مدى الثقافي/ علي عبدالله العجري:
يصادف شهر مارس -اذار 2020 الذكرى الثانية والسبعين لاستشهاد الرئيس (النقيب) جمال جميل القائد العسكري للثورة التي قامت ضد الحكم الإمامي، في 20 فبراير 1948 وعُين على إثرها جمال جميل وزيراً للدفاع وقائداً لقوات الأمن من قبل الإمام الجديد عبد الله الوزير.
وساهم جمال جميل في الدفاع عن العاصمة صنعاء بكل بسالة أثناء حصارها من قوات الإمام أحمد حميد الدين ولكن لم يستطع الصمود لقلة الجيش وضعف الإمكانات وقوة الطرف الآخر المدعوم من القبائل، ولتخاذل عبدالله الوزير وعدم تفاعله مع الخطط العسكرية التي كان يضعها جمال جميل والقاضية بتحصين صنعاء عبر عدة نسقات وخروج الإمام الوزير إلى منطقة آمنة يجد فيها حاضنة شعبية كالبيضاء مثلاً التي كانت مؤيدة بقوة للدستوريين، وبالتالي فشلت الثورة وحكم على جمال جميل بالإعدام، وأعدم في "ميدان شرارة" (ميدان التحرير حالياً). وسمي مركز الشرطة المجاور لميدان التحرير باسمه، وكذلك المدرسة مدرسة جمال جميل.
ويذكر معاصروه أنه كان بطلاً مقداماً ذكياً وكريماً ومتسامحاً، واجه الموت بشجاعة نادرة رغم ما تعرض له من إهانة نفسية وجسدية، كما يذكر أحمد محمد الشامي في كتابه رياح التغيير في اليمن. مع أنه ضرب أروع أنواع الشهامة والفروسية في تعامله مع أسرة حميد الدين التي قامت الثورة ضدهم. وكان يناديهم بالأمراء والسادة الكرام وأنزلهم منازل فخمة ولائقة ولم يهن أياً منهم لا بالقول ولا بالعمل.
> مولده ونشأته:
ولد جمال جميل الجبوري ونشأ في مدينة الموصل شمال العراق، درس الابتدائية والإعدادية والثانوية، ثم التحق بالكلية الحربية في بغداد والتي كان اسمها المدرسة العسكرية الملكية وتخرج منها، وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة نقيب.
تعين مرافقاً لرئيس أركان الجيش العراقي بكر صدقي، وشارك في الحركة التي تزعّمها بكر صدقي ضد نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي التي انتهت بمقتل بكر صدقي، واعتقال أتباعهِ والحكم عليهم بالإعدام، ومنهم جمال جميل، غير أنّ هذا الحكم أُلغي لاعتبارات عشائرية. تعيّن بعد خروجهِ من السجن في القوات النهرية، التي كانت تجوب نهري دجلة والفرات.
> وجوده في اليمن
لما عقدت المعاهدة اليمنية العراقية سنة 1349هـ/ 1930م، واتفق الجانبان على التعاون العسكري بينهما، أرسلت الحكومة العراقية أول بعثة عسكرية إلى اليمن، مكونة من أربعة أعضاء، وهم: العميد الركن إسماعيل صفوت رئيسًا، وعضوية كلٍّ من: محمد المحاويلي، وعبدالقادر الكاظم، وجمال جميل الذي كان الغرض من إرساله إلى اليمن إبعاده عن الجيش العراقي، وقد وصلت هذه البعثة إلى اليمن يوم 25 فبراير 1939 برئاسة إسماعيل صفوت.
عمل من خلال موقعه على إدخال المدفعية في الجيش اليمني، وفتح دورات للضباط، وتحديث أساليب التدريب، حتى تشكّل فوج مدفعي نموذجي، كما عمل على زيادة مرتبات أفراد وضباط الجيش؛ محاولة منه للقضاء على ظاهرة الرشوة التي انتشرت في أوساط الجيش آنذاك.
وفي عام 1943م ألغى الإمام يحيى التعاون العسكري مع العراق وعادت البعثة العراقية إلى بغداد إلا أنَّ جمال جميل تخلف عن العودة، وفضّل البقاء في اليمن، وأقام علاقات واسعة في المجتمع من حوله سواء داخل الجيش أو لدى الأسر الكبيرة، وكان يشارك الناس أفراحهم وأتراحهم.
> في الجيش
أسند إليه بعد عودة البعثة العراقية الإشراف على الجيش المظفر، وعلى الكلية الحربية، فأتاح له ذلك التعرف على العديد من الضباط والجنود اليمنيين، وبدأ يفتح أعينهم على الواقع المزري الذي تعيشه اليمن، وكان صريحًا في ذلك حتى في المجالس العامة والاحتفالات الرسمية.
وفي بداية عام 1948 رُقي إلى رتبة عقيد وأصبح مستشار الجيش اليمني وكان في نفس الوقت على صلة قوية بشباب الضباط الأحرار الذين تلقوا التعليم العسكري في الكلية الحربية في بغداد.
ثم قاد جمال جميل الجانب العسكري في ثورة 48 وقتل الإمام يحيى بن حميد الدين وتولى عبد الله الوزير الإمامة، فيما عين جمال جميل وزيراً للدفاع والقائد العام للجيش اليمني، لكن ذلك لم يستمر سوى بضعة أشهر، حيث نجح ولي العهد الإمام أحمد في استعادة الحكم، والقبض على كل المشاركين في الحركة وعلى رأسهم الرئيس جمال جميل، وأصدر قرارًا بإعدامهم، وبسيفه الشخصي.
> وفاته
حكم عليه الإمام أحمد بالإعدام ونفذ حكم الإعدام بالسيف في شهر آذار/مارس من سنة 1948، ودفن في مقابر اليمن. لصبح واحداً من رموز النضال اليمني الخالدين.
المصدر: موسوعة ويكيبيديا