارة عن حقائق متفرقة عن اليمن.

ومع ذلك، تصف الأمم المتحدة الوضع في اليمن بأنه أكبر كارثة إنسانية في الوقت الراهن. حيث بات 24 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة. وفي العام الماضي، وردت أنباء بأن المعونة واجهت صعوبة في الوصول إلى السكان.

▪كيف ذلك الآن؟

لا تزال إمكانية وصول المساعدات الإنسانية تمثل إشكالية كبيرة. ذهبت إلى مدينة الحديدة الساحلية، المكان الذي تدخل عبره المساعدات إلى البلاد، لأرى بأم عيني كيف تسير المساعدات، فوجدتها أسوأ مما كانت عليه من قبل. الحديدة هي في الحقيقة مدينة محاصرة، في كل مكان توجد حاويات وعوائق في طرق، حتى يخال لك بأن المدينة مهجورة ومدمرة. كثير من الناس فروا من القتال، والمباني في حالة خراب. لقد تضرر الميناء حرفياً من كل القصف. وهذا يصعب من الحصول على مواد الإغاثة عبر الرصيف، ومن ثم يجب إيصالها إلى البلد على متن شاحنات عبر الطرق الجبلية، من خلال المرور بأنواع شتى من الطرق الملتفة عبر خط المواجهة وحواجز الطرق. كما أن المساعدات مسيسة. في بعض الأحيان توقف الأطراف المتحاربة السفن من أجل إعطائها مقابلاً أو لا تسمح للشاحنات أن تمضي بدعوى أنها غير موثوق بها. وخلال زيارتي أكدت مرة أخرى أن الحصول على المعونة حق دولي وينبغي ألا يستخدم أبداً كسلاح سياسي.

▪هل الأطراف المتحاربة بحاجة لقليل من الإرشاد من قبل هولندا الصغيرة؟

نحن لسنا بهذا الصغر في اليمن. هولندا لديها تاريخ يمتد إلى أربعين عاماً من التعاون الإنمائي في اليمن. وألاحظ أن الأطراف المتحاربة تقدر أننا بقينا في هذه الأوقات العصيبة، بقينا لأننا نعتقد أنه من مصلحة الجميع أن يستقر الوضع، وهذا أمر يحظى بتقدير كل من المتمردين والحكومة.

ليس هناك بلدان كثيرة تقوم بتلك المباحثات التي نقوم بها نحن. بالتأكيد لا يحظى الحوثيون بزائرين دوليين في كثير من الأحيان. وكانت هذه هي المرة الأولى منذ عام ونصف العام التي يزورهم فيها سفراء أجانب، كنت هناك مع سفيري فرنسا والاتحاد الأوروبي. لقد عوملنا بكل احترام أخذتنا سيارة في أسفل سلم الطائرة وقاموا باصطحابنا من مكان إلى آخر مع مرافقين مدججين بالسلاح.

▪أنت في هولندا لبعض الوقت، فما هي وجهتك التالية؟

أسعى للسفر إلى عدن على المدى القصير جداً. حيث تحاول الحكومة الاستقرار هناك جزئياً مرة أخرى. غير أنني ما زلت بانتظار الحصول على إذن، وكذلك السلامة.



عن صحيفة -TROUW Pieternel Gruppen