صحافة

السبت - 07 مارس 2020 - الساعة 04:20 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى برس/ حوار| علي عبدالله العجري:

من الناس ما إن تسمع منه للمرة الأولى حتى تحب أن تسمعه باستمرار. ومن الكُتّاب من يأخذك إلى مداراته الإبداعية من السطر الأول..

صاحبة (رصاص وقرنفل)، (نشرة حب)، (بائعة الأمل)، الأديبة السورية ميادة مهنا سليمان من ذلك النوع الذي يأسرك بإبداعاته دوماً. تكتب الشِّعر فتجعلنا نحب الشِّعر، وتكتب القصة القصيرة فتستوقفنا السطور وما بين السطور. وإذا كتبت للطفل تكاد تجزم أنها تخاطب طفلك أنت.. بل تعيدك إلى نعومة أظفارك وأيام طفولتك البريئة. اشتغال أدبي محترف لا يقدر عليه إلا القلة. وكما نراها شاعرة وقاصة وناثرة. نطالعها أيضاً ناقدة بارعة تحلل النصوص بأدوات الخبير المتمكن. تتنقل بين فن وآخر برشاقة مميزة (بالنّسبة لي التّنقّل بين الأجناس الأدبيّة كما لو كنت فراشة أنتقل من زهرة إلى زهرة بسعادة ورشاقة).

ليس هذا فحسب، بل إن (ميادة) تنقلنا عبر نصوصها إلى سوريا وتنقل سوريا إلينا برائحة الياسمين، وصفاء وسلاسة وتدفق (بردى) وتفتّح ربيع المروج الموشاة بالزهر.

أجريتُ معها هذا الحوار عن بُعد مكانياً وعن قرب وجدانياً.. فإلى تفاصيله:

▪بداية ميادة نرجو أن تطلعي القارئ اليمني والعربي على سيرتك الذاتية؟

ميَّادة مهنَّا سليمان: من سورية
- حاصلة على دبلومِ دراسات عُليا في الأدب العربيّ من جامعة دمشق.
- أكتبُ معظم الأجناسِ الأدبيَّةِ
وقد نلت شهاداتِ تكريمٍ كثيرةً لفوزي في مسابقاتٍ أدبيَّةٍ متنوّعةٍ.
ولتحكيمي الكثير من المسابقات في مجموعات عربيّة عديدة.
- عضوٌ في الاتّحادِ الدّوليِّ للأدباءِ والشُّعراءِ العَربِ
ولديَّ دراساتٌ نقديَّةٌ في الومضة والقصّة القصيرة جدًّا، والخاطرة، والشّعر.
-أُجريَ معي حوارات صحفيَّة في أهمِّ جرائد الوطن العربيّ، بالإضافة إلى عدَّة لقاءات وحوارات تتعلَّق بالقضايا الأدبيَّة في بعض المجموعات.
- نشرَت لي مجلّاتٌ وصحفٌ سوريّةٌ، جزائريَّةٌ، عراقيَّةٌ، ليبيّة، تونسيَّةٌ، مغربيّةٌ، فلسطينيَّةٌ، مصريّة، سودانيّةٌ، يمنيّةٌ، وأردنيَّةٌ.
- مُحرِّرة في مجلَّة أقلام عربيَّة اليمنيَّة ومسؤولة عن صفحة واحة الأطفال فيها.
- أذاعت لي راديو أجيال الجزائريّة العديد من القصائد، في برنامج تقدّمه الإعلاميّة رحمة بن مدربل كلّ سبت.
وحاليًا تذيع لي الإذاعة التّونسيّة كلّ أربعاء قصائد بصوتي في برنامج رومانتيكا مع الإعلاميّة أمل قطّاري.
- من مؤلَّفاتي
(تبَّاً للقرنفلِ الأحمرِ) مجموعة شعريّة
(عنايةٌ فائقةٌ للحبِّ) مجموعة شعريّة
(رصاصٌ وقرنفلٌ) مجموعة قصص قصيرة جدًّا.
أربع مجموعات قصصيّة مشتركة عناوينها: (سنابلُ من حبرٍ) و(على ضفاف الرّافدَين) القصَّة القصيرة جدًّا (نظرة من الدّاخل)
عالم القصص القصيرة جدًّا والومضات
وثلاث مجموعات شعريَّة مشتركة أيضًا هي:
(الجنائن المعلّقة)، (شهرزاد في بغداد)، (الجزء الأوَّل من (معجم المبدعين العرب).

أحبّ الكتابة الإبداعيّة بكافّة أنواعها. منذ الصف الرّابع كنت متميّزة في كتابة مواضيع التّعبير الأدبي، وكنت أشارك بمسابقات روّاد الطّلائع في مجال التّعبير الأدبيّ. وعندما أصبحت في المرحلة الإعداديّة ازداد حبّي للغة العربيّة ولاسيّما أنّ مدرّسي هذه المادّة كانوا يمتدحونني في صفوف أُخرى فأصبحت الكثير من الطالبات تعرفنني في المدرسة ممّا جعلني أطمح لدراسة الأدب العربيّ، والحمد لله كان لي ما أردت.

بالنّسبة للكتابة الإبداعية كنت أكتب منذ طفولتي الخواطر والقصص والشّعر وكان والدي الغالي يشجّعني دوماً ويشتري لي كتباً ودواوينَ شعريّة. ونمّيت موهبتي من خلال المطالعة والاستمرار في الكتابة حتّى تعلّمت من أخطائي ومن أخطاء غيري.

▪تنوعت كتاباتك بين الشعر والقصة القصيرة والخاطرة والكتابة النقدية.. أين تجدين نفسك أكثر وهل من صعوبة في التنقل من جنس أدبي إلى آخر.. وماذا عن كتابة الرواية؟

لا أجد صعوبةً ولله الحمد، بالنّسبة لي التّنقّل بين الأجناس الأدبيّة كما لو كنت فراشة أنتقل من زهرة إلى زهرة بسعادة ورشاقة في بساتين الأدب.

أمّا المفضّل عندي هو الشّعر ولا سيّما الحديث.
بالنّسبة للرّواية أفكّر في كتابتها، لكن تتطلّب وقتًا كبيرًا حاليًا لا أملكه.

▪تطفو على كتاباتك الرمزية والاستعارات.. ما مدى تأثير ذلك على سلاسة التدفق الوجداني؟

استخدم الرّمزيّة دون إغراق فيها، كي لا أثقل النّصّ الأدبيّ، وكي لا أُنفّر القارئ، والرّمزيّة تجعل النّصوص الأدبيّة أكثر جمالًا، إذا ما أُجيد استخدامها بمهارة.

▪كتاباتك في أدب الطفل مميزة.. ما علاقة الأمومة بهذا التميز، ام أن الطفلة التي بداخلك هي التي تعبر؟

لا علاقة لأمومتي بأدب الطّفل الّذي أكتبه، فهو موهبة من الله أوّلًا، ثمّ ذكاء أدبيّ ثانيًا؛ إذ ليس من السّهل أن تكتب لطفل، وقلت سابقًا: كي تكون ناجحًا في الكتابة للطّفل عليك أن تتقمّص شخصيّة طفل، وتكتب بلغته ولسانه وحركاته وخياله، عليك أن تستعيد ذاكرتك الطّفوليّة وخيالها البريء، وتتّسم بالبساطة والوضوح والتّشويق في الكتابة.

ولكن، طبعًا، من الممكن أن تساعدني الأمومة عند الكتابة للأطفال فأستفيد من خبرتي كأمّ ومن تجربتي وحواراتي مع أولادي.

▪اشتغالك في سلك التعليم ماذا أضاف لك كأديبة وما أضافت الأديبة للتعليم؟

لا شكّ أنّ للمهنة تأثيرًا على شخصيّة الكاتب، وقد يتجلّى ذلك في بعض كتاباتي، ولا سيّما القصص فقد كتبت بعض القصص القصيرة جدًّا واستخدمت شخصيّة المعلّمة والتّلميذ كنموذَجين لشخصيّاتي. كما أنّني أكتب سلسلة قصص قصيرة عنوانها: يوميّات طالبة مظلومة.

بالنّسبة للتّعليم يفخر طلّابي بي حين يعلمون أنّني شاعرة وقاصّة حتّى أنّ بعضهم رأوا كتابًا لي كنت قد وضعته هديّة في مكتبة المدرسة ولم يصدّقوا أنّني كتبته، ظنّوا تشابه أسماء، وحين أؤكّد لهم أنّني مؤلّفته يستغربون لأنّهم غير معتادين على وجود مدرّس شاعر مثلًا بل اعتادوا أن يسمعوا بالشّعراء أو يروهم عبر وسائل الإعلام، أمّا الأمر الإيجابيّ فهو أنّهم يطلبون منّي أن أقرأ أشعاري في أوقات الفراغ وحين أنتهي يبادرونني على الفور بالقول:
لماذا أشعار كتبنا المدرسيّة ليست سلسة ورقيقة وجميلة كأشعارك؟

صراحةً أشعر بالحرج في الإجابة لأنّ معظم ما أجده في منهاج اللغة العربيّة حشوٌ وإرهاق لذائقة الطّالب وفكره.

▪من الواضح حرصك على سلامة اللغة كتابة ونحواً وصرفاً.. كيف تنظرين إلى اللغة العربية ومستقبلها في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها. منها القصور في تعليمها وتعلمها. واستغراق جيل الشباب في تكنولوجيا الرقمنة وما صاحب ذلك من تهشيم لبنية اللغة الأم؟

واقع اللغة العربيّة مؤسف جدًّا، فالجيل الحديث لا يأبه كثيرًا باللغة، والمؤسّسات المعنيّة لا تضع ضوابط وأسسًا لتحبيب النّشء بها، كما أنّ شيوع الأخطاء اللغويّة والإملائيّة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ ساهم في تردّي اللغة وتفشّي الأخطاء بسرعة كبيرة.

▪متى نرى لك كتاباً جديداً؟

بإذن الله قريبًا، أبحث عن دار نشر مناسبة. وأرجو أن أوفّق.

▪الوجع العربي يكاد يكون مشتركاً ولك قصيدة جميلة عن اليمن هل ما زال الأدب قادراً على توحيد المشاعر والقفز على الحواجز الشائكة؟

بالتّأكيد، ونحن من خلال حروفنا نقاسم الآخرين آلامهم ومشاعرهم ولا سيّما في ظلّ الواقع العربيّ المنقسم وفي ظلّ غيبوبة العرب تجاه القضايا المصيريّة لبلادهم وتفريطهم بكراماتهم.


▪أخيراً.. هل من إجابة على سؤال لم أطرحه؟

شكرًا لك أستاذ عليّ على هذا الحوار الممتع، أرغب فقط في إرفاق قصيدتي عن اليمن مع الحوار.
(إفطارٌ على الأشلاء!)
أخبرني أخي العربيّ
هل تلك البلاد الجميلة
ما زال اسمها
اليمن السّعيد؟
إن كنت تدري الجواب
فأنت مجرمٌ
وإن كنت لا تدري
فأنت أعمىً خانعٌ
يقيّدوكَ طائعًا
فتقول في ذلٍّ:
أكرمتموني
فهل من مزيد؟
أخبرني أخي..
- لا لست أخي-
كيف هان عليك قصفي؟
كيف هان عليك ظلمي؟
أنا في الدّماء غارقٌ
وأنتَ مُطمئنٌّ:
أنا في خيرٍ
أنا عن نارهم
ناءٍ وبعيد!
أخبرني يا أيّها الطّفلُ المسجّى:
هل أرعبتَ وحشًا في قصرهِ
فكان جزاؤكَ الموتَ؟
والفتكَ في أهلِكَ
الدّمارَ.. الحُطامَ ..القهرَ.. والتّشريد؟
ما ذنب تلك الأمّ الّتي
خمسًا من أبنائها فقدَت؟
وهي بين يديّ الموت
تدعو لهم: كونوا بخيرٍ!
كيف نخبرها أنّهم
هناك..
في السّماء
يلعبون.. يمرحون
يرفلون بثوبٍ جديد؟
ما ذنب تلك الأمّ الّتي
لابنتيها
دسَّتِ السُّمَّ
مخافة الذّلّ والحرمان؟
ثمّ قالت: ها قد لحقت بكما
فالموت كلّ يوم يغتالنا..
يغتال أحلامنا..
يقطع شريان الأمل..
ويذبح الوريد
آهٍ يا أيّتها -المسمّاةُ ظلمًا-
عروبةً!
كيف صار الوحشُ سيّدًا؟
يقصفنا كلّ يومْ
يقصفنا
قبل النّومِ
وبعد النّومْ
يقصفنا وقتَ الفطورِ
وقت الصّلاةِ
وقت السّحورِ!
أبِذَا يطبّقُ شرع الله
ويدّعي أنّه
المؤمنُ الوحيد؟!
بأيّ ذنب؟
بأيّ عرف؟
بأيّ دين؟
تستبيح عرضي
تسلب أرضي
دنَّسْتَ أرضَ الطّهرِ
وبيتُ الله منك بريء.