مقالات


الأحد - 13 مارس 2022 - الساعة 08:53 ص

الكاتب: ادونيس الدخيني - ارشيف الكاتب



ظلت المعارك متوقفة في محافظة مأرب لشهرٍ كامل أو أكثر، باستثناء مواجهات متقطعة كانت تدور هنا وهناك. كان هذا التوقف بسبب تضاعف خسائر ميليشيات الحوثي في جبهات محافظة شبوة، وما انتجته المعركة في شبوة من خسائر ميدانية وبشرية ومعنوية بصفوف عناصرها.

اعترف زعيم المليشيات الحوثية في أحد خطاباته بتكبد ميليشياته هزيمة مذلة في محافظة شبوة التي استكمل تحريرها عمالقة المقاومة الجنوبية وتحرير مديرية حريب التي كانت تمثل قاعدة رئيسية للمليشيات الحوثية لإدارة المعارك في ريف محافظة مأرب الجنوبي وفي شبوة وخط الإمدادات الرئيسية لبقايا الإمامة الإرهابية.

لم تبنى القوات الحكومية على هذه الخسائر التي منيت بها المليشيات الحوثية لإعادة رسم المشهد العسكري في محافظة مأرب. استعادة زمام الأمور، والتحول إلى موقع الهجوم بدلًا عن الدفاع، وتحديد زمان ومكان المعركة، واستعادة المديريات التي سقطت في قبضة المليشيات الحوثية في وقت سابق. كان يمكن تحقيق ذلك، سيما وقد دخلت عناصر ميليشيات الحوثي في حالة انهيارٍ تمام، وشلت القدرات الهجومية للمليشيات ذاتها.

ما حدث هو عودة القوات الحكومية إلى الإجازة المفتوحة السابقة، إلى أن أعادت ميليشيات الحوثي الإرهابية ترتيب صفوف عناصرها واستأنفت هجوم جديد في وقت سابق من يوم السبت. سنعود الآن إلى معارك الكر والفر.

لا أحد يستطيع قراءة ما يفكر به العقل العسكري للحكومة اليمنية؟ لكن الواضح، أن هذا العقل العسكري إما أنه فاشل وفاسد يفتقر لأبسط شروط القيادة العسكرية، أو أنه لم يعد مكترثًا بالمعركة الوطنية. مضت تحولات مهمة خلال الشهرين الماضيين في المقدمة استعادة تحرير شبوة، وتصنيف مجلس الأمن الدولي ميليشيات الحوثي جماعة إرهابية، لكن القوات الحكومية لم تستفيد من هذه التحولات وتجيرها لصالح المعركة على الأرض، لتحقيق المكاسب الميدانية ومضاعفة الخسائر بصفوف بقايا الإمامة الإرهابية.

وحتى المحافظات التي اندلعت فيها المعارك، وكانت الآمال معقدوه أنها بداية لتصحيح مسار المعاركة عادت إلى حالة السبات. من حجة إلى تعز، مرورًا بالجوف. جميع جبهات هذه المحافظات توقفت، والمكاسب التي حققتها لم تستطيع الحفاظ عليها، وتلك واحدة من المشكلات التي تعاني منها القوات. لم نسمع في يوم من الأيام، أن منطقة سيطر عليها عمالقة المقاومة الجنوبية عادت المليشيات الحوثية إليها من جديدة، كانت الوحدات الهجومية تحرر، والأخرى تؤمن وتتمركز، وحتى ميليشيات الحوثي لم تفكر بالعودة إلى منطقة سيطرت عليها هذه القوات، ذلك، أنها مدركة أنها ستكون على موعدٍ من هزيمة جديدة.

سنكرر، ثمة مشكلة على المستوى القيادة العسكرية للقوات الحكومية بحاجة لإعادة تصحيح كمقدمة لإعادة تصحيح المعركة العسكرية. الميليشيات الحوثية ليست قوية كما أكدت المعارك في شبوة وقبل ذلك في الضالع، ففي هذه المناطق، لا خبراء إيرانيين ولا من حزب الله ولا أكبر قيادات المليشيات الحوثية استطاعت الصمود أمام المعارك هناك، وسرعان ما انهارت لتكشف بانهيارها، حجم المشكلة الكبيرة التي يعاني منها الهرم القيادي للقوات الحكومية الذي يفتقر للكفاءة والإرادة قبل أي شيء.

المرحلة تحتاج إلى قيادة تعي خطورتها، وقادرة على التعامل معها. وتدرك الحكومة اليمنية هذا الأمر أكثر من غيرها، أما إذا كانت تنتظر الأمم المتحدة تعيدها إلى صنعاء وتجبر بقايا الإمامة على تسليم الأسلحة ومؤسسات الدولة، فهذا الجونان بعينة.