مقالات


الخميس - 16 يناير 2020 - الساعة 12:01 ص

الكاتب: أ. فيصل الصوفي - ارشيف الكاتب


تُعتبر الأيديولوجية الدينيّة رابطة جامعة بين الإخوان المسلمين وتنظيمي داعش والقاعدة تابعته جماعة أنصار الشريعة، وباستثناء السلفية الدعوية فإنَّ كل التنظيمات السابقة حين حوَّلت هذه الأيديولوجية من دعوة إلى حركة سياسيّة، عبَّرت عن هذه الحركة بفعل إرهابي.. كان هذا يحدث باستمرار، وما يزال يحدث إلى هذه اللحظة.. وهذا شأن كل أيديولوجية دينية على أية حال. ما عدا الأيديولوجيات الدينية الإبراهيمية وغير الإبراهيمية التي شغلت وسائل الإعلام الغربية لبعض الوقت، لكنها رجعت إلى الرُّشد في نهاية الأمر لأسباب ذاتية وموضوعية معاً.

تدَّعي جماعة الإخوان المسلمين -كما في حالة حزب تجمع الإصلاح في اليمن- أنها تنبذ أساليب العنف لتحقيق أهداف سياسيّة.. والحُجة التي يقدِّمها الإصلاحيون دائماً هي أنَّ خطابهم الديني يقتصر على الدعوة للخير والإصلاح.. ويبدو للمتابع أنها حُجة ماكرة، لأن خطاب الإصلاح لا يختلف عن خطاب تنظيم القاعدة، ولا يتمايز عن خطاب تنظيم داعش.. ونزعم أنَّ لدى الإصلاحيين عذراً، لأنهم لا يقدرون على اختيار خطاب عقلاني من بين المركبات الفكرية والثقافية والسّياسية للتراث الديني.. هي عندهم شيء واحد.. ويرون أنَّ الجانب المستنير في هذا التراث يعتبر خروجاً عن عقيدة أهل السنة والجماعة التي كوَّنها رجالُ دينٍ عاديون في الماضي، وقد راقت للحكام الأُوَل بحكم أنها تخدم مصالحهم السّياسية، فصيَّروها عقيدة لكل المسلمين.

تظهر كل واحدة من الجماعات المذكورة أن لديها خصوصية معينة.. لكنا نجد أن هذه الخصوصيات تتلاشى في الظروف التي يجدون  فيها أنّ مصالحهم مهدَّدة، أو أنَّ ثمة هدفاً مشتركاً يجمع بينهم.. ففي الحالتين تجد حزب الإصلاح يتخلَّى عن مقولاته الناعمة، ويستحضر الإرهاب الفكري والحركي.. فترى كل الجماعات الإرهابية تقف إلى جانبه.. ولا عجب، فالمعروف أنَّ كل التنظيمات والمجموعات الإرهابية خرجت من بين فخذي جماعة الإخوان المسلمين.

وفقاً لنظامه الأساسي، أو دستوره الداخلي- خط الإصلاح في دستوره أنه يعتبر نفسه متميزاً عن سائر الأحزاب بجملة من الخصائص أو الخصوصيات.. وبالطبع لا يختلف عن  الأحزاب اليمنية، في كونه، مثلاً، يتبنّى رفع أو خفض الضرائب، البطالة، زيادة فرص العمل، التنظيم الإداري، الانتخابات.. و... و... و.. لا، ليس بهذه هو مختلف وله خصائص وخصوصيات(!)، وإنما هو يختلف عن هذه الأحزاب لأنه (يقوم على أساس منهج الإسلام الشامل لكل جوانب الحياة). والشامل هنا هي نفس مفهوم الشمولية.. تقرأ في المادة الثامنة من النظام الأساسي لحزب الإصلاح ما يلي: الإصلاح ينطلق في كافة نشاطه من رؤية إسلامية، ويتصدى لكل محاولات النيل من عقيدة الشعب والشريعة الإسلامية.

إن جوهر وأساس عمل حزب الإصلاح، كما حدده هو نفسه: الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في أطر الفقه الشرعي، وإذا كان لا بد من الاجتهاد، فإنّ هذا الاجتهاد يجب أن لا يخرج عن القواعد والمناهج الشرعية. وبالتالي فإنّ حزب الإصلاح يقبل فقط المؤدي للشعائر، حسن السيرة والسلوك، المقتنع بأهداف حزب الإصلاح، والذي لديه استعداد للتضحية في سبيل تحقيقها.

وبناءً على هذه القولبة التنظيمية- الحركية، ظلت الأيديولوجية الدينية لحزب الإصلاح كما هي في النظام الأساسي للحزب، بل لقد تم تعزيزها من خارجه، وذلك عن طريق القرارات والتوصيات التي كان يخرج بها الإصلاحيون في مؤتمرات الحزب، وتمثل معظم قرارات وتوصيات مؤتمرات الحزب في هذا الجانب انعكاساً للرقابة اليومية على الحالة الأيديولوجية..

لقد ظل المشاركون في المؤتمرات العامة للحزب يكلفون الهيئة العليا للحزب وأمانته العامة القيام بتطوير المنهج الثقافي لأعضاء الحزب وتعميمه عليهم لرفع مستواهم الفكري والثقافي، والاهتمام بالتأصيل الشرعي للأحداث.. وعلى أساس هذا التأصيل يجب أن يحدد مواقفه، ثم تعميم هذه المواقف على الأعضاء الجدد.. أوصوا في المؤتمر العام للحزب عام 1994 بضرورة إعادة فتح معهد الشيخ محمد بن سالم البيحاني في الجنوب (لأن عقيدة الجنوبيين ليس كما يجب).. كما أوصوا في مؤتمر فبراير 2007 بضرورة العمل لإجبار الحكومة على ترشيد ما يعرض في القناة الفضائية اليمنية ووضع حد لكل ما يتعارض مع الانتماء الأخلاقي لليمن واليمنيين! وذلك لأنَّ التلفزيون الحكومي كان بدأ بث أول حلقات مسلسل العائلة، وهو مسلسل مصري يتضمن فضحاً للجانب الإرهابي في سيرة جماعة الإخوان المسلمين.