صنعاء/ مدى برس/ تقرير خاص:
كل يوم تخرج أعداد من الجنازات من جميع أحياء صنعاء، بينما تخفي سلطات الحوثي العدد الحقيقي لحالات جائحة كوفيد 19 التي يعتقد أنها ستقتل ما يقارب 50٪ من السكان في اليمن.
تقول الإحصائيات العالمية، إن نسبة الأشخاص الذين يتماثلون للشفاء من الفيروس تصل إلى 80٪ من المصابين، لكن عدد الحالات التي تتماثل للشفاء في صنعاء تقول شيئًا آخر، حيث يشير معدل الوفيات إلى كارثة غير مسبوقة.
وبحسب منظمة حقوقية يتعامل الحوثيون مع جائحة كورونا كملف أمني، وأصبح المواطنون أكثر خوفًا من الحوثيين لمعرفة أنهم مصابون أكثر من خوفهم من الجائحة نفسها، كما تقول التقارير إن العديد من الحالات في صنعاء توفيت في يوم أو يومين في ظروف غامضة.
وكشفت رابطة الأمهات المختطفين عن إصابة سجينين في السجن المركزي بصنعاء، ودعت الرابطة إلى الإفراج عن الأسرى المختطفين حيث يتركهم الحوثيون كفرائس سهلة لفيروس كورونا.
مع استمرار تكتم الجماعة على عدد الإصابات في وقت وصلت فيه نسبة أعداد الوفيات إلى 40 في المائة من المصابين في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي مقابل 30 في المائة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، أوضح فيديو مسرب تسجيل نحو 400 وفاة في صنعاء في أحد مراكز العزل.
مشافٍ تغلق أبوابها خوفاً من كورونا
أغلق مستشفى العودي بدمت أبوابه، الخميس 28 مايو/أيار، أمام المرضى عقب وفاة أحد موظفيه وطبيبة روسية، وسط مخاوف من تفشي كورونا أوساط طاقمه والمرضى المترددين عليه. وقال موقع “يمن برس”، إن مستشفى العودي بمدينة دمت بمحافظة الضالع جنوب اليمن، أغلق أبوابه عقب وفاة الممرض “محمد صالح الكنديش” وهو موظف في المستشفى، وطبيبة روسية.
وأكد المصدر إن وفاة الطبيبة الروسية جاءت بعد ساعات من وفاة الممرض محمد صالح الكنديش. هذه الوفيات أثارت مخاوف إدارة المستشفى من تفشي وباء فيروس كورونا أوساط كوادر المستشفى ومرتاديه من المواطنين دون اكتشافه ما دفعها إلى إغلاق المستشفى.
وضرب فيروس كورونا بقوة أوساط الكوادر الصحية والأطقم الطبية في اليمن؛ لعدم وجود مستلزمات وقاية أثناء مزاولتهم عملهم، ولعدم وجود أجهزة فحص وأماكن عزل للمصابين بفيروس كورونا لاكتشاف الحالات وعزلها من مخالطة المرضى، الأمر الذي أدى إلى وفاة أكثر من 6 أطباء مشهورين في صنعاء حتى يوم الجمعة 29 مايو/أيار الجاري.
وكشفت مصادر طبية، اليوم الجمعة، عن أن اثنين من أكبر مشافي العاصمة صنعاء (مستشفى الثورة ومستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا) تحولتا إلى بؤر لتفشي فيروس كورونا القاتل الخفي مع استمرار تكتم المليشيات.
أصدر مركز صنعاء الإعلامي إحصائية بعدد الحالات المصابة والوفيات بفيروس كورونا في العاصمة صنعاء والتي بلغت أكثر من 2600 حالة إصابة و320 حالة وفاة. وأوضح مدير مركز العاصمة الإعلامي عبدالباسط الشاجع أن مركز العاصمة اعتمد هذه الإحصائيات من خلال التواصل مع عدد من الأطباء في عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى مسؤولي وحفاري القبور في صنعاء نتيجة التكتم الذي تفرضه مليشيا الحوثي على الوباء منذ شهرين.
ولفت إلى أن مليشيا الحوثي اعتمدت استراتيجية التستر على أعداد الحالات المصابة بالفيروس في مناطق سيطرتها منذ البداية لاعتبارات خاصة بها. وقاموا بنشر إعلان يوم الخميس 28 مايو عن تواجد حالات في العاصمة صنعاء وغيرها من المناطق الشمالية ولم يتم ذكر أعداد الإصابات إلى الوقت الحالي. وعزت ميليشيا الحوثي وجود الإصابات إلى عدم دقة وكفاءة المحاليل التي تم تسليمها من قبل منظمة الصحة العالمية مما أثر على نتائج الفحوصات المخبرية.
وفي وقت سابق قالت مصادر في الأمم المتحدة، إن الحوثيين يحجبون نتائج الفحوصات ويبعثون لمنظمة الصحة العالمية لمن نتائجهم سلبية فقط. وأكدت مصادر أن الحوثيين قاموا ببيع فحوصات الـ(بي سي آر) لمستشفيات خاصة في صنعاء، بالإضافة إلى استغلال الحوثيين للأزمة من خلال فرض رسوم الرعاية الصحية لكوفيد 19 في مركز عزل تم فتحه مؤخراً في المستشفى الألماني في صنعاء. وأفاد مواطن أن الحوثيين فرضوا مليون ريال على كل حالة.
وقال أطباء في مستشفى خاص -متحفظين على ذكر أسمائهم- إن الحوثي يجبرهم على مخالطة المرضى دون ملابس وقاية أو إجراءات سلامة للمرضى. وأعلن الحوثي أن إفشاء معلومات عن حالات الإصابة بفيروس كورونا يعتبر جريمة أمن قومي وخيانة قد توصل إلى الإعدام.
بالإضافة إلى ذلك يستمر الحوثيون في السماح بالصلاة في جماعات في المساجد، رغم التحذيرات المستمرة ويدعون السكان إلى الذهاب إلى جبهات القتال بدلاً من الموت بوباء كورونا.
وأشار مدير مركز صنعاء الاعلامي إلى أن هناك شهادات مرعبة من قبل نشطاء ومن أهالي ومن أطباء تكشف حجم الكارثة التي تعيشها المدينة وعن حجم أعداد الوفيات بالفيروس.
وأكد حفارو قبور في ثلاث مناطق في صنعاء، دفن 320 جثة مصابة بالوباء منذ 5 مايو. وقد كان من بين هذه الجثث حالات من قيادات حوثية حيث نشرت مصادر إعلامية محلية أسماء لأكثر من عشرين مؤثرين حوثيين كانوا قد أصيبوا وتوفوا خلال هذا الشهر.
عبدالعزيز محمد، أحد سكان صنعاء، قال إنه لا يمر يوم إلا وتنتشر أخبار عن أن هناك حالات إصابة ووفيات في صنعاء لأشخاص معروفين، أو تتداول تعازيهم عبر صفحات التواصل الاجتماعي.
ولفت إلى أن ما يقارب 50% من سكان صنعاء يدركون أن هناك حالات إصابة ووفيات بكورونا ويدركون خطورته، وهناك مجموعات كبيرة من السكان الذين ما زالوا ينكرون وجود فيروس كورونا في صنعاء وينساقون وراء إعلام الحوثيين الذي أعلن فقط عن أربع إصابات مع تشافي حالتين وموت حالة واحدة.
يقول الشاجع، إن المشكلة ليست في تفشي فيروس كورونا في صنعاء، وإنما المشكلة التي يواجهها سكان صنعاء هي في التكتم الذي تفرضه المليشيا على أعداد الحالات المصابة بالفيروس، وعدم إعلانها الحقيقة للناس، الأمر الذي لا يشجعهم على اتخاذ الإجراءات الاحترازية.
وأشارت عديد مصادر إلى أن مليشيا مارست وتمارس عدداً من الانتهاكات بحق الأطباء وصلت إلى حد الترهيب والتهديد بالإعدام ومصادرة هواتفهم في عدة مستشفيات خوفاً من توثيق الحالات أو نشرها.
وحول طريقة تعامل الحوثي مع كورونا وحالة التكتم التي يفرضها، لفت مروان الغفوري إلى أن استراتيجية الحوثي المتمثلة في عدم الإعلان عن حالات كورونا مستوحاة من التجربة الإيرانية.
وأوضح أن كثيراً من الدول لديها مشكلة في المشروعية السياسية، وبالتالي تعتقد أو تنظر إلى هذا الوباء باعتباره تهديداً لاستقرار النظام السياسي، لذلك ترى أن من الأفضل إنكاره أولاً، وثانياً احتواؤه عن طريق الإنكار.
الصحة العالمية: أكثر من 110 آلاف حالة إصابة بالكوليرا في اليمن
ذكرت منظمة الصحة العالمية أن إصابات كوليرا تجاوزت 110000 حالة إلى إلى الشهر الحالي.
تثير الإصابات بالكوليرا مخاوف خطيرة حيث تواجه البلاد كارثة حقيقية بسبب انتشار كوفيد 19 في ظل البنية التحتية والصحية التي لا تزال في حالة خراب بسبب سنوات من الحرب العبثية التي شنها حلفاء إيران الحوثيون والتحالف العسكري السعودي. حيث شن الطرفان الحرب على اليمن عام 2014. وأشارت إحصائيات أن الحرب أودت بحياة أكثر من 100000 شخص على مدى الخمس السنوات الماضية.
خلال السنوات الماضية من الحرب، تم تدمير أو إغلاق أكثر من نصف المستشفيات والمراكز الصحية اليمنية من قبل المتمردين الحوثيين والذين يتم دعمهم من إيران.
يتعامل الحوثيون بشكل مريع وكارثي مع وباء كورونا، لكن هذا لا يعذر الأمم المتحدة ودول الجوار من تلبية نداء الحكومة لإنقاذ المدنيين في صنعاء حيث أعلنت الحكومة، اليوم الجمعة، أن صنعاء أصبحت مدينة موبوءة.
فهل سيهتم المجتمع الدولي بمصير اليمنيين الواقعين تحت سيطرة الحوثيين؟